يدخل اختفاء الدكتور وليد حسين عبد العظيم علي عامه الثامن دون أي معلومة رسمية عن مصيره، في واحدة من أطول قضايا الإخفاء القسري التي وثّقتها منظمات حقوقية مصرية خلال السنوات الأخيرة.
فمنذ مساء 18 مايو 2018، تاريخ توقيفه من قبل قوة تابعة لقطاع الأمن الوطني بحسب شهود عيان، لا يزال الغموض هو العنوان الوحيد الذي يحكم القضية، بينما تستمر الأسرة في طرق جميع الأبواب دون أن تتلقى ردًا واحدًا يبدد سنوات الرعب والانتظار.
لحظات الاختفاء… واقعة شاهدة عليها عشرات الأعين
وفق شهادات ميدانية وثّقتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد كان الدكتور وليد—الذي كان يبلغ حينها 24 عامًا—يمرّ قرب مزلقان السكة الحديد بمركز الواسطى بمحافظة بني سويف في حوالي التاسعة مساءً، قبل أن توقفه سيارة مدنية يستقلّها أفراد يعتقد أنهم تابعون للأمن الوطني.
تم اقتياده داخل السيارة وسط ذهول المارة، ثم أغلق هاتفه فورًا، لتُقطع كل وسائل التواصل معه في اللحظة نفسها، في مؤشر واضح على نقله إلى مكان غير معلوم.
ومنذ ذلك اليوم، لم يَرِد إلى الأسرة أو المحامين أي رد رسمي بشأن مكان احتجازه أو وضعه القانوني، رغم تعدد البلاغات المقدمة للنيابة العامة والمجلس القومي لحقوق الإنسان والجهات الأمنية.
ثماني سنوات من الإنكار.. وملف قانوني خالٍ من الإجابات
رغم أن القانون يلزم الجهات المختصة بالكشف عن أماكن الاحتجاز وتمكين ذوي المختفين من التواصل مع ذويهم ومحاميهم، إلا أن وزارة الداخلية—بحسب الأسرة—واصلت إنكارها الكامل لمسؤوليتها عن احتجازه.
وتؤكد الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن القضية تمثل انتهاكًا صارخًا لعدد من الالتزامات الدستورية والدولية، أبرزها:
- الحق في الحرية والأمان الشخصي
- حظر الإخفاء القسري
- الحق في التواصل مع الأسرة ومحامٍ
- الحق في العرض على جهة تحقيق مستقلة
ورغم السنوات الطويلة، لم تُجرَ أي تحقيقات فعّالة تكشف حقيقة ما حدث منذ لحظة القبض عليه وحتى اليوم.
أسرة ممزقة.. وزوجة واجهت الغياب وحدها
لم تتوقع زوجة الدكتور وليد أن آخر مكالمة بينهما مساء ذلك اليوم ستكون بداية رحلة قاسية امتدت لثماني سنوات.
كانت وقتها حاملًا في طفلهما حمزة، الذي جاء إلى الدنيا بعد شهور من اختفاء والده، ولم يره يومًا حتى الآن.
اليوم، يبلغ حمزة ست سنوات، يعيش سنواته الأولى دون أب، بينما تقف والدته عاجزة عن تقديم إجابة واحدة على أسئلته المتكررة: "بابا فين؟"
تصف الأسرة حياتها بأنها “متوقفة”، فغياب الأب ترك فراغًا نفسيًا وماديًا واجتماعيًا لا يمكن تعويضه، بينما تعيش والدة وليد سنوات الشيخوخة بين بيوت المسؤولين والمحامين بحثًا عن بصيص أمل.
نداءات متكررة.. وصوت لا يزال يبحث عن العدالة
تجدد الأسرة والشبكة المصرية لحقوق الإنسان مطالبتهما للسلطات المصرية بـ:
- الكشف الفوري عن مكان احتجاز الدكتور وليد
- تمكينه من الاتصال بذويه ومحاميه
- ضمان حصوله على حقوقه القانونية
- الإفراج غير المشروط عنه، لعدم وجود أي سند قانوني لاحتجازه
كما تدعو منظمات المجتمع المدني إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف، يضمن محاسبة كل من تورط في واقعة الإخفاء، التزامًا بالدستور والمعاهدات الدولية التي تحظر الإخفاء القسري بشكل قاطع.

