شهدت حدائق المنتزه بالإسكندرية توقيع اتفاقية جديدة لإطلاق نادٍ رياضي واجتماعي ضمن موقعها التاريخي، بين نادي مونت سبورت المنتزه ونادي GBS، بحضور قيادات رياضية ورجال أعمال، وبدعم من فندق ريكسوس.
أثار الإعلان تفاعلاً واسعًا بين مرحّب بالتوسّع الرياضي الموجّه للشباب وذوي الهمم، ومتحفّظ على تأثير المشروع على البيئة والهوية التاريخية للحديقة، في ظل حديث متزايد عن تجريف مسطحات خضراء لإنشاء المنشآت الجديدة.
تفاصيل الاتفاقية ومراسم التوقيع
تم توقيع الاتفاقية في فندق السلاملك التاريخي داخل المنتزه، بحضور رئيس نادي مونت سبورت شريف يونس، ورئيس نادي GBS يحيى عبد الفتاح رجب.
ووفق البيانات الصادرة، يهدف المشروع إلى إقامة نادٍ رياضي واجتماعي يقدم ثماني ألعاب متنوعة للشباب وذوي الهمم، مع استضافة بطولات وأنشطة دورية لتوسيع قاعدة ممارسة الرياضة في الإسكندرية.
ولم يُعلن عن مشاركة أي جهة حكومية كطرف رسمي في الاتفاقية، ما جعل المشروع يبدو شراكة خاصة داخل نطاق عام ذي طبيعة تاريخية.
تجريف المسطحات الخضراء يثير القلق
أثار المشروع الجديد داخل حدائق المنتزه مخاوف بيئية وشعبية متزايدة بسبب تجريف أجزاء من المسطحات الخضراء لإقامة المنشآت الرياضية، في منطقة تُعد من آخر المساحات الطبيعية الواسعة المتبقية على ساحل الإسكندرية الشرقي.
وتعود هذه المخاوف إلى السوابق التي شهدها الموقع منذ عام 2019، عندما أُزيلت مساحات من الأشجار القديمة ضمن أعمال تطوير أثارت آنذاك موجة استنكار واسعة.
ويخشى مراقبون أن يؤدي المشروع الحالي إلى استمرار النهج ذاته، عبر إزالة أجزاء من الغطاء النباتي التاريخي لصالح ملاعب ومنشآت إسمنتية.
ورغم التأكيدات الرسمية بأن "التطوير يراعي البيئة"، لم تُنشر أي دراسة تقييم أثر بيئي تُظهر بوضوح حجم المساحات التي تم تجريفها أو كيفية تعويضها.
ويرى مختصون أن هذه الخطوات تهدد التوازن البيئي داخل المنتزه، الذي طالما اعتُبر أحد الرئات الخضراء لمدينة الإسكندرية. كما يُخشى أن تُغيَّر معالم الحديقة التاريخية التي تمتد على مساحة تقارب 370 فدانًا، كانت تُعرف بتنوع نباتاتها وهدوئها الفريد.
الجهات المشاركة ودور مجموعة رجب
برز اسم يحيى عبد الفتاح رجب، رئيس نادي GBS، كأحد الشركاء الأساسيين في المشروع. ويُعرف رجب بانتمائه لعائلة رجب، التي تمتلك تاريخًا طويلاً في الاستثمار الزراعي والصناعي من خلال مجموعة رجب و"مزارع رجب" التابعة لشركة النوبارية للتنمية الزراعية.
ورغم أن المشروع لم يُعلن كاستثمار تجاري مباشر للعائلة، فإن ارتباط الاسم يعكس دخول رؤوس أموال خاصة في مشروعات ذات طابع ترفيهي داخل مواقع تراثية، ما يثير جدلًا حول طبيعة العلاقة بين الاستثمار والملكية العامة في مثل هذه المواقع.
نقاط غامضة بحاجة إلى توضيح
ما تزال هناك عدة تساؤلات مطروحة دون إجابات رسمية، من أبرزها:
- ما طبيعة التراخيص الممنوحة لإقامة النشاط الرياضي داخل نطاق المنتزه التاريخي؟
- ما المساحة التي جُرفت من المسطحات الخضراء لصالح المشروع؟
- هل أُجريت دراسة بيئية رسمية تقيّم الأثر المحتمل على النباتات والتربة والمشهد العام؟
- من الجهة المسؤولة فعليًا عن الرقابة على النشاط الرياضي والاجتماعي داخل الحدائق؟
غياب هذه المعلومات عن الساحة الإعلامية يعمّق المخاوف بشأن ما إذا كانت هذه المشروعات التوسعية تُنفّذ بمعايير شفافة أم تُدار في إطار من الغموض الإداري.
تُمثل الشراكة الجديدة بين نادي مونت سبورت المنتزه ونادي GBS مشروعًا طموحًا من الناحية الرياضية، لكنها تفتح في الوقت نفسه ملفًا حساسًا حول حماية البيئة والتراث التاريخي في مدينة الإسكندرية.
فبينما يُرفع شعار "التطوير"، تشير الوقائع إلى أن أجزاء من الخُضرة والذاكرة البصرية للمدينة تُستبدل بالمنشآت والملاعب.
وفي ظل غياب توضيحات رسمية حول حجم التجريف وأثره البيئي، يظل التساؤل مطروحًا: هل يمكن تحقيق التنمية الرياضية دون التضحية بما تبقّى من المساحات الخضراء التي شكّلت جزءًا من روح الإسكندرية على مدى قرن كامل؟

