انتقد مارك لافي الكاتب بصحيفة "جيروزاليم بوست"، تجاهل كل من مصر والأردن في الأحاديث الجارية بشأن الترتيبات المستقبلية في غزة. 

 

وقال في مقال نشرته الصحيفة: لقد سمعنا خبراء يتحدثون عن تركيا وقطر وإيران والإمارات العربية المتحدة والسلطة الفلسطينية، بل وحتى عن قوة دولية لإعادة إعمار غزة وحكمها. هناك تحليلات كثيرة حول فوائد، ولكن الأهم من ذلك، مخاطر، تولي أي من هذه الأطراف دورًا قياديًا في غزة بعد الحرب".

 

وأضاف: "هؤلاء الخبراء يغفلون عن أمرٍ بديهي - جارتا إسرائيل وشريكتاها في السلام، مصر والأردن. وهذا يجعلني أتساءل إن كانوا قد زاروا هذه الزاوية من الشرق الأوسط من قبل. في المقابل، أكتب كصحفي غطّى المنطقة ميدانيًا لخمسة عقود، والجدير بالذكر أن لديّ خبرة واسعة في التغطية الإعلامية في مصر والأردن. حتى أنني عشت وعملت في مصر لمدة عامين خلال الربيع العربي".

 

واستدرك لافي: "إذن، أين مصر والأردن من كل سيناريوهات غزة هذه؟ إنهما حليفتان طبيعيتان لإسرائيل في صراعها ضد حماس في غزة والإخوان المسلمين في المنطقة. لكن المحللين إما يتجاهلونهما، أو الأسوأ من ذلك، يُضللون باستنتاجات كهذه: ويجب على مصر أن تفتح حدودها وتسمح بدخول مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من غزة. يتعين على الأردن... حسنًا، أن يملأ الفراغ بأي عدد من المطالب غير القابلة للدفاع عنها، بدءًا من استيعاب سكان غزة وحتى دعم إسرائيل علنًا في كل أفعالها".

 

ملك الأردن

 

وأردف الكاتب: "لنأخذ الأردن أولاً، لأنه أسهل. أي صيغة تبدأ بـ "على ملك الأردن عبد الله الثاني..." مُضللة أو مُضللة. إنها مسألة مفاهيمية. هنا، على الجانب الأقوى من السياج، لدينا هذه الفكرة القائلة بأن الملك عبد الله يستطيع أن يفعل ما يشاء. فهو في النهاية ملك. لذا، لا يوجد سبب يمنعه من أن يكون في طليعة العالم العربي في دعم إسرائيل. وإلا فلماذا تُبرم إسرائيل معاهدة سلام مع الأردن؟".

 

وأكمل: "في الواقع، الأردن بلد صغير وفقير، صحراء في معظمها، يحكمه شريحة من مجتمعه، وهم الهاشميون. يواجه الملك عبد الله تحديات اقتصادية وسياسية تكاد تكون غير مفهومة. إن صموده يُعد إنجازًا بالنسبة له. على سبيل المثال، في ذروة الحرب الأهلية الأخيرة في سوريا المجاورة، كان الأردن يستضيف حوالي مليون لاجئ بدعم محدود من الخارج. وقد أُعيد الكثيرون إلى وطنهم في هذه الأثناء، لكن العبء الاقتصادي لا يزال قائمًا".

 

واستطرد لافي: "الأهم من ذلك هو التحدي الذي يمثله الفلسطينيون وتطرفهم المتزايد. غالبية سكان الأردن فلسطينيون. من المستحيل الحصول على أرقام دقيقة، لأن حكام الأردن، لأسباب واضحة، لا يريدون الاعتراف بمدى خطورة وضعهم الديموغرافي. أفضل التقديرات، وربما تكون منخفضة، هي 60 بالمائة".

 

ووصف الكاتب، البرلمان الأردني بأنه "ذو توجه إسلامي قوي، ويخضع لتأثير الإخوان المسلمين. وهنا، بالمناسبة، يكمن الرد على مقولة "الأردن هو فلسطين"، وهي أن يُطاح بالملك ويتولى الفلسطينيون زمام الأمور، ما يجعل الأردن "دولة فلسطينية" ويترك الضفة الغربية لإسرائيل. هذا يعني دولة إخوانية كاملة، ذات سيادة وحدود مشتركة وحلفاء متطرفين، بجوار إسرائيل. هذا ما يعارضه الملك عبد الله".

دور الأردن في غزة 

 

ومضى قائلاً: "لا يمتلك عبد الله أيًا من صفات والده الجذابة. من غير الواقعي أن يُطلب من عبد الله القيام بأكثر مما يفعله حاليًا - الحفاظ على تنسيق أمني هادئ مع إسرائيل. قد يأتي الوقت الذي يستطيع فيه الأردن القيام بدور فاعل في إحياء غزة، لكنه لن يكون قائدًا. لا يمكنه أن يكون قائدًا".

 

تهديد لنظام السيسي

 

فياما يتعلق بمصر، أشار الكاتب إلى "سجن السيسي آلافًا من نشطاء الإخوان المسلمين، مما أثار استنكارًا متوقعًا من منظمات حقوق الإنسان في الغرب. إلا أن إطلاق سراحهم من شأنه أن يزعزع استقرار نظامه".

 

وتابع: "أضف إلى ذلك تأثير فتح الحدود والسماح بدخول مئات الآلاف من سكان غزة، الذين يعيشون تحت تأثير فرعهم من جماعة الإخوان المسلمين، حماس، منذ جيل. من المؤكد أن ذلك سيُعرّض نظام السيسي العلماني للخطر".

 

كراهية الفلسطينيين

 

ورأى الكاتب أن "هذا هو المكان المناسب للاعتراف بأنه على الرغم من عقود من التظاهر بالولاء للقضية الفلسطينية، فإن الفلسطينيين لا يحظون بشعبية في العالم العربي. وهذا ليس مفاجئًا، بالنظر إلى أن الفلسطينيين قد خالفوا التاريخ مرارًا وتكرارًا - دعموا ألمانيا النازية، والطاغية العراقي صدام حسين، وتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية، والآن إيران".

 

وذكر الكاتب أنه وقتما كان يعمل في وكالة أنباء رائدة في القاهرة، قابل أشخاصًا من مختلف الأطياف. وأضاف: "كان هناك مصوران إخباريان فلسطينيان ضمن فريق العمل. كنت أعرفهما من مكتب القدس، وكانا في الأساس شخصين طيبين ومصورين بارعين. لكنني كنت الوحيد في المكتب الذي كان يتحدث إليهما. تجاهلهما المصريون".

 

وأوضح أن "النتيجة النهائية لمطالبة مصر والأردن بالمساعدة في حل مشكلة غزة بفتح حدودهما قد تكون قيام دولتين ذات سيادة، يهيمن عليهما الفلسطينيون، تحت سيطرة الإخوان المسلمين، بجوار إسرائيل. ومن شأن هذا التطور أن يجعل الإسرائيليين يحنون إلى الأيام الخوالي، حين كان كل ما عليهم التعامل معه هو غزة وحماس".

 

وأضاف الكاتب متسائلاً: "فماذا يمكن للأردن ومصر أن يفعلا إذن؟ الكثير. كانتا أول دولتين عربيتين توقعان معاهدات سلام مع إسرائيل قبل عقود. لكل منهما مجالات تعاون واسعة مع إسرائيل لا يرى أيٌّ منهما ضرورةً للإعلان عنها. كلاهما مُهددٌ من قِبل جماعة الإخوان المسلمين من جهة، والتطرف الإيراني من جهة أخرى. وكذلك إسرائيل. لذا، فإن الشراكة بينهما أمرٌ طبيعي".

 

وأوضح: "قد تتخذ مشاركتهما أشكالًا مختلفة. على سبيل المثال، تمتلك مصر والأردن جيوشًا مدربة تدريبًا جيدًا بأسلحة أمريكية. وقد تتطور أدوارهما مع مرور الوقت".

 

وفي الوقت نفسه، رأى أنه "سيكون من الحكمة أن تأخذ إسرائيل مصالح مصر والأردن في الاعتبار عند التعامل مع غزة، حتى لو كان ذلك يعني مجرد خدمة لفظية لحل الدولتين الذي رفضه الفلسطينيون أنفسهم مرارًا وتكرارا، والذي لا يريده الأردن ولا مصر في الواقع".

 

وختم الكاتب: "وسيكون من الحكمة لنا جميعًا، "الخبراء"، أن نخفف من مطالبنا وتوصياتنا وانتقاداتنا لأقرب شركاء إسرائيل في السلام".

https://www.jpost.com/opinion/article-873123