جددت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إدانتها لاستمرار الحبس الاحتياطي غير المبرر للمهندس محمد عمر، على الرغم من إصابته بشلل نصفي كامل وحاجته الماسة إلى رعاية طبية مستمرة.

 

ويحتز عمر منذ أكثر من ثلاث سنوات بسجن العاشر من رمضان "تأهيل 6" على ذمة القضية رقم 1977 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا. 

 

ففي الرابع من نوفمبر 2022، قامت قوة من جهاز الأمن الوطني بمحافظة الشرقية باقتحام منزل المهندس محمد عمر بمدينة العاشر من رمضان، واعتقاله تعسفياً، قبل أن يُعرض لاحقًا على نيابة امن الدولة العليا بتهم الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون ونشر أخبار كاذبة، ليُصدر قرار بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات، دون وجود أي سند قانوني أو أدلة مادية تدعم الاتهامات الموجهة إليه.

 

وقالت الشبكة المصرية، إنه على الرغم من حالته الصحية الحرجة، إذ يعاني من شلل نصفي يجعله عاجزًا عن الحركة بشكل كامل ويعتمد اعتمادًا كليًا على المساعدة والرعاية، أقدمت قوات الأمن على احتجازه وإخفائه قسريًا لفترة قبل ظهوره أمام النيابة، في انتهاك واضح للقانون والدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

 

وتتضاعف مأساة المهندس محمد عمر باختطاف نجله عمرو محمد عمر، الطالب بكلية الهندسة، والذي يواجه الإخفاء القسري للعام السابع على التوالي، منذ اعتقاله في 8 يوليو 2019، رغم توثيق الأسرة لحادثة اعتقاله التعسفي وشهادة والده على الواقعة.

 

اعتقال نجله

 

وفي رسالة مؤثرة كتبها المهندس محمد عمر قبل اعتقاله، وثّق فيها لحظة اختطاف نجله، قال:

 

"كنا في طريقنا إلى أسيوط، وقبل الوصول بدقائق كان ابني يسألني إن كنت بحاجة لأي شيء لأنه كان يعتني بي لكوني مصابًا بشلل نصفي وأجلس على كرسي متحرك. فجأة حاصرته مجموعة من رجال الأمن وقيدوه وغطوا عينيه ونزلوا به من القطار".

 

وأضاف: "بحثت عن شخص يساعدني في النزول من القطار حتى جاءت ابنتي إلى محطة الجيزة لمساعدتي، لكننا فوجئنا بمجموعة من الأمن يحيطون بنا ويأخذونني أنا وابنتي إلى قسم الجيزة، وهناك أجروا تحقيقًا معنا وسألونا عن مكان عمرو رغم أنهم اعتقلوه قبلها بساعات قليلة. بعد انتهاء التحقيق أطلقوا سراحنا، لكنهم عادوا في اليوم التالي إلى منزلنا بحثًا عنه".

 

واعتبرت الشبكة المصرية، أن هذه الشهادة تمثل دليلاً إنسانيًا وقانونيًا على جريمة الاختفاء القسري التي طالت الطالب عمرو محمد عمر، رغم البلاغات المتكررة التي قدمتها الأسرة إلى النائب العام للمطالبة بالكشف عن مصيره، والتي قوبلت جميعها بالصمت والتجاهل من الجهات المعنية.

 

ظروف احتجاز لا إنسانية 

 

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، عانى المهندس محمد عمر من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، إذ وُضع بداية في زنزانة مكتظة بسجن “أبو زعبل 2”، لا تتجاوز المساحة المخصصة فيها للفرد 50 سم، وهو وضع لا يُحتمل حتى للأصحاء، فكيف بمن يعاني من شلل نصفي؟!

 

وقد اضطر إلى رفض حضور جلسات تجديد حبسه بسبب مشقة التنقلات وعدم توافر وسائل نقل طبية مناسبة، مطالباً بتوفير سيارة إسعاف، ليُجبر لاحقاً على الانتقال داخل حافلة مغلقة غير مهيأة لحالته الصحية.

 

وعلى الرغم من أن معظم المتهمين في القضية ذاتها حصلوا على قرارات بإخلاء السبيل، لا يزال المهندس محمد عمر رهن الاحتجاز التعسفي، في ما يبدو أنه عقاب على مطالبته بالكشف عن مصير ابنه المختفي قسرياً

 

وطالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المهندس محمد عمر، وتمكينه من تلقي الرعاية الطبية اللازمة،  وبالكشف العاجل عن مصير الطالب عمرو محمد عمر.

 

وحملت كلاً من النائب العام ووزير الداخلية المسؤولية الكاملة عن سلامته الجسدية والنفسية.، وبوقف كافة أشكال التنكيل بالسجناء، وخاصة ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، وضمان معاملتهم بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.وبفتح تحقيق عاجل ومستقل في وقائع الاعتقال والإخفاء القسري ومحاسبة المسؤولين عنها.

 

وأكدت الشبكة المصرية ان استمرار معاناة هذه الأسرة — التي فقدت الأب قيد الاعتقال والابن قيد الإخفاء — يمثل انتهاكًا صارخًا لكل الأعراف القانونية والإنسانية، ويستدعي تدخلاً عاجلاً من السلطات المصرية والمجتمع الدولي لوضع حد لهذه المأساة الانسانية.