في قلب القاهرة، وفي وضح النهار، انطلقت رسالة جريئة ومباشرة من شباب مصر، تحدى أصحابها كل خطوط الخوف الحمراء التي حاول نظام عبد الفتاح السيسي رسمها على مدى سنوات. تحت اسم رمزي هو "GenZ002"، وجه جيل جديد من الشباب المصري خطاب اتهام شاملاً لقائد الانقلاب، لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتناولها، معلنًا بوضوح: "مش خايفين منك!". هذه الرسالة ليست مجرد تمتمات غاضبة، بل هي بيان سياسي متكامل يعكس وعيًا عميقًا بحجم الكارثة التي وصلت إليها البلاد، وإعلان صريح بأن زمن الصمت قد ولى.
مش خايفين
وعبر النشط أنس حبيب على رسالة الشباب التي كتبوها على الحوائط في قلب القاهرة أن شباب مصر "بيقولوا للسيسي بكل وضوح : مش خايفين منك! ".
وتابع أن الرسالة محواها أنك يا سيسي "فقرت الناس وتعّبت وصعّبت حياتهم ، الجنيه مبقاش جنيه! البنزين والسولار غلي والحياة بقت مستحيلة! ، شباب مصر بيموت في البحر ويسيب البلد واللي بيعيش منهم بيفضل طول حياته عنده عقد وتراوما من العذاب اللي شافه!.. ده طبعًا غير الخيانة والعمالة للأمريكان والصهاينة! "
وأردف "اللي بيقولك لا كفاية ظلم وفساد وخيانة بتحبسه وتدمر حياته وكل ده عشان بس قال لا كفاية! "
واسترسل "عشان كده بنقولك لحد هنا وكفاية! كفاية فقر! كفاية ظلم! كفاية خيانة! كفاية قتل في الناس وقتل امالهم وأحلامهم! عايزين نشوف أهلنا وصحابنا عايشين حياة محترمة زي بلاد العالم والناس وزي ما شوفناهم برا في كل البلاد اللي عشنا فيها واتفسحنا فيها! ".
واختتم "جيل Z بيستعد، بيتثقف، بيسمع من بعضه ويتعلم وبيعرف إنه مش لوحده وقادر يعمل كتير وكتير اوي وعنده الخبرات والقدرات اللي تخليه مش بس يغير الفساد والظلم لا.. ده كمان يقود البلد ديه لمستقبل أفضل ومشرق له وللأجيال الجاية!".
عاجل!! من قلب شوارع القاهرة وفي عز الضهر GenZ002!
— Anas Habib (@AnasHabib98) October 17, 2025
شباب مصر بيقولولك بكل وضوح : مش خايفين منك!
فقرت الناس وتعّبت وصعّبت حياتهم ، الجنيه مبقاش جنيه! البنزين والسولار غلي والحياة بقت مستحيلة! ، شباب مصر بيموت في البحر ويسيب البلد واللي بيعيش منهم بيفضل طول حياته عنده عقد وتراوما… pic.twitter.com/23pIcVyvpe
الحياة أصبحت مستحيلة
هذه الكلمات التي صاغها أنس حبيب تضع يدها مباشرة على الجرح الأعمق الذي يعاني منه كل بيت في مصر: الانهيار الاقتصادي الكامل. فقرار نظام السيسي الأخير برفع أسعار الوقود للمرة الثانية خلال عام 2025، والذي رفع سعر لتر بنزين 92 إلى 19.25 جنيهًا والسولار إلى 17.5 جنيهًا ، كان القشة التي قصمت ظهر البعير.
فمن خلال رؤية أنس فإن هؤلاء الشباب يرون أن هذه الزيادات ليست مجرد أرقام في بيانات حكومية، بل هي السبب المباشر في أن "الحياة أصبحت مستحيلة" وأن "الجنيه لم يعد جنيهًا". إنهم يرون بأعينهم كيف أفقرت سياسات السيسي الناس وجعلت الحصول على أبسط متطلبات الحياة معركة يومية، في حين تزداد الهوة بين معاناة الشعب وبذخ السلطة.
موت وفرار من جحيم الفقر
وبحسب أنس فإن نقد الشباب لا يتوقف عند الأزمة الاقتصادية، بل يتجاوزها إلى الجروح الاجتماعية العميقة التي خلفها النظام. فظاهرة "الموت في البحر" وهجرة الشباب المحفوفة بالمخاطر لم تعد مجرد خبر عابر، بل أصبحت، في نظرهم، نتيجة حتمية لقتل النظام لآمالهم وأحلامهم. إنهم يرون أن السيسي لم يفقر الناس ماديًا فحسب، بل زرع في نفوس من بقوا على قيد الحياة "عقدًا وصدمات نفسية" جراء العذاب الذي شاهدوه. وهذا الشعور باليأس هو ما يدفعهم إلى إلقاء أنفسهم في المجهول، هربًا من واقع مرير لا يرون فيه أي مستقبل.
خيانة وعمالة للأمريكان والصهاينة
ويتابع أنس أن دائرة الاتهام تتوسع لتشمل ما يعتبره الشباب "خيانة وعمالة للأمريكان والصهاينة". هذا الاتهام يعكس شعورًا متناميًا بأن سياسات السيسي الخارجية لا تخدم المصلحة الوطنية، بل ترهن قرار مصر وسيادتها لقوى خارجية، مقابل الحصول على غطاء سياسي ودعم مالي يبقيه في السلطة. وفي المقابل، يتم التعامل بقبضة حديدية مع أي صوت وطني معارض في الداخل. فكل من يجرؤ على قول "لا للظلم والفساد والخيانة" يكون مصيره السجن وتدمير حياته، وهو ما يؤكد، من وجهة نظرهم، أن هذا النظام لا يحارب أعداء الوطن، بل يحارب أبناءه.
الأهم في هذه الرسالة هو نبرة الأمل والقوة التي اختتم بها أنس رسالته معبرا عن هؤلاء الشباب أنهم لا يكتفون بالنقد، بل يعلنون أنهم يستعدون للمستقبل. "فجيل Z يستعد، يتثقف، يسمع من بعضه ويتعلم". إنهم يدركون أنهم ليسوا وحدهم، وأنهم يملكون من الوعي والخبرات والقدرات ما يؤهلهم ليس فقط لتغيير هذا الواقع الفاسد، بل لقيادة مصر نحو مستقبل أفضل. إنها ليست مجرد رسالة غضب، بل هي إعلان ميلاد قوة تغيير جديدة، تؤمن بأن مصر تستحق حياة "محترمة" تليق بها وبأهلها، وتؤمن بقدرتها على تحقيق هذا الحلم. إنها صرخة تقول بوضوح: "لحد هنا وكفاية!".