شهدت الساعات الأخيرة حالة من الغضب العارم في الأوساط الحقوقية والدبلوماسية، بعد تداول مشاهد صادمة لاعتداء موظفين بالقنصلية المصرية في نيويورك على متظاهرين مصريين خرجوا للتنديد بالسياسات القمعية للنظام المصري، في واقعة

اعتُبرت سابقة خطيرة تُسيء لصورة الدولة المصرية أمام العالم وتفتح الباب أمام مساءلات قانونية ودبلوماسية.
 

حادثة نيويورك: تفاصيل صادمة
الحادثة وقعت أمام القنصلية المصرية في نيويورك، حين تجمّع عدد من المصريين المقيمين هناك للتعبير عن رفضهم لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، لكن المفاجأة كانت في الطريقة التي تعامل بها موظفو القنصلية مع الاحتجاج السلمي؛ إذ أظهرت مقاطع الفيديو قيام أشخاص يُعتقد أنهم من طاقم القنصلية بالاعتداء الجسدي واللفظي على المتظاهرين، بل وصل الأمر إلى اختطاف شاب قاصر واقتياده إلى داخل القنصلية بالقوة، في خرق صارخ للقوانين الأمريكية والمواثيق الدولية التي تضمن حرية التعبير والتظاهر السلمي.
 

الواقعة
دفعت شرطة نيويورك للتدخل الفوري، حيث حضرت قوة أمنية إلى المكان وقامت بإنقاذ الشاب وتخليصه من قبضة موظفي القنصلية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الإعلام الأمريكي ومواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بفتح تحقيق رسمي في الحادثة.
https://www.facebook.com/reel/1752211245193168
 

تحريض رسمي وتكرار ممنهج
هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها، إذ شهدت عدة عواصم غربية في أوقات سابقة مشاهد مشابهة لموظفي السفارات المصرية وهم يعتدون على المتظاهرين أو يحاولون تصويرهم وتهديدهم، ما يعكس سياسة ممنهجة من قبل النظام المصري لقمع أي صوت معارض حتى خارج حدود البلاد.

تصريحات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال الأشهر الماضية والتي دعا فيها البعثات الدبلوماسية إلى "التصدي للشائعات وحماية صورة الدولة" اعتُبرت بمثابة ضوء أخضر لمثل هذه التصرفات.
ويرى مراقبون أن تلك التصريحات تُترجم عملياً في تحريض رسمي على استخدام العنف ضد المعارضين في الخارج، في خطوة خطيرة تضر بمكانة مصر الدبلوماسية وتتنافى مع أبسط قواعد العمل القنصلي والدبلوماسي.
 

صورة مصر أمام العالم.. أزمة تتفاقم
من الناحية القانونية، فإن مثل هذه الاعتداءات تُشكل خرقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، والتي تُلزم البعثات الدبلوماسية باحترام قوانين الدولة المضيفة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً عن حظر استخدام العنف ضد الأفراد. ويؤكد خبراء القانون الدولي أن أي اعتداء من موظفي القنصلية على متظاهرين سلميين يُعد انتهاكاً صارخاً قد يدفع الدول المستضيفة لاتخاذ إجراءات عقابية، مثل طرد الدبلوماسيين أو تقليص التمثيل الدبلوماسي.

الإعلام الأمريكي والأوروبي بدأ بالفعل في تناول الحادثة، حيث وصفت بعض الصحف ما جرى بأنه "تصرف مافياوي لا يليق بدولة تدّعي احترام سيادة القانون"، مشيرة إلى أن تكرار مثل هذه المشاهد يضر بسمعة مصر أكثر مما يفيدها، ويُظهر النظام المصري بمظهر القمعي العاجز عن تقبل النقد أو المعارضة حتى في الخارج.
 

آراء الخبراء: سياسة فاشلة ونتائج عكسية
يرى الحقوقي والسياسي أسامة رشدي "هناك خطورة شديدة للاستمرار في مشاهد التحرش بالمتظاهرين امام السفارات المصرية في الخارج بتحريض رسمي من وزير خارجية #السيسي كماحدث أمس في #القنصلية_المصرية_في_نيويورك بعد اختطاف شاب قاصر بمعرفة أمن السفارة مما استدعى سرعة حضور شرطة #نيويورك وتخليصه منهم".

وتابع "هذا السلوك الهمجي قد ينتهي لما انتهى إليه #معمر_القدافي الذي كان يحرض سفاراته لمواجهة المحتجين ضده في الخارج، ووصل الأمر في#لندن لاطلاق النار على المتظاهرين من داخل السفارة الليبية في 17 أبريل 1984 فقتلت الشرطية الشابة إيفون فليتشر وأصيب عدد من المتظاهرين واغلقت بعدها السفارة الليبيةوقطعت العلاقات وتم اقتحام السفارة وتفتيشها وهي أزمة كبيرة مشهورة".

وأكد "السفارات والقنصليات ليست وظيفتها الاشتباك مع المحتجين .. هي صحيح منشآت دبلوماسية تتمتع بالحصانة، ولكنها في نفس الوقت خاضعة أيضا لقوانين البلاد التي تتواجد فيها وفقا للمادة 41 من اتفاقية فينا للعلاقات الديبلوماسية والتي تنص على احترام الدبلوماسيين لقوانين البلاد المعتمدين لديها وأنظمتها وعدم التدخل في شئونها الداخلية".

وأشار "فأنظمة هذه الدول تسمح بالتظاهر السلمي سواء ضد ممثلي الدولة نفسها أو أي جهات عامة أخرى في الدولة ومنها السفارات والممثليات الدبلوماسية والقوانين تحمي ذلك".

ونوه "أما البلطجة وحالة الهوس المرضي التي يعاني منها السيسي وعصابته فنتائجها ستكون وخيمة عليهم.و هو ما يستوجب تنبيه من كان لديه بقية من عقل.

وطالب النظام المصري أن يتحمل بهدوء المسئوليةعن كرهكم الذي يتصاعد وتتسع رقعته في العالم كله بسبب سياساتهم".


هناك خطورة شديدة للاستمرار في مشاهد التحرش بالمتظاهرين امام السفارات المصرية في الخارج بتحريض رسمي من وزير خارجية #السيسي كما حدث أمس في #القنصلية_المصرية_في_نيويورك بعد اختطاف شاب قاصر بمعرفة أمن السفارة مما استدعى سرعة حضور شرطة #نيويورك وتخليصه منهم.(شاهد الفديو 👇)

هذا…

— أسامة رشدي (@OsamaRushdi) August 21, 2025

كما يرى الدكتور سعيد عبد اللطيف، الخبير في الشؤون الدولية، أن ما حدث أمام القنصلية المصرية في نيويورك هو  "نتيجة طبيعية لنهج النظام المصري في مواجهة المعارضة بالقمع، لكن هذه المرة ارتكبوا خطأً جسيماً بنقل أساليب الداخل إلى الخارج، حيث لا يمكنهم السيطرة على القوانين المحلية أو الإعلام الحر في الدول الغربية".

وأضاف عبد اللطيف: "هذه الممارسات تضع الحكومة المصرية في مأزق دبلوماسي كبير، وقد تؤدي إلى إدراج بعض الدبلوماسيين على القوائم السوداء في الولايات المتحدة وأوروبا".

من جانبه، قال الحقوقي أشرف منصور: "تحريض موظفي السفارات على الاعتداء على المتظاهرين يكشف حالة الهلع التي يعيشها النظام المصري من أي صوت معارض، وهو ما يجعل صورته أكثر قتامة أمام العالم، خاصة في ظل التقارير الحقوقية الدولية التي تدين ممارساته القمعية".
 

المطالبات بالتحقيق والمساءلة
منظمات حقوقية دولية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" طالبت بفتح تحقيق شفاف في حادثة نيويورك ومساءلة المتورطين، مع التأكيد على ضرورة التزام البعثات الدبلوماسية المصرية بالقوانين الدولية والمحلية، وعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات التي قد تضع مصر في مواجهة مباشرة مع الحكومات الغربية.
 

الطريق إلى عزلة دبلوماسية؟
إذا استمر النظام المصري في هذا النهج القمعي خارج حدوده، فإن النتائج ستكون وخيمة، ليس فقط على صورة مصر في الخارج، بل على علاقاتها السياسية والاقتصادية مع القوى الكبرى. فالتحريض الرسمي على العنف أمام السفارات والقنصليات يفتح الباب أمام عقوبات، وربما دعاوى قضائية ضد دبلوماسيين مصريين، وهو ما يُهدد بتقويض مكانة الدولة المصرية في النظام الدولي.
https://draft.blogger.com/u/2/blog/post/edit/preview/5282029797488547884/6799089686994319113