في وقتٍ تعيش فيه مصر أزمات اقتصادية خانقة، وارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار، وتراجعًا في قيمة الجنيه، خرجت النائبة آمال عبد الحميد باقتراح تحت قبة البرلمان يقضي ببدء ساعات العمل الرسمية من الخامسة والنصف صباحًا وحتى الثانية عشرة ظهرًا.

ورغم أن الاقتراح بدا للبعض وكأنه محاولة لمواجهة حرارة الجو وتخفيف استهلاك الكهرباء، فإن الانتقادات سرعان ما انهالت، معتبرةً أن الحكومة والبرلمان يهربان من معالجة جوهر الأزمات كالتضخم والبطالة وتردي الخدمات، إلى مقترحات شكلية تزيد الضغط على الموظفين ولا تحل أصل المشكلة.
https://x.com/i/status/1958086602774753748
 

السخرية أقوى من التصفيق
على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء الرد ساخرًا أكثر منه جادًا. كتب أحد المعلقين: "هيتحسب لنا أوفر تايم على المشي وإحنا نايمين؟"، وقال آخر: "أنا برجع من الشغل 11 بالليل، إزاي أنام وأصحى 5؟".
بينما غرّدت معلمة: "تلاميذي مش بيصحوا 7:30، هصحّيهم 4 ونص عشان البرلمان؟".
هذه الردود تعكس الهوة الكبيرة بين واقع الناس اليومي والمقترحات التي يطلقها المسؤولون، والتي تُستقبل كمادة للتندر أكثر من كونها حلولًا واقعية.

ومن جهته كتب توفيق عكاشة: "يوجد عضو مجلس نواب تُدعى آمال عبد الحميد، ليس لها علاقة بالعمل السياسي ولا العمل البرلماني. تقدمت بطلب تعديل مواعيد العمل في مصر من الساعة ٥ فجراً إلى الساعة ١٢ ظهراً، مما يعكس ضعف ثقافتها الشديد، ويعكس ضعف هذا البرلمان الذي تنتهي مدته خلال الأيام القادمة. نفسي أعرف هي عن دائرة إيه".
https://x.com/TawfikOkasha_/status/1957963275620216858

وتهكمت كريمان يس: "(آمال عبد الحميد) نائبة اقتراح ٥ الفجر. إذا كنتِ تعتقدي يا آمال، وبأسلوبك الدنيء، أنكِ تقدري تشغلي الشعب عن تغلية البنزين والكهرباء، تبقي واهمة وتفكيرك قاصر. إحنا مركزين قوي لأننا بنفكر بعقلنا مش بالعواطف يا آمال، وصاحين قوي ومركزين في الخازوق، وإحنا اتدربنا كتير على الخوازيق ومستعدين لها".
https://x.com/Kareman190097/status/1957829478110953570

وأشارت ندى: "أظن سيادة النائبة آمال عبد الحميد حابة تثير الجدل علشان يتقال عنها مثيرة".
https://x.com/nadaaboelsebah/status/1957755175445127659

وقالت داليا: "نداء إلى النائبة آمال عبد الحميد .. أوعي ترشحي نفسك تاني".
https://x.com/daliawisdom/status/1957728491773755669

واستطرد مهابير: "النائبة آمال عبد الحميد تقترح تعديل ساعات العمل لتبدأ من 5 صباحًا إلى 12 ظهرًا - عبثيات جمهورية الموز".
https://x.com/muhbirati8/status/1957673988622086601

وأوضح أحمد سامي: "الموقف مايخضش يا جماعة، ولا يستحق الحديث فيه أكتر من يوم، لأن اللي قدم الاقتراح هي النائبة آمال عبد الحميد، عضو لجنة الخطة والموازنة. (صورتها علشان في الغالب شفتوها قبل كده)، وهي كل ما تختفي عن الأضواء تطلع بمقترح نشاز من باب خالف تُعرف، فتتشهر على الساحة الإعلامية من تاني".
https://x.com/9ahmedsamy/status/1957550328154411180

وقال ياسر: "عضو مجلس شعب متخلفة اسمها آمال عبد الحميد، هاتقدم مقترح للبرلمان بتغيير مواعيد العمل لتبدأ من 5 الفجر إلى 12 الظهر، لأن الدراسات بتقول إن الإنسان الصبح بدري بيكون نشيط، وإنتاجيته أفضل. الغبي لما يرغي مع gpt".
https://x.com/YasserSalama_/status/1957373416756957258
 

الخبراء الاقتصاديون: الإنتاجية ليست في التوقيت بل في التخطيط
الخبير الاقتصادي رشاد عبده قال في تصريح صحفي إن "الاقتراح لا يمسّ جوهر أزمة الاقتصاد المصري، فمشكلاتنا ليست مرتبطة بموعد بداية العمل، بل بضعف الإنتاجية، غياب الكفاءة، وتضخم الجهاز الإداري".
وأكد أن تغيير ساعات الدوام قد يخلق إرباكًا في القطاعات الخدمية مثل البنوك والمستشفيات والنقل، دون أن يضيف قيمة اقتصادية حقيقية.
 

الأطباء يحذرون من أعباء صحية ونفسية
من جانبه، يرى استشاري الطب النفسي أحمد عكاشة أن "إجبار ملايين الموظفين على الاستيقاظ فجرًا يوميًا سيؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية، أبرزها الإرهاق المزمن واضطرابات النوم"، مضيفًا أن ذلك سينعكس سلبًا على جودة العمل، وأن الحل يكمن في تحسين بيئة العمل والرواتب، وليس تعديل مواعيد الدوام.
 

الاجتماعيون: الأسر ستدفع الثمن
الخبيرة الاجتماعية هالة مصطفى أوضحت أن "تغيير مواعيد العمل بهذا الشكل سيؤدي إلى تفكيك النسيج الأسري، لأن مواعيد المدارس والجامعات والدوام لن تتناسق معًا".
وأشارت إلى أن هذا التغيير سيخلق حالة فوضى في حياة الأسر، خصوصًا النساء العاملات اللواتي يتحملن أعباء مزدوجة بين البيت والعمل.
 

قانونيون: مقترحات بلا إلزامية
الخبير القانوني علي طه أكد أن "معظم المقترحات البرلمانية ليست سوى بروباجندا إعلامية، ولا يتم تطبيقها فعليًا ما لم تتحول إلى قوانين مُلزمة يقرها البرلمان والحكومة معًا".
وأضاف أن "هذا النوع من الطروحات يهدف غالبًا لملء الفراغ السياسي وتصدير صورة زائفة عن وجود نقاش داخل البرلمان"، منتقدًا غياب الرقابة الحقيقية على أداء الحكومة.

وأخيرًا، فاقتراح النائبة آمال عبد الحميد ببدء العمل من الخامسة والنصف صباحًا يوضح بجلاء حجم الانفصال بين الحكومة وممثلي البرلمان من جهة، وحياة المواطنين اليومية من جهة أخرى.
ففي ظل غياب رؤية اقتصادية جادة لإصلاح سوق العمل أو تحسين مستوى المعيشة، تتحول هذه المقترحات إلى مجرد عناوين إعلامية تزيد السخط الشعبي. ما يحتاجه المصريون ليس "تغيير ساعة المنبه"، بل تغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أوصلت البلاد إلى أزمات معقدة.