أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس الاثنين، عزمها إرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى جنوب السودان لمواجهة تفشي وباء الكوليرا المستمر منذ سبتمبر 2024، في وقت تفرض فيه سلطات الاحتلال حصاراً خانقاً على قطاع غزة وتمنع دخول المساعدات الإنسانية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن الشحنة تشمل معدات طبية وأجهزة لتنقية المياه وحصصاً غذائية، وستُرسل بإشراف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر. فيما ذكرت صحيفة يسرائيل هيوم أن وكالة المعونة الوطنية الإسرائيلية تتولى إدارة هذه العملية.
الخطوة تأتي بينما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في غزة ظروفاً كارثية، حيث تسببت الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 22 شهر في استشهاد 62,004 فلسطينيين، بينهم آلاف الأطفال والنساء، وإصابة أكثر من 156,230 آخرين، إضافة إلى نحو 10 آلاف مفقود، وفق آخر إحصائيات وزارة الصحة في القطاع. كما يواجه القطاع مجاعة غير مسبوقة أودت بحياة العشرات، بعد أن أغلقت إسرائيل منذ 2 مارس الماضي جميع المعابر ومنعت دخول المساعدات، رغم تكدس آلاف الشاحنات على الحدود.
مساعدات أم تمهيد للتهجير؟
بالتزامن مع هذا الإعلان، عادت إلى الواجهة تقارير إعلامية تحدثت عن مباحثات إسرائيلية – جنوب سودانية بشأن "إمكانية نقل سكان غزة إلى أراضي جنوب السودان" مقابل استثمارات إسرائيلية. ونقلت صحف عبرية ودولية أن حكومة جوبا وافقت مبدئياً على هذه الطروحات، قبل أن تسارع جنوب السودان إلى النفي واعتبار الأمر مجرد "مزاعم بلا أساس".
إلا أن المؤشرات على اتصالات مكثفة بين تل أبيب وجوبا بدت واضحة؛ فقد زارت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي شارن هاسكل العاصمة جوبا الأسبوع الماضي، حيث التقت الرئيس سلفا كير. كما استضاف ساعر في يوليو الماضي وزير خارجية جنوب السودان موندي سمايا كومبا في القدس، واصطحبه في جولة إلى مستوطنات إسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، في خطوة فسّرها مراقبون على أنها محاولة لترسيخ التحالف السياسي بين الجانبين.
سياسة "تلميع الصورة"
يرى محللون أن إسرائيل تحاول عبر هذه التحركات الجمع بين هدفين: تلميع صورتها دولياً عبر الظهور بمظهر الدولة "المُعطاءة" في مواجهة الأوبئة في إفريقيا، وتمهيد الطريق لخطط التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، وهو السيناريو الذي طُرح أكثر من مرة منذ اندلاع الحرب الأخيرة.
ويشير خبراء في الشأن الإفريقي إلى أن جنوب السودان، الدولة الفتية التي انفصلت عن السودان عام 2011 بعد حرب أهلية دامية، تعاني من أزمات سياسية واقتصادية حادة، ما يجعلها عرضة للضغوط الخارجية، خصوصاً مع حاجتها إلى الاستثمارات الأجنبية.