فجّرت الصفقة الأخيرة التي أبرمتها حكومة عبدالفتاح السيسي، لاستيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي جدلاً واسعاً في الساحة السياسية، وسط انتقادات حادة من قوى وأحزاب معارضة رأت فيها "خيانة للقضية الفلسطينية" و"تهديداً للأمن القومي المصري".
الصفقة، التي تبلغ قيمتها نحو 35 مليار دولار وتمتد حتى عام 2040، جاءت في وقت حساس للغاية، حيث تزامن الإعلان عنها مع تأكيد الاحتلال الإسرائيلي خطته لاحتلال قطاع غزة بالكامل، مما أثار تساؤلات حول أبعادها السياسية والاقتصادية، ومدى تأثيرها على الموقف المصري من الحرب الدائرة.
صفقة تمويل الاحتلال
كان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي من أبرز الأصوات الرافضة، إذ وصف الصفقة في بيان رسمي بأنها "صدمة كبرى" للشعب المصري، معتبراً توقيعها في ظل العدوان على غزة "دعماً مباشراً لحصار وتجويع الفلسطينيين"، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل.
وأشار الحزب إلى أن الحكومة المصرية سبق أن أعلنت تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بفضل حقل ظهر، لكن تراجع الإنتاج المحلي دفعها للاستمرار في استيراد الغاز من إسرائيل، وهو ما ساهم – بحسب البيان – في تفاقم أزمات الكهرباء خلال الأشهر الماضية. واعتبر الحزب أن الغاز الإسرائيلي يُستخدم كورقة ضغط سياسية على مصر.
وأكد البيان على ضرورة إلغاء الاتفاق فوراً وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، مشدداً على أن استمرار هذه العلاقات يشكل "خطرًا داهمًا على الأمن القومي والمصالح الاقتصادية" للبلاد.
https://www.facebook.com/popular.alliance.party/posts/1267847621411679?ref=embed_post
تهديد وجودي للأمن القومي
من جانبه، وصف حزب تيار الأمل (تحت التأسيس) الاتفاقية بأنها "صفقة خزي" تموّل آلة الحرب الإسرائيلية، محذراً من أن احتلال غزة بشكل كامل يمثل تهديداً وجودياً للأمن الوطني المصري.
وأكد الحزب أن القضية الفلسطينية "جوهر الأمن القومي المصري" وليست مجرد قضية إنسانية أو تضامنية.
https://www.facebook.com/tayarelamal/posts/615817384922401?ref=embed_post
صفقة مكافأة للمجرم
وفي نفس الاتجاه، عبّرت حركة الاشتراكيين الثوريين عن رفضها القاطع لاستيراد الغاز من إسرائيل، معتبرة الصفقة "تصعيداً اقتصادياً" لدعم الاحتلال في ذروة المجازر بحق الشعب الفلسطيني.
وجاء في بيان الحركة:
"في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لإبادة جماعية على يد الاحتلال الصهيوني، وفيما تُقصف المدارس والمستشفيات وتُدفن العائلات تحت الأنقاض، أعلن نظام عبد الفتاح السيسي توقيع أضخم صفقة غاز في تاريخ العلاقات بين مصر والكيان الصهيوني، لتكون مكافأة علنية للمجرم نتنياهو وهو يغرق القطاع في الدم."
وأكدت الحركة أن الدعم الحقيقي لغزة يتم عبر مقاطعة الاحتلال ووقف استيراد الغاز منه، وفتح المعابر، والإفراج عن المعتقلين في قضايا التضامن مع فلسطين.
https://www.facebook.com/RevSoc.me/posts/1051650313809183?ref=embed_post
حقل ظهر وإنهاء حلم الاكتفاء الذاتي
تجدر الإشارة إلى أن حكومة عبدالفتاح السيسي، أعلنت في سبتمبر 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بعد تشغيل حقل ظهر العملاق، وكان من المتوقع أن يغطي حاجة السوق المحلي ويدعم التصدير للخارج.
لكن خلال السنوات الأخيرة، شهد الإنتاج تراجعاً ملحوظاً، ما دفع مصر لزيادة اعتمادها على الواردات من إسرائيل أو من أسواق أخرى.
وفي نوفمبر 2023، استقبلت مصر أول شحنة غاز مسال منذ يوليو، لتعويض النقص الناتج عن تراجع الإمدادات الإسرائيلية مؤقتاً بسبب الحرب على غزة.