في حادثة مأساوية جديدة، اندلع حريق هائل في عدد من المحلات والباعة الجائلين في ميدان المؤسسة الواقعة قرب محطة مترو شبرا الخيمة في محافظة القليوبية، مساء 9 أغسطس 2025.

بدأ الحريق في مطبخ مطعم كشري شهير في المنطقة، ثم امتد سريعاً إلى محال تجارية عديدة وباكيات الباعة الجائلين، ما تسبب في إغلاقات مؤقتة لمحطة المترو حتى السيطرة التامة على النيران.

تدخلت قوات الحماية المدنية والإطفاء بعد تلقّي البلاغ، وتمكنت من التعامل مع الحريق وإنقاذ المنطقة من امتداد أوسع للنيران، رغم إصابة عدة أشخاص بحالات اختناق وحروق.

إيقاف مؤقت لحركة القطارات..

الحريق الكبير الذي اندلع في عدد من المحلات المطلة على سور محطة مترو شبرا الخيمة بميدان «المؤسسة» بدأت بدايته في مطبخ أحد المطاعم ثم امتد إلى محال مجاورة وغطى الأدخنة السور الخارجي للمحطة، مما اضطر الشركة المشغلة لإيقاف حركة القطارات مؤقتًا حفاظًا على سلامة الركاب، ثم إعادة التشغيل بعد السيطرة والتبريد (إعادة فتح المحطة عند الساعة 23:50 حسب بيان الشركة).

تشكل هذه الحوادث المتكررة في مناطق مكتظة سداً منيعاً أمام الحياة الطبيعية للمواطنين وتؤجج موجة الغضب تجاه إدارة الأزمات والإهمال الحكومي الذي يبدو متكرراً بدون رقابة جدية أو خطط وقائية فعالة.

هل عادت الحرائق لتضرب مصر مجدداً؟

سلسلة حرائق متتالية خلال عام 2024 و2025 تكشف هشاشة النظام، لم تكن حادثة شبرا الخيمة منفردة، بل تأتي في سياق موسم متواصل من الحرائق التي ضربت مصر خلال الأشهر والسنوات القليلة الماضية.

ففي يوليو فقط من عام 2025، شهدت البلاد سبعة حرائق متفرقة في مصانع كيماويات وملابس ومولات تجارية، أسفرت عن إصابات كثيرة وخسائر مادية كبيرة.

وتُشير التقارير الرسمية إلى زيادة نسبها 3.2% في عدد الحوادث عام 2024 مقارنة بعام 2023، حيث سجل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نحو 47 ألف حادثة حرائق، مع غلبة أسباب فنية كضعف في أنظمة العزل الكهربائي والإهمال.

محافظة القاهرة تتصدر الحوادث بنسبة 13.4%، تليها الغربية، بينما شمال سيناء هي أقل المحافظات.

يضاف إلى ذلك، حرائق منشآت استراتيجية مثل حريق "سنترال رمسيس" الذي انتهى باضطرابات في خدمات الإنترنت والاتصالات وأثر على البورصة، وحريق محطة توليد كهرباء أسوان في يوليو 2025.

هذه الأوضاع المتكررة لا تُخفي هشاشة البنية التحتية وغياب الإصلاحات الوقائية.

خريطة الحوادث الأخيرة

  1. (9–10 أغسطس 2025 - ميدان المؤسسة، شبرا الخيمة (القليوبية): حريق محلات بجوار محطة المترو؛ إيقاف مؤقت لحركة القطارات، إصابات وممتلكات متضررة، وأعمال تبريد بعد السيطرة.
  2. 7 يوليو 2025 - مركز بيانات / مبنى  Telecom Egyptالقاهرة: حريق في مبنى تابع لشركة اتصالات أسفر عن وفاة 4 عمال وإصابة أكثر من 20 وأدى إلى تعطّل خدمات الاتصالات والإنترنت في مناطق من العاصمة لساعات، التحقيقات الأولية تحدثت عن ماس كهربائي كأحد الاحتمالات.
  3. سجل عام 2024 (إحصائي): وفق بيانات رسمية أُحصي في 2024 نحو 46,925 حادث حريق في مصر (129 حادثًا يوميًا) وأسفر العام عن 232 حالة وفاة - مؤشر يبرز حجم المشكلة المستمرة.

ملاحظة: القائمة السابقة تبرز الحوادث الأخيرة ذات الأثر الإعلامي والاقتصادي والاجتماعي.

 

السيسي مسؤول عن تفاقم الأزمات

في ظل هذه الكوارث المتلاحقة، يتزايد النقد لسياق إدارة الدولة تحت حكم عبد الفتاح السيسي، الذي يواجه اتهامات متزايدة بإهمال حقوق المواطنين الأساسية وضياع السيطرة على الأزمات.

تقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير حديث: "بعد عشر سنوات من حكم السيسي، لم تتحقق وعود الازدهار والتنمية، بل تفاقم الفقر وتردت الحريات الأساسية مع تصاعد القمع السياسي".

وفي ذات السياق، يُتهم النظام بالتركيز على مصالحه الأمنية بينما تزداد الأزمات الاقتصادية والمجتمعية سوءاً، وفق تصريحات سياسية منتقدة منذ 2019 وحتى 2025، مثل دعوة محمد علي المعارضة علانية لإنهاء حكم السيسي كرد على هذه الأوضاع المهترئة.

هذه التصريحات تكشف الغضب الشعبي المتزايد وتعكس إفرازات فشل الإدارة في الحد من الكوارث المتنوعة كالحرائق، والتي باتت دليلاً ساطعاً على تخبط النظام.

محاولات النظام للتبرير وتخويف المواطنين..

رد فعل النظام الرسمي كان عاجزاً أمام تكرار الحوادث، إذ اعتمد إعلاميون ومؤيدون رسميون على رواية "المؤامرة" والتآمر الخارجي، كما قال الإعلامي مصطفى بكري في يوليو 2025، محذراً من استغلال ما يصفه بـ"المؤامرة الكبرى" لتدمير الدولة عبر إشعال حوادث وحرائق داخلية وتنظيم حملات تضليل، متهمين جهات خارجية بمساعدة جماعات معارضة ومروجي الفوضى.

لكن هذه الرواية لا تعفي النظام من المسؤولية المباشرة عن الإهمال والفشل المتكرر في حماية الممتلكات والأرواح، خاصة مع وجود تقارير رسمية شبه يومية عن سوء البنية التحتية وفوضى تنظيمية واضطراب أمني.

النتائج تتجلى في عجز المستشفيات وزيادة الإصابات، وما تبقى من فقد في الثقة بين الشعب والحكومة المتعاقبة.

الإهمال يؤدي إلى تكرار الكوارث

الحريق الذي دمّر محلات وشوارع ميدان المؤسسة قرب محطة مترو شبرا الخيمة في أغسطس 2025 ليس حادثاً عابراً، بل شاهداً على تفاقم أزمة الأمن والسلامة تحت حكم السيسي، الذي يستمر في إنكار المسؤولية بينما تتوالى الكوارث.الأرقام الرسمية الدالة على ارتفاع نسبة الحرائق والمآسي المتكررة في الشهور والسنوات الأخيرة، والحديث السياسي، تكشف واقعاً مؤلماً؛ بلد يفتقد الخطط الأمنية الفعالة، يلتهب ببطء أمام عجز إداري مزدوج مع رفض الاعتراف بجمود الحلول.

حريق ميدان «المؤسسة» في شبرا الخيمة هو حلقة جديدة في سلسلة حرائق أظهرت هشاشة جوانب من البنية التحتية وممارسات السلامة، الأرقام الرسمية تشير إلى أن المشكلة ليست عرضية بل تحتاج لتدخلات تنظيمية وتقنية شاملة للحد من الخسائر البشرية والمادية.