في 7 أغسطس 2025، أصدر عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري رقم 421 لسنة 2025، بتجديد تكليف الدكتور محمد فريد صالح قائماً بأعمال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية (FRA) لمدة عام، بدرجة وزير. تُعد هذه المرة الرابعة التي يتم فيها تجديد التكليف، حيث بدأ أولا في أغسطس 2022، ثم جُدد ثلاث مرات متتالية .
يأتي هذا التكليف في وقت تتعالى فيه الانتقادات التي تشير إلى ضعف فاعلية الهيئة الرقابية، مما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى استمرار تولي شخص لم يُثبت قدرته على استدامة الإصلاح أو تعزيز فعالية أداء الهيئة.
أداء الهيئة خلال سنوات فريد: شو إعلامي وسط ضعف واضح
تحت قيادة فريد، ركزت الهيئة على رقمنة القطاعات المالية غير المصرفية، تنظيم التأمين، وفتح مجال الاستثمارات عبر إصدار صكوك إسلامية ومحاولة جذب المستثمرين إلى سوق رأس .
وفي مقابلة صحفية سابقة، تحدث عن سعي الهيئة إلى تعزيز الحوكمة، الأمن السيبراني، وتحفيز نمو القطاع المالي غير المصرفي بما يتوافق مع معايير الأسواق المتقدمة.
لكن المؤشرات الفعلية في السوق تعكس واقعًا مختلفًا:
تراجع إصدار الأوراق المالية: أظهرت تقارير الهيئة انخفاضًا بنحو 11% في إصدارات الأسهم والسندات في السوق الأولية خلال 2024، رغم الحاجة الماسة للسيولة إلى دفع النمو الاقتصادي ([turn0search14]).
القصور والمخالفات الملحوظة بين 2022 و2025
1. ضعف تنفيذ القوانين الرقابية وتطبيق العقوبات
رغم وجود قوانين صارمة تفرض غرامات على التأخير أو التلاعب المالي، يبقى تنفيذ العقوبات متواضعًا، والصمت يغلف العديد من التجاوزات التي باتت تهدد مصداقية السوق.
2. غياب الشفافية والتقارير المتأخرة
من بين ملاحظات صندوق النقد الدولي: ضعف الإفصاح عن البيانات الرسمية، مع تأخر مستمر في نشر تقارير الاستقرار المالي، مما يثبط الثقة الدولية في الهيئة وقدرتها على دعم الإصلاحات الاقتصادية ([turn0news29]).
3. الهيمنة الحكومية المستمرة في السوق
وكما رصدت تقارير دولية، لا تزال الهيئات والشركات المملوكة للدولة تتحكم بالغالبية في السوق، وتحظى بمعاملة تفضيلية، بينما تفتقر الجهات الرقابية للقدرة على ضبط هذه الاحتكارات أو فرض شفافية كافية.
4. محدودية الحماية للمستثمرين ومتعاملي السوق
لا تزال المخالفات التافهة تغيب عنها متابعة جادة في حال تكرارها، ما يعني أن النظام الرقابي يسجل نجاحًا شكليًا دون أثر جوهري على فعلية حماية حقوق المستثمرين.
لماذا التجديد رغم الانتقاد؟
إصرار السلطة السياسية على تجديد تكليف فريد يعكس ثلاث أبعاد رئيسية:
- استقرار شكلي أكثر منه فعلي: تجديد فريد يمنح السلطة توازنًا شكليًا أمام الشارع الاقتصادي، دون تغيير في المنهج المتبع.
- غياب بدائل مؤهلة: قد يشير التجديد المتكرر إلى ضعف وجود كوادر تستطيع شغل المنصب وتحقيق نتائج ملموسة.
- إبقاؤه كرأس للتمثيل الخارجي فقط: فريد يمثل مصر في منظمات دولية، ويُستخدم اسمه كواجهة لتمرير التعاقدات الدولية أو جذب الاستثمار، بينما التغيير الحقيقي في الأداء مفقود.
الخلاصة: الكفاءة ليست بالاسم إن لم تُترجم فعلًا
تجديد الثقة في محمد فريد للأعمال الرابعة كرئيس الهيئة العامة للرقابة المالية يشي بأن المسألة أصبحت رمزية أكثر من كونها إجراء مؤسسي لتطوير الأداء. فبدون إصلاحات جدّرية، سيبقى خطاب الرقابة خطابًا شكليًا لا يتجاوب مع حاجة الانفتاح المالي والاقتصادي، ولن يكون قادرًا على حماية السوق أو الاستثمار أو الثقة.
الوقت يمرّ، والسوق المالي غير المصرفي ينتظر هيئة قوية، لا تنفيذ شكلي، قادرة على حماية مدخرات المواطنين، وليس تغييرات مجلسية دون جهود محاسبية أو تشريعية حقيقية.