في أغسطس 2025، أصدرت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب المصرية قرارًا برفع أسعار الإقامة في مستشفيات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان بنسبة وصلت إلى 900% في بعض الحالات، حيث ارتفعت تكلفة الإقامة اليومية من 150 جنيهًا إلى 550 جنيهًا، ما يعني أن التكلفة الشهرية أصبحت تتراوح بين 4,500 إلى 16,500 جنيه، مع رسوم إضافية على الكشف الطبي والعلاج الذي يعتبر باهظ التكلفة.
هذا القرار جاء تزامنًا مع ارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية والإدمان في مصر، إلا أنه أثار موجة من الانتقادات من سياسيين ونشطاء ومجتمع مدني واعتُبر قرارًا يفاقم معاناة الفئات الأضعف اقتصاديًا، خاصة مرضى الصحة النفسية الذين يحتاجون دعمًا ورعاية خاصة وليس أعباء مالية جديدة.
طبق القرار بداية من أغسطس 2025، بناء على اللائحة المالية الجديدة التي حددتها وزارة الصحة، والتي تضمنت رفع أسعار الإقامة في مستشفيات الصحة النفسية، وزيادة الرسوم على خدمات مثل الكشف والتخاطب والعلاج النفسي.
كما سمح القرار بوجود مرافق للمريض ولكن بتكاليف إضافية، ورفع بشكل ملحوظ أسعار التمريض الخاص.
مستشفى العباسية، أحد أبرز المستشفيات النفسية الحكومية، شهد زيادة في التكلفة الشهرية من 2,600 جنيه إلى 4,500 جنيه للقسم الاقتصادي.
أسباب الأزمة
حكومة الانقلاب بررت الزيادة بأنها جاءت "مراعاة لارتفاع أسعار الخدمات المقدمة بسبب التضخم"، وكان الهدف المعلن تحسين جودة الخدمة المقدمة في المستشفيات النفسية.
لكن الواقع يشير إلى أن المستشفيات تعاني من تدهور في مستوى الخدمات، وغياب الصيانة والتقدير المناسب للكوادر الطبية.
انتقد عدد من النواب، منهم مها عبدالناصر، عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، هذا القرار واعتبروه "غير مسؤول"، مؤكدين أنه سيزيد العبء المالي على الأسر، وستدفع الكثير من المرضى إلى التخلي عن العلاج أو التدهور النفسي بسبب عدم قدرتهم على تحمل التكاليف العالية.
كما أشارت إلى أن القرار يتناقض مع حق العلاج المجاني المنصوص عليه في الدستور، وأن النظام قلص نسبة الأسرة المخصصة للعلاج المجاني من 60% إلى 25%، بل وإلى إلغائها في مستشفيات الصحة النفسية.
الدكتور إيهاب رمزي عضو مجلس النواب وعضو لجنة الصحة، طالب بإعادة النظر في اللائحة المالية الجديدة، مبرزًا غياب الدعم الحكومي الكافي للمرضى النفسيين الفقراء الذين لا يملكون دخلًا كافيًا، ومطالبًا بتوفير العلاج المجاني لهم، خاصة مع تدهور الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه كثير من الأسر.
انعكاسات القرار على المرضى والأسرة والمجتمع
أدى رفع الأسعار إلى موجة من القلق والخوف بين الأسر، خاصة أن العديد من المرضى النفسيين لا يمتلكون الموارد اللازمة لتغطية تكاليف العلاج، ما قد يؤدي إلى تفاقم حالتهم الصحية، وزيادة معدلات الإدمان والسلوكيات الخطيرة أو حتى الانتحار. كما هناك مخاوف من زيادة اللجوء إلى مراكز علاج غير مرخصة أو استغلال الأهالي من قبل جهات غير مهنية.
رفع الأسعار رفع أيضًا من تكاليف الحجز الإلزامي للمرضى الذين يشكلون خطرًا على أنفسهم أو على المجتمع، حيث بات الحجز في المستشفى يكلف آلاف الجنيهات شهريًا، وهو ما قد يؤدي إلى ترك المرضى في الشوارع ويزيد من مخاطر الجرائم المرتبطة بالأمراض النفسية غير المعالجة.
كيف ينعكس القرار على الأداء الحكومي؟
يرى العديد من المنتقدين أن هذا القرار يكشف أزمة في أولويات الإنفاق الحكومي، حيث يتم تحميل المواطن مصاريف عالية في قطاع حساس كالصحة النفسية، بينما تظل الخدمات الصحية متدهورة وغير قادرة على تلبية الحاجة المتزايدة.
يشير القرار أيضًا إلى ضعف الدولة في توفير الحماية الاجتماعية للرعاية الصحية النفسية، عكس ما يجب أن يكون حقًا أساسيًا لكل مواطن.
خلاصة
رفع أسعار الإقامة في المستشفيات النفسية في مصر يمثل أزمة اجتماعية وصحية حقيقية تؤثر بالسلب على المرضى وذويهم والأمن المجتمعي. في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تعزيز خدمات الصحة النفسية والرعاية الطبية الشاملة، يأتي هذا القرار ليضيف أعباءً مالية لم تراع حال المرضى، مما يهدد بتدهور الأزمة النفسية وانتشار الإدمان والجريمة.
مطالب برلمانية ومجتمعية تطالب الحكومة بإعادة النظر فورًا في هذا القرار، وضمان العلاج المجاني للغير قادرين، ووقف معاناة أكثر الفئات هشاشة بسبب السياسات الاقتصادية التي تبدو غير متوازنة في التعامل مع الرعاية الصحية النفسية.