في ظل اقتراب انتخابات مجلس النواب المصري القادمة، تصاعدت المطالبات بالسماح للأحزاب والتيارات السياسية المعارضة بالانخراط الفعلي في العملية الانتخابية، على رأسها المطالبة التي أطلقها الناشط السياسي أحمد الطنطاوي، الذي طالب النظام بالسماح لتيار الأمل بالمشاركة في هذه الانتخابات وعدم التعرض للمرشحين أو استهدافهم بأي شكل من الأشكال.
هذا المطلب يطرح في وقت تتواصل فيه سياسة الإقصاء السياسي التي ينهجها نظام عبد الفتاح السيسي، والذي يستهدف بشكل ممنهج كل من يشكل تهديدًا أو منافسة حقيقية لسلطته، من خلال سلسلة من الأساليب القمعية المتنوعة، التي أثرت على الحريات السياسية وأدت إلى تراجع المشهد الديمقراطي في مصر بشكل حاد.
تيار الأمل: صوت معارض يرغب في المشاركة السياسية
تيار الأمل، كواحد من التيارات السياسية التي تسعى إلى التغيير والإصلاح، يرى في الانتخابات فرصة للمشاركة الفعلية في رسم مستقبل البلاد، ومواجهة سياسة الإقصاء التي يعاني منها المواطنون والشركاء السياسيون في المشهد المصري.
مطالبة أحمد الطنطاوي بالسماح لتيار الأمل بالمشاركة في الانتخابات تأتي لتؤكد على أن الحياة السياسية في مصر لن تكون حقيقية ما لم يُمنح الجميع، بمن فيهم المعارضون، فرصة متساوية للتمثيل والمنافسة، بعيدًا عن التضييق والتهديد.
سياسة القمع المنهجية لنظام السيسي
لكن الواقع السياسي في مصر يعكس عكس ذلك تمامًا، حيث يواجه كل من يسعى للمعارضة أو المنافسة تحديات خطيرة، منها:
1. الاعتقالات التعسفية
يتعرض عشرات الآلاف من الناشطين والمعارضين السياسيين للاعتقال التعسفي، غالبًا دون محاكمات عادلة، أو بتهم ملفقة. يهدف النظام من هذه الاعتقالات إلى كسر أي محاولة لتنظيم المعارضة أو المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية.
الأسماء الكبيرة والصغيرة، الشباب والنساء، الإعلاميون والنشطاء، لا ينجون من حملات الاعتقال التي تُدار بشكل ممنهج وبغرض السيطرة الأمنية والسياسية.
2. تلفيق التهم
يُستخدم جهاز القضاء كأداة لتبرير هذه الاعتقالات من خلال تهم باطلة ومختلقة، مثل "الإرهاب"، "نشر أخبار كاذبة"، و"الانتماء لجماعات محظورة". هذا التضليل القانوني يعزل المعارضين ويجعلهم خارج السباق السياسي ويخيف الآخرين من المشاركة.
3. مصادرة الأموال
واحدة من أدوات القمع الاقتصادية والسياسية التي يعتمد عليها النظام هي مصادرة أموال المعارضين وأسرهم، بدعوى مكافحة الإرهاب أو بقرارات إدارية تعسفية. هذه الخطوة لا تكتفي بإضعاف القوى المعارضة ماديًا، بل تشكل رسائل تحذير صارخة لكل من يفكر في تحدي السلطة.
4. قوائم الإرهاب
إدراج المعارضين في قوائم الإرهاب هو وسيلة جديدة لمنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية، كالحصول على تراخيص تأسيس أحزاب أو المشاركة في الانتخابات، إضافة إلى حرمانهم من حقوقهم المالية والقانونية.
هذه القوائم تُستخدم لتبرير اعتقال الأفراد وإغلاق مؤسساتهم، مما يخلق بيئة من الخوف والرعب السياسي.
تأثير سياسة الإقصاء على الحياة السياسية في مصر
السياسات السابقة جعلت من المشهد السياسي المصري أشبه بساحة مغلقة، حيث يختفي فيها أي صوت معارض حقيقي، وتُسيطر على الانتخابات أحزاب وكتل سياسية موالية للنظام فقط.
نتيجة ذلك هو فقدان ثقة المواطن في العملية السياسية ككل، وارتفاع معدلات الامتناع عن التصويت، والتراجع الكبير في مستوى المشاركة الشعبية، مما يعزز حالة الاستبداد ويجعل من السيسي ونظامه أسياد المشهد بلا منافس حقيقي.
مطالب أحمد الطنطاوي: خطوة نحو استعادة الديمقراطية
يأتي نداء أحمد الطنطاوي، وهو شخصية معروفة بنضاله من أجل حقوق الإنسان والحريات السياسية، ليؤكد على ضرورة كسر جدار القمع السياسي، وفتح المجال للمعارضة لتكون جزءًا من العملية السياسية بدلاً من أن تُطرد أو تُقمع.
هذه المطالب ليست مجرد رغبة في المشاركة، بل هي دعوة لإعادة بناء المشهد السياسي، ولخلق منافسة حقيقية تعزز الإصلاح والتنمية في مصر.
في النهاية فبينما يصر النظام على سياساته القمعية، تبقى أصوات مثل صوت أحمد الطنطاوي وشخصيات تيار الأمل مشاعل أمل لشعب يطمح إلى حياة سياسية حرة ونزيهة.
الانتخابات القادمة ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة النظام على الانفتاح على المعارضة، وإذا استمر في سياساته الحالية، فإن الأزمة السياسية في مصر ستتعمق، مع تآكل أكبر في الحريات وارتفاع في الاحتقان الشعبي.