تتواصل الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ654 على التوالي، مدفوعة بدعم سياسي وعسكري أمريكي، وحصار مصري، ومقابلة بصمتٍ دوليٍ مخزٍ، وعجز أممي غير مسبوق، رغم الكارثة الإنسانية التي وصلت إلى حدودها القصوى، وسط دمارٍ شامل، ومجاعة قاتلة، ونزوح قسري يطال أكثر من مليوني إنسان.
وفي هذا اليوم الدامي، سجلت الساعات الأولى من فجر الاثنين سلسلة مجازر إسرائيلية طالت النازحين ومناطق توزع المساعدات، في تصعيد دموي استهدف المدنيين العزل الذين باتوا محاصرين بين نيران القصف، ومصائد الموت التي تنتظرهم في طوابير انتظار “المساعدات الإنسانية”.
حصيلة جديدة من الشهداء والمجازر
أكدت مصادر طبية في قطاع غزة استشهاد ما لا يقل عن 132 مواطنًا منذ فجر اليوم الاثنين، بينهم 94 شهيدًا من منتظري المساعدات في منطقة السودانية شمال غربي القطاع، حيث تكررت المجازر في مناطق توزيع الإغاثة، التي تحولت إلى أفخاخ دامية تستهدف الجوعى.
ومن بين أبرز الضحايا الذين ارتقوا اليوم، الصحفي تامر ربحي رفيق الزعانين الذي قتلته قوة إسرائيلية خاصة، في حين اختطف الطبيب مروان الهمص، مدير المستشفيات الميدانية في خانيونس، وجرح مساعده بلال برهوم، كما أصيب المصور الصحفي إبراهيم عاطف أبو عشيبة في العملية ذاتها.
وفي حي الرمال غرب مدينة غزة، استهدفت طائرات الاحتلال منزلًا مأهولًا أدى إلى استشهاد 4 مواطنين، بينهم أطفال، وإصابة آخرين. كما دمرت طائرات الاحتلال بناية سكنية جنوب متنزه البلدية، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى.
أما في جباليا، شمالي القطاع، فقد انتشلت الطواقم الطبية جثامين 5 شهداء من تحت أنقاض منازل قصفتها المقاتلات الإسرائيلية. وفي منطقة دير البلح، تواصلت عمليات التوغل والقصف، حيث دُمرت 9 منازل و3 مساجد على الأقل، بينها منزل الصحفي أشرف أبو عمرة، مراسل قناة الجزيرة، الذي نجت عائلته من المجزرة.
استهداف الخيام والنازحين
في جريمة جديدة، قصف الاحتلال خيام النازحين في مواصي خانيونس، مما أدى إلى استشهاد المواطن أيمن صالح الرقب وزوجته إسراء أبو عليان وأبنائهما عبدالله ونور، وابن خالتهم محمود الرقب، فجر اليوم الاثنين، ليرتفع عدد ضحايا المجازر في مناطق النزوح إلى مئات خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي نتساريم جنوب مدينة غزة، استشهد اثنان من المواطنين أثناء انتظارهم المساعدات، نتيجة استهداف مباشر من قبل قوات الاحتلال.
أما في تل الهوى غرب مدينة غزة، فقد طالت غارة إسرائيلية خيمة للنازحين، مخلفة إصابات متعددة، في وقت قصفت فيه الطائرات مناطق أخرى في شارع النصر والصفطاوي والبركة والزهراء، لتوسع رقعة المجازر.
حصيلة مروعة منذ أكتوبر وحتى اليوم
وفق آخر بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة:
- 59,029 شهيدًا منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023.
- 142,135 جريحًا بإصابات متفاوتة الخطورة.
- أكثر من 11,000 مفقود تحت الأنقاض أو مصيرهم مجهول.
- أكثر من 8,000 طفل وامرأة استشهدوا منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس 2025.
- 1,582 شهيدًا من الطواقم الطبية، و754 شهيدًا من عناصر الشرطة وحماية المساعدات.
- أكثر من 15,000 مجزرة موثقة استهدفت أحياء ومخيمات ونازحين ومراكز إيواء.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، أدت الحرب إلى:
- إبادة أكثر من 2,500 عائلة فلسطينية كاملة من السجل المدني.
- تدمير أكثر من 88% من مباني قطاع غزة بشكل كلي أو جزئي.
- دَمار 149 مؤسسة تعليمية كليًا و369 جزئيًا، و828 مسجدًا كليًا و167 جزئيًا، و19 مقبرة.
- خسائر مادية تجاوزت 62 مليار دولار، في ظل سيطرة الاحتلال على 77% من مساحة القطاع.
“مؤسسة غزة الإنسانية”.. أداة قمع مغلفة بـ"العمل الإنساني"
منذ 27 مايو 2025، استخدم الاحتلال ما يسمى بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" – ذات الصبغة الإسرائيلية الأميركية – كغطاء لنصب كمائن الموت، إذ قُتل خلالها أكثر من 1,021 شهيدًا وجرح 6,511 آخرين في مناطق توزيع الطعام، في سياسة ممنهجة لإخضاع الشعب الفلسطيني بالجوع والنار.
وترافق ذلك مع سياسات تهجير قسري استهدفت عشرات آلاف المدنيين، خاصة في دير البلح ومواصي خانيونس، في ظل استمرار عمليات القصف، وتضييق الحصار، وإغلاق كامل لمعابر الغذاء والدواء.