رفض رجل الأعمال البارز حسن مالك، البالغ من العمر 67 عاماً، المثول أمام المحكمة، أمس السبت 19 يوليو، احتجاجاً على ما وصفه بـ"ظروف اعتقاله المأساوية"، وذلك ضمن القضية رقم 2215 لسنة 2021 أمن دولة عليا، المنظورة أمام الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة في مجمع محاكم بدر.
وبحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فإن مالك، المحتجز حالياً داخل سجن بدر 3 شديد الحراسة، انضم إلى إضراب جماعي عن الطعام يشارك فيه عشرات من المعتقلين السياسيين داخل ما يُعرف بـ"قطاع 2" بالسجن، رفضاً لما يصفونه بـ"ظروف معيشية غير إنسانية وانتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية".
ظروف مأساوية وإضراب مفتوح
تشير الوثائق والمعلومات المتوفرة إلى أن المعتقلين في بدر 3 يعانون من انقطاع تام عن العالم الخارجي، حيث تُمنع الزيارات منذ أكثر من ثماني سنوات، وسط غياب أي شكل من أشكال التواصل مع ذويهم، بما في ذلك الاتصالات أو الرسائل.
ويحذر نشطاء حقوقيون من "عواقب كارثية" قد تنجم عن استمرار الإضراب، خاصة في ظل إصابة بعض المعتقلين بأمراض مزمنة وخطيرة، وتدهور أوضاعهم الصحية بسبب تعنت إدارة السجن في تقديم العلاج أو السماح بإدخال الأدوية اللازمة.
اعتقال طويل وانتهاكات موثقة
كان حسن مالك قد أُوقف في 22 أكتوبر 2015 على يد قوات الأمن في ظروف وُصفت بـ"غير القانونية"، وتم احتجازه دون محاكمة عادلة، وحُرم من كافة حقوقه الإنسانية، من بينها الزيارة، والعلاج، والحق في المحاكمة العادلة، ما يمثل وفق منظمات حقوقية "انتهاكاً واضحاً للدستور المصري والمواثيق الدولية".
رسالة من خلف الأسوار: “نُدفن أحياء”
في رسالة مسرّبة ومؤثرة، نشرها الصحفي والحقوقي مسعد البربري عبر منصاته على مواقع التواصل، وجّه المعتقلون في "قطاع 2" نداءً عاجلاً إلى أسرهم والرأي العام المحلي والدولي.
وجاء في نص الرسالة:
"نتقدّم نحن المعذّبون داخل قطاع 2 في سجن بدر 3 بهذه الرسالة إلى أهلنا وأبنائنا وأحبابنا الذين لم نرَهم منذ ثماني سنوات دون سبب. نرسل لهم هذه الرسالة لنقول إن النظام يريد لنا أن نموت ببطء داخل هذا السجن المعزول".
وتابعت الرسالة بنبرة يغلب عليها الحزن واليأس:
"قريباً ستجدون مكاناً يمكنكم فيه زيارتنا من دون إذن أو منع، وتتحدثون إلينا كما تشاؤون، ولكننا لن نستطيع الرد على حديثكم! فنحن نفضّل الموت على هذه الحياة التي يُصرّ النظام على فرضها علينا بالقوة والعنف".
وتختتم الرسالة بالقول:
"لا نعلم من من آبائنا وأمهاتنا ما زال على قيد الحياة، لكننا نأمل أن نلتقي بهم إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة. وإلى زوجاتنا وأبنائنا الذين كبروا بعيداً عن أعيننا، نقول: لن نتراجع عن مقاومتنا لهذا الظلم".
دعوات متصاعدة للتدخل
يتصاعد القلق داخل الأوساط الحقوقية المصرية والدولية حيال ما يجري في سجن بدر 3، حيث تشير منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" إلى أن هذا السجن بات نموذجاً للانتهاكات الحديثة في السجون المصرية، تحت ستار "مراكز إصلاح وتأهيل".
ويطالب حقوقيون بفتح تحقيق عاجل في أوضاع المعتقلين في بدر، والسماح للمنظمات الحقوقية والبعثات الدولية بتفتيش السجون، والضغط على السلطات المصرية للإفراج عن المحتجزين تعسفياً.