نشرت الكاتبة لينة الصفافين مقالًا في موقع ميدل إيست آي تناولت فيه التصعيد الإسرائيلي ضد أطفال غزة ضمن حملة عسكرية وصفتها بالإبادة الجماعية، مستعرضة الأرقام والشهادات التي تؤكد تعمّد استهداف الأجيال الفلسطينية الجديدة.
أوضح المقال أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، بدعم غربي، دخلت في صيف 2024 أخطر مراحلها، حيث قُتل ما يقرب من 100 فلسطيني يوميًا، معظمهم أطفال يعانون الجوع. وبسبب الحصار المفروض من إسرائيل ومصر، أصبح القطاع أخطر مكان على الأطفال الذين يشكلون نصف السكان. وصفته اليونيسف منذ أكتوبر 2023 بـ"مقبرة الأطفال"، وحذّر مفوّض الأونروا فيليب لازاريني من "مخطط ميكافيلي للقتل".
مزّقت شظايا القصف أجساد الأطفال في الأسواق ومراكز توزيع المساعدات، وأحرقتهم القنابل في الخيام، ودُفن بعضهم تحت الأنقاض. لم يُذكر مقتل جنين عمره ثمانية أشهر قُطعت رأسه الأسبوع الماضي في أي من وسائل الإعلام الغربية، رغم تداول صورته على نطاق واسع. تجاهل الموت الجماعي للأطفال في التغطيات العالمية، وفقًا للمقال، يعكس صمتًا متواطئًا يحمي المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.
رفضت الكاتبة فكرة أن قتل الأطفال مجرد ضرر جانبي، واعتبرته استراتيجية ممنهجة تهدف إلى محو جيل فلسطيني جديد يتربّى على الذاكرة والكرامة. واستشهدت بقصة يوسف الزق، شاب يبلغ 17 عامًا، وُلد داخل سجن إسرائيلي عام 2008، واستُهدف مع ابنَي شقيقه في قصف إسرائيلي لبيت العائلة بمدينة غزة. أمضى يوسف أول 20 شهرًا من حياته في الزنزانة مع والدته الأسيرة، ثم خرج في صفقة تبادل. في يوليو 2024، قُتل أثناء تقاسمه قطعة خبز مع أهله، وانتُشل جسده من تحت الأنقاض.
نقل الصحفي الفلسطيني أحمد سحمود عن أقارب يوسف قولهم إن وجوده بحد ذاته كان هزيمة للخطاب الإسرائيلي. وصفوه بالهادئ الحالم، وقالوا إنه عاش جائعًا ومات جائعًا. أبرزت القصة، بحسب المقال، كيف يتحول حق الطفولة في غزة إلى مشروع شهادة.
بلغ عدد القتلى من الأطفال أكثر من 17 ألفًا منذ 7 أكتوبر 2023، بمعدل 30 طفلًا يوميًا، أي طفل كل 45 دقيقة. لا تشمل هذه الأرقام المفقودين وتحت الأنقاض. أشار المقال إلى امتلاك إسرائيل القدرة التكنولوجية على تفادي قتل الأطفال، ومع ذلك تُواصل استهدافهم عمدًا، مستندة إلى خطاب ديني وتاريخي مثل "عماليق" لتبرير الإبادة، بالإضافة إلى تصريحات رسمية تُشيطن كل فلسطيني منذ ولادته.
في خطاب الدولة، لا يظهر أي طفل كـ"بريء"، بل يُصنَّف الجميع كمصدر تهديد محتمل. دعت وزيرة إسرائيلية سابقًا إلى قتل النساء الفلسطينيات "لأنهن ينجبن إرهابيين". وادعى المتحدث باسم الجيش أنه "لا يوجد مدنيون أبرياء في غزة". تتجذر هذه الذهنية في بنية المشروع الاستيطاني، الذي يرى في كل ولادة فلسطينية خطرًا ديمغرافيًا.
تبنّت إسرائيل سياسة "تفكيك" السكان في غزة كجزء من استراتيجية تهدف إلى تقليل الكثافة السكانية، وهو ما رأت الكاتبة أنه تطهير عرقي معلن. وتشابه المقال بين ما يحدث في غزة وبين سياسات استعمارية سابقة كما في الجزائر وكينيا، حيث استخدمت الأنظمة الاستيطانية أدوات مثل الجوع والمرض وتفكيك الأسرة لإخضاع الشعوب.
اختتمت الكاتبة بتحذير من تجاهل حقيقة أن استهداف الأطفال لا ينبع فقط من الكراهية، بل من إدراك الاحتلال أن هؤلاء الصغار يمثلون المستقبل. الطفل الذي يحمل كتابًا أو ذاكرة أو حلمًا بالحرية، يشكل تهديدًا أكبر من أي سلاح. لذا تسعى إسرائيل، وفق رؤية الكاتبة، إلى منع جيل غزة من النمو، لا لأنه يملك القوة، بل لأنه يملك الأمل.
https://www.middleeasteye.net/opinion/why-israel-wants-kill-palestinian-children-gaza