أدلى مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، بتصريحات نارية شدد فيها على أن حادث حريق سنترال رمسيس لا يمكن عزله عن مشهد أوسع يشهده الاقتصاد المصري، يتمثل في تفكيك تدريجي لدور الدولة، وتسهيل دخول أطراف خارجية – سواء كانت شركات أو حكومات – إلى مفاصل الخدمات الحيوية تحت مسميات استثمارية أو تطويرية.
وقال الزاهد: "حريق سنترال رمسيس ليس مجرد حادث عرضي أو نتيجة إهمال عابر، بل يعيد إلى السطح تساؤلات جوهرية حول مستقبل السيطرة الوطنية على البنية التحتية للاتصالات، ومدى وجود نوايا لتفكيك هذه السيادة وتمريرها لشركات أجنبية، بما يشكل خطرًا استراتيجيًا على الأمن القومي."
وأضاف أن التفسيرات المتداولة حول أسباب الحريق تباينت بين من يرجعه للإهمال والفساد الداخلي، ومن يلمّح إلى "تواطؤ ضمني" يسعى إلى تسريع وتيرة تصفية ما تبقى من القطاع العام، خصوصًا في مجالات الاتصالات والكهرباء والمياه.
رفض قاطع للخصخصة والتدويل
وشدد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي على أن حزبه يرفض أي محاولة لخصخصة أو إشراك أطراف أجنبية في إدارة أو تشغيل المرافق العامة، خاصة تلك التي تمس السيادة الوطنية بشكل مباشر.
وقال: "نحن لا نرفض الاستثمار الأجنبي بالمطلق، لكننا نرفض أن يكون مدخلًا للهيمنة أو الاختراق الأمني. السيادة ليست سلعة في سوق المناقصات العالمية، ومن العبث المساومة عليها بحجة التطوير أو الكفاءة".
كما أشار إلى أن دعم حزبه للقطاع العام لا يعني التفويض المطلق، بل يشترط وجود رقابة مجتمعية فعالة تضمن الشفافية والعدالة، وتمنع الاحتكار والاستغلال.
وأوضح الزاهد أن الرقابة الشعبية يجب أن تشمل عدة جوانب، من بينها إشراك المواطنين في تحديد أسعار الخدمات ومواصفاتها، وضمان حقوق العاملين، وحرياتهم النقابية، وتفعيل الأطر التمثيلية المنتخبة في إدارة المؤسسات، مضيفًا:
"أي مؤسسة عامة دون رقابة شعبية هي مرشحة للفساد مثلها مثل أي كيان خاص، ولا تنجو من الانحراف عن دورها التنموي إلا بمساءلة حقيقية من المجتمع."
حادثة أبو العباس والاختراق الاتصالي
وفي استعادة لتاريخ التدخلات الأجنبية في شبكات الاتصال، ذكّر الزاهد بحادثة شهيرة تعود لعام 1985، حين تم اعتراض طائرة مصرية كانت تقل القيادي الفلسطيني أبو العباس بعد اختطافه لسفينة “أكيلي لاورو”، في عملية أثارت جدلًا واسعًا حول قدرة جهات خارجية على تعقب وتحليل الاتصالات المصرية.
وقال الزاهد إن "معلومات تسربت آنذاك تفيد بتقدم مهندسين مصريين بمذكرة إلى وزير النقل والاتصالات الأسبق سليمان متولي، يحذرون فيها من اختراق أمريكي لشبكة الاتصالات المصرية، مكّن من التنصت على مكالمات مسؤولين بارزين، بمن فيها رئاسة الجمهورية"، مشيرًا إلى أن صحيفة "الأهالي" تناولت حينها القضية تحت عنوان رئيسي أثار ضجة أمنية وإعلامية.
شبكات تحت المجهر.. لا للذرائع
وفي رده على التبريرات التي تقدمها بعض الجهات لتبرير التعاون مع شركات أجنبية تحت ذريعة "رفع كفاءة الخدمات" أو "التقليل من الأعطال"، قال الزاهد:
"لا نرى أي مبرر يبيح التنازل عن السيادة التقنية أو فتح أبواب المرافق الحيوية أمام شركات أجنبية قد تكون أذرعًا استخباراتية لجهات أخرى، ومجرد وجود بيانات حساسة في يد غير مصرية يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي."
وأكد أن الحزب لا يطالب بانغلاق الدولة على نفسها أو بعدم التطوير، لكنه يشترط أن يكون التطوير وطنيًا خالصًا، قائمًا على دمج الكفاءات المصرية، مع شفافية كاملة في عمليات الإدارة والتشغيل.