كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن بيانات مقلقة تتعلق بكثافة الأطباء البشريين داخل البلاد.
ووفقًا لما ورد في العدد (109) من المجلة النصف سنوية الصادرة تحت عنوان (السكان - بحوث ودراسات)، فإن عدد الأطباء البشريين بالنسبة لعدد السكان شهد تذبذبًا خلال السنوات الأخيرة، وسط مؤشرات واضحة على تراجع الدعم المؤسسي للكفاءات الطبية، وتزايد موجات الهجرة إلى الخارج، في ظل تصاعد القلق حول مستقبل المنظومة الصحية.

 

تراجع ثم تحسن طفيف.. ولكن دون المعدلات الآمنة
تشير بيانات الجهاز إلى انخفاض معدل الأطباء البشريين من 13.5 طبيبًا لكل 10 آلاف نسمة عام 2017 إلى 12.1 طبيبًا فقط في عام 2020، قبل أن يسجل ارتفاعًا طفيفًا في عام 2021 ليصل إلى 12.8 طبيبًا، وهو معدل لا يزال دون التوصيات العالمية لمنظمة الصحة العالمية، التي توصي بوجود 23 طبيبًا وممرضًا لكل 10 آلاف نسمة على الأقل لضمان حد أدنى من الرعاية الصحية.

 

هجرة العقول البيضاء: الأسباب متعددة والنتيجة واحدة
يرجع المراقبون والخبراء هذا الانخفاض في أعداد الأطباء العاملين إلى ما وصفوه بـ"الهروب المنظم" للكفاءات الطبية، في ظل استمرار تدهور أوضاعهم المعيشية والمهنية. فالأطباء يواجهون واقعًا مريرًا يتمثل في:

ضعف الأجور: حيث لا تكفي رواتب الأطباء الخريجين حتى لتغطية احتياجاتهم الأساسية.

انعدام الحماية القانونية: تصاعدت في السنوات الأخيرة حوادث الاعتداء على الأطباء داخل المستشفيات دون رادع قانوني فعّال.

بيئة العمل الطاردة: نقص الإمكانيات، والضغط المهني، وغياب الحوافز المهنية والتعليمية.

وفقًا لتقارير رسمية سابقة، غادر أكثر من 11 ألف طبيب البلاد خلال الأعوام الأخيرة، بحثًا عن فرص أفضل في دول الخليج وأوروبا وأمريكا الشمالية، وهو ما يهدد مستقبل الخدمات الصحية في القرى والمراكز التي تعاني من نقص حاد في الكوادر.

 

نقابات تطالب بتحرك عاجل.. ووزارة الصحة في مرمى الانتقادات
وفي ضوء هذه المؤشرات، تطالب نقابة الأطباء مرارًا بتحسين أوضاع الأطباء المادية، وتعديل القوانين التي تنظم ممارسة المهنة، إضافة إلى ضرورة سن تشريعات صارمة لحماية الأطباء من الاعتداءات داخل أماكن عملهم.

كما توجهت أصابع النقد إلى وزارة الصحة، متهمة إياها بالتقاعس عن إعداد استراتيجية وطنية لإعادة تأهيل المنظومة الصحية، وضمان توفير بيئة ملائمة لاستبقاء الكفاءات بدلًا من تركها فريسة للهجرة الجماعية.