"مش طالعين مش طالعين".. العريش تواجه الإزالات من جديد في ظل وعود حكومية منسيّة (فيديو)
الثلاثاء 15 يوليو 2025 10:30 م
وسط صيحات الألم وصرخات الغضب التي أطلقها أهالي حي الميناء بمدينة العريش، عادت جرافات محافظة شمال سيناء مدعومةً بقوات الأمن، لتنفيذ حملة إزالة واسعة النطاق في المراحل الرابعة والخامسة من مشروع تطوير ميناء العريش لبيعها لمستثمر أجنبي، الذي ينتظر "الأرض الفارغة"، بعد توقف دام ثلاث سنوات، في مشهد وصفه السكان بأنه لا يختلف كثيرًا عن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة.
مشاهد دخول المعدات الثقيلة، والمنازل تنهار أمام عيون ساكنيها، لم تكن مجرد فيديوهات متداولة على مواقع التواصل، بل تجسيد حيّ لأزمة تتجدد فصولها منذ عام 2019، عندما صدر قرار جمهوري بتخصيص الأراضي المحيطة بالميناء للقوات المسلحة لتطويره. القرار الذي لم يأتِ وحده، بل تبعته قرارات توسعة وأوامر إخلاء، ووعود رسمية بتعويضات عادلة وسكن بديل لم ترَ النور حتى الآن.
بداية الأزمة: من قرار جمهوري إلى احتجاجات غاضبة
في منتصف عام 2019، صدر القرار الجمهوري رقم 330، الذي قضى بتخصيص مساحة 371.46 فدانًا لصالح القوات المسلحة لتطوير ميناء العريش. لاحقًا، توسعت المساحة إلى 541 فدانًا، لتشمل مناطق واسعة من حي الريسة وساحل شرق العريش، بما في ذلك واحدة من أهم المناطق السياحية والسكنية في المدينة.
ورغم ما قيل عن مشروع "تطوير"، سرعان ما بدأ الأهالي يشعرون بأنهم على وشك فقدان كل شيء. حاولوا إيصال صوتهم عبر شكاوى رسمية، ووقفات احتجاجية، ولقاءات مع المسؤولين، كان أبرزها لقاء جمعهم بوزير النقل، كامل الوزير، في يوليو 2022، حيث تعهّد الأخير بعدم المساس بمنازلهم قبل توفير بدائل مناسبة وتعويضات عادلة. لكن الوعود ظلّت حبرًا على ورق.
عودة الجرافات: صدمة مباغتة بعد اجتماع لجنة الحكماء
في يونيو الماضي، تلقت لجنة الحكماء - المكوّنة من ممثلي السكان للتفاوض مع الحكومة - اتصالًا عاجلًا من مكتب سكرتير عام محافظة شمال سيناء، يفيد بضرورة الاجتماع العاجل. خلال الاجتماع، أُبلغت اللجنة بأن هناك "إشارة مستعجلة جدًا" من جهات سيادية بضرورة استئناف عمليات الإزالة دون تأخير.
رغم وعود سابقة بالتريث، فوجئ الأهالي فجر الأحد الماضي بانتشار أمني مكثف ودخول معدات الإزالة إلى الشوارع المحيطة بالميناء القديم. تم تطويق المربعات السكنية، وطُلب من سكانها الإخلاء الفوري، لتهوي المنازل بعد دقائق، في غياب كامل لأي بدائل ملموسة.
أحد السكان صرخ أمام الكاميرا: "بيهدوا بيوتنا زي ما اليهود بيعملوا في غزة.. مش هنطلع.. نموت هنا أحسن!"
تعويضات "هزيلة".. والسكن البديل في المجهول
محافظ شمال سيناء السابق، اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، كان قد صرّح في أواخر 2022 أن لجان التقييم قدرت سعر المتر في الشقة كاملة التشطيب بـ3500 جنيه فقط، وهو رقم وصفه الأهالي بـ"الظالم" مقارنة بأسعار السوق الفعلية وموقع الحي المطل على البحر.
كما أوضح المحافظ أن هناك شققًا بديلة بمساحة 100 متر في عشرة عمارات تم بناؤها جنوب العريش، وسيُتاح الحصول عليها بسعر 350 ألف جنيه، لكن حتى اليوم، لا يزال مصير هذه الشقق غامضًا، ولم يتسلم أي متضرر منها وحدة سكنية، بحسب إفادات السكان.
بين التطوير القسري والتجاهل الرسمي: العريش تقف وحيدة
السلطات تؤكد أن المشروع يهدف إلى "تحويل ميناء العريش إلى مركز تجاري ولوجيستي يخدم سيناء كلها"، لكن السكان يسألون: بأي ثمن؟ وهل يجوز أن يدفع المواطن ثمن "التنمية" من مأواه وأمنه؟
ما يزيد الطين بلة أن الإزالات طالت مساكن قديمة وحديثة، بعضها بُني بجهود ذاتية على مدى سنوات طويلة، وآخرها فيلات وعمارات تطل على البحر وتُعد من الأصول العقارية الباهظة.
الفيديو:
https://www.facebook.com/watch/?v=1213426990468719
https://www.facebook.com/rassdstories1/videos/1804941377071984