بدأت قطارات التالجو الإسبانية الفاخرة في مصر كرمز لتحديث منظومة السكك الحديدية، لكنها تتحوّل تدريجياً إلى وسيلة حصرية لأصحاب الدخل المرتفع، بعد إعلان الهيئة القومية لسكك حديد مصر عن زيادات ملحوظة في أسعار تذاكرها على جميع الخطوط، لتطال المواطنين المصريين والعرب والأجانب على حد سواء.

وأثارت الأسعار الجديدة، التي دخلت حيّز التنفيذ يوم الأربعاء 18 يونيو الجاري، موجة من الجدل والغضب على منصات التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات حول جدوى توفير خدمات "رفاهية" في وسيلة نقل عامة مقابل إقصاء قطاعات واسعة من المواطنين، لا سيما أبناء الطبقة المتوسطة التي تئن تحت وطأة أزمات معيشية متصاعدة.

 

أسعار التذاكر الجديدة: رفاهية لا تطال الجميع
سجّلت الزيادة في تذاكر التالجو ما بين 75 إلى 200 جنيه للفرد في الرحلة الواحدة للمصريين، وهي زيادات اعتبرها كثيرون غير مبررة، خاصة أن هذه القطارات لا تقدم خدمة جديدة سوى "الرفاهية الشكلية"، مقابل استبعاد فعلي لغالبية المواطنين من استخدامها.

 

أسعار خط القاهرة – الإسكندرية:

للمصريين:
الدرجة الأولى: 350 جنيهًا

الدرجة الثانية: 250 جنيهًا

للعرب:
الدرجة الأولى: 700 جنيه

الدرجة الثانية: 500 جنيه

للأجانب:
الدرجة الأولى: 50 دولارًا

الدرجة الثانية: 40 دولارًا

أسعار خط القاهرة – أسوان:
للمصريين:

المنيا وأسيوط: من 350 إلى 450 جنيهًا

سوهاج: 450 – 650 جنيهًا

قنا: 500 – 700 جنيهًا

الأقصر: 550 – 800 جنيهًا

أسوان: 750 – 900 جنيهًا

للعرب:

المنيا وأسيوط: من 700 إلى 900 جنيه

سوهاج: من 800 إلى 1300 جنيه

قنا: من 1000 إلى 1400 جنيه

الأقصر: من 1100 إلى 1600 جنيه

أسوان: من 1500 إلى 1800 جنيه

للأجانب بالدولار:

أسيوط: 60 – 75 دولارًا

سوهاج: 70 – 80 دولارًا

الأقصر: 75 – 85 دولارًا

أسوان: 90 – 95 دولارًا

 

"الطبقة المتوسطة خارج القطار".. جدل شعبي متصاعد
أبدى كثير من المواطنين استياءهم من تلك الأسعار التي تتجاوز في بعض الأحيان الحد الأدنى للأجور خاصة أن الرحلات الطويلة مثل القاهرة – أسوان باتت تتطلب ما يقارب ألف جنيه في اتجاه واحد للدرجة الثانية، ما يجعل السفر لعائلة من أربعة أفراد عبر التالجو رحلة بـ 6 إلى 8 آلاف جنيه للذهاب والعودة.

وتساءل البعض: "هل أصبحت السكك الحديدية العامة وسيلة نقل للأثرياء فقط؟ وأين البدائل للمواطن العادي؟ وهل العدالة الاجتماعية لا مكان لها في خطط تطوير النقل؟"

الهيئة تبرر: رفاهية مقابل تكلفة تشغيلية
من جانبها، تبرر الهيئة القومية للسكك الحديدية تلك الزيادات بارتفاع تكلفة التشغيل والصيانة وتوفير خدمات متميزة داخل عربات التالجو. وتضيف مصادر في الهيئة أن الأسعار الجديدة ما زالت "أرخص من أسعار القطارات السياحية في دول أوروبية".

لكن خبراء نقل يرون أن المقارنة غير منصفة، نظرًا لاختلاف مستويات الدخل وغياب الدعم الحقيقي للنقل الجماعي في مصر، في حين يرى آخرون أن الحل كان يجب أن يكون في تقديم "درجات اقتصادية بأسعار عادلة" في نفس القطارات، لتجنب قصر استخدامها على فئة محدودة.

 

غياب العدالة في التسعير: مصريون بنصف السعر.. أم بسعر مضاعف؟
اللافت أن الفروق بين أسعار المصريين والعرب والأجانب صادمة في بعض الحالات، إذ تبلغ تذكرة الأجنبي من القاهرة إلى أسوان حوالي 4750 جنيه (95 دولارًا)، أي أكثر من 3 أضعاف ما يدفعه المواطن المصري، مما يعيد الجدل حول التمييز في تسعير الخدمات العامة رغم أن البنية التحتية واحدة.

 

رفاهية على حساب الفئات الأضعف؟
في ظل موجة الغلاء ومحدودية الدخل، يرى كثير من المصريين أن الدولة تتحرك بشكل متسارع نحو "خصخصة غير معلنة" للخدمات الأساسية، ورفع الدعم تدريجيًا تحت شعار "تطوير الخدمات"، لكن الواقع يعكس مزيدًا من الإقصاء للمواطن البسيط، وهو ما يستوجب إعادة النظر في فلسفة التسعير والعدالة الاجتماعية.