قررت محكمة جنايات بدر (الدائرة الأولى إرهاب)، تجديد حبس أربعة من الموظفين الحكوميين السابقين، لمدة 45 يومًا، على ذمة القضية 4356 لسنة 2024، وذلك بعد أشهر من توقيفهم على خلفية مشاركتهم في مؤتمر سياسي للمطالبة بتعديل قانون مثير للجدل أدى لفصلهم من وظائفهم.

 

من الاحتجاج إلى الاتهام بالإرهاب
الوقائع تعود إلى 13 أكتوبر 2023، حين داهمت قوات الأمن منازل ستة موظفين سابقين من محافظات مختلفة، واعتقلتهم عقب مشاركتهم في مؤتمر أقامه حزبةالمحافظين -أحد الأحزاب المرخصة– للمطالبة بمراجعة القانون رقم 73 لسنة 2021، الخاص بشروط الاستمرار في الوظائف الحكومية، والذي يجيز فصل أي موظف تثبت التحاليل تعاطيه للمخدرات.

وبحسب محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إسلام سلامة، فقد أُخلي سبيل أحد المعتقلين بعد تحقيقات أجراها جهاز الأمن الوطني بالسويس، فيما بقي الخمسة الآخرون قيد "الإخفاء القسري" لعدة أيام، حتى ظهرت أربعة أسماء منهم أمام نيابة أمن الدولة العليا التي وجهت لهم تهمًا تشمل "الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

 

جلسة عبر الفيديو.. ودفاع يطالب بالحرية
مثّل المتهمون الأربعة – بيومي حسن مصطفى، وائل إسماعيل ذكي، سامح عبد العليم عبد الحفيظ، حسام شوقي عبد المحسن – أمام المحكمة عبر تقنية الفيديو من سجن العاشر 6، دون الإدلاء بأي تصريحات خلال الجلسة، وفقًا للمحامي سلامة الذي شدد على بطلان التهم، مطالبًا بالإفراج عنهم "ولو بتدابير احترازية"، مشيرًا إلى أن مشاركتهم في فعالية قانونية داخل حزب مرخص لا تستوجب السجن.

 

قانون العقوبات الجديد.. فصل دون حقوق
القانون 73 لسنة 2021، الذي يعد محور الأزمة، ينص على إجراء تحليل مفاجئ للكشف عن تعاطي المخدرات لأي موظف في الجهاز الإداري للدولة، سواء عند التعيين أو أثناء الخدمة، وفي حال ثبوت التعاطي، يتم الفصل دون الحصول على أي مستحقات مالية، باستثناء الاحتفاظ بحق المعاش عند بلوغ السن القانونية.

ورغم عدم صدور أرقام رسمية دقيقة عن عدد الموظفين المفصولين حتى الآن، فإن تصريحات سابقة لرئيس صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، عمرو عثمان، أشارت إلى فصل أكثر من 1000 موظف حتى مطلع 2023، في حين قالت النائبة البرلمانية إحسان شوقي، إن بعض التقديرات تشير إلى أن عدد المتضررين قد يصل إلى 60 ألف موظف.

 

مطالبات متواصلة.. واحتجاجات صامتة
على مدار العامين الماضيين، نفّذ المتضررون من القانون وأسرهم عددًا من الوقفات الاحتجاجية السلمية، أمام مجلس النواب وأمام نقابة الصحفيين، وفي محيط حزب المحافظين، تزامنًا مع عيد العمال. كما شهد مايو الماضي تحركًا لافتًا حين توجه العشرات منهم إلى مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة لتقديم شكاوى رسمية.

لكن أغلب هذه التحركات، رغم سلميتها، قوبلت إما بالإهمال الرسمي أو بإجراءات أمنية، كان أبرزها توقيف 13 موظفًا من أمام نقابة الصحفيين، أفرجت عنهم لاحقًا نيابة قصر النيل بضمان محل الإقامة.

 

تشكيك في دقة التحاليل
يشكك العديد من الموظفين المفصولين في مصداقية التحاليل، ويؤكدون أن لجان الفحص افتقرت للمعايير العلمية والانضباط، متهمين الجهات المسؤولة عن إجراء التحاليل بـ"العشوائية"، كما تجاهلت بعض اللجان روشتات علاجية من جهات رسمية تُثبت تناول أصحابها أدوية تؤدي إلى نتائج تحليل إيجابية خاطئة.

ويؤيد هذه الرواية الدكتور خالد مصيلحي، أستاذ العقاقير بجامعة القاهرة، الذي أكد أن العديد من الأدوية الشائعة – مثل الإيبوبروفين، أدوية البرد التي تحتوي على الإيفدرين، والنابروكسين – يمكن أن تعطي نتائج مضللة في تحاليل المخدرات.

 

مصير غامض وأرزاق مقطوعة
القانون لا يمنح الموظف المفصول أي تعويض أو حق في العودة لوظيفته حتى لو أثبت براءته لاحقًا، ما يجعل أسرًا كاملة عرضة للفقر والتشرد، خاصة أن حالات الفصل تُنفّذ دون تحقيق داخلي أو إجراءات تظلم واضحة.