بعد رحلة شاقة تخللتها الاعتقالات والتوقيفات الإدارية، عادت "قافلة الصمود" المغاربية إلى تونس، الأربعاء، قادمة من ليبيا، بعد الإفراج عن آخر الموقوفين من أعضائها الذين تم احتجازهم من قِبل قوات حفتر بشرق ليبيا المدعومة من الاحتلال الإماراتي.
وكانت القافلة تهدف إلى الوصول إلى معبر رفح عبر الأراضي الليبية والمصرية، في محاولة رمزية وشعبية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، إلا أن قوات حفتر الداعمه من الإمارات منعت ذالك واعتقلت المشاركين.
وقال المتحدث باسم القافلة، نبيل الشنوفي، إن القافلة انطلقت من مدينة زليتن الليبية عائدة إلى تونس بعد الإفراج عن آخر الموقوفين، وهم ثلاثة نشطاء ليبيين. وأضاف أن القافلة "رفضت العودة قبل ضمان الإفراج الكامل عن جميع المشاركين"، مؤكدًا أنهم أبلغوا هذا الشرط لجميع الوسطاء الذين تدخلوا في الأزمة.
وكانت سلطات شرق ليبيا التابعة لحفتر قد أوقفت مجموعة من النشطاء بدعوى عدم حيازتهم "جوازات سفر سارية أو وثائق هوية معترف بها"، وفق بيان وزارة الداخلية التابعة للحكومة المكلفة من مجلس النواب. القرار أثار جدلًا واسعًا، خاصة أن القافلة تضم أكثر من 1500 ناشط من دول المغرب العربي، بينهم تونسيون وليبيون وجزائريون وموريتانيون.
وكانت القافلة قد وصلت بالفعل إلى مشارف مدينة سرت، لكن تم منعها من مواصلة التقدم نحو الشرق، حيث يقع معبر مساعد الحدودي مع مصر. وتراجعت القافلة إلى مدينة مصراتة، في محاولة للضغط على سلطات شرق ليبيا للإفراج عن الموقوفين والسماح لها باستئناف مسارها نحو الأراضي المصرية.
"القافلة ليست مغامرة سياحية أو سياسية"، بحسب وصف أحد المنظمين، بل هي فعل تضامني عابر للحدود، يهدف إلى تسليط الضوء على جريمة الحصار المستمر على غزة، لا سيما في ظل العدوان الإسرائيلي الشامل المتواصل منذ 7 أكتوبر 2023.
ويخوض قطاع غزة حرب إبادة تشنها إسرائيل بدعم أمريكي علني، أوقعت حتى الآن أكثر من 185 ألف شهيد وجريح، وفق بيانات وزارة الصحة في القطاع، إلى جانب آلاف المفقودين ومجاعة خانقة تفتك بالأطفال والمرضى.
وكان منظمو "قافلة الصمود" يأملون في عبور الأراضي الليبية إلى مصر عبر معبر السلوم، ومن ثم التوجه إلى معبر رفح الحدودي، كرسالة تضامن شعبية عربية مع سكان القطاع.
القافلة التي انطلقت من تونس منتصف يونيو، حملت معها مساعدات رمزية ورسائل دعم، لكن رحلتها القصيرة في الأراضي الليبية كشفت عن حجم التحديات التي تعيق التحركات الشعبية، حتى في القضايا الإنسانية الكبرى.
رسائل سياسية وشعبية
رغم الإخفاق في العبور إلى غزة، إلا أن منظمي القافلة يعتبرون أن رسالتهم وصلت. وقال أحد المشاركين في بيان نُشر على صفحات التواصل: "عدنا من ليبيا، لكن غزة لا تزال في قلوبنا. نحن لم نفشل، بل كشفنا جانبًا من واقع مرّ تتداخل فيه الجغرافيا بالسياسة والانقسام".
وتطرح هذه الواقعة تساؤلات كبيرة حول قدرة الشعوب العربية على دعم القضية الفلسطينية في ظل القيود الرسمية والانقسامات الجيوسياسية، خاصة في وقت تمر فيه غزة بأسوأ كارثة إنسانية في تاريخها المعاصر.