وافق مجلس النواب دون تسجيل أي اعتراضات، على مشروع قانون "تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات"، المقدم من الحكومة، وذلك في مجموع مواده، على أن يتم التصويت النهائي في جلسة لاحقة.
ويهدف القانون، بحسب الحكومة، إلى إعادة هيكلة دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وتحسين كفاءة إدارة الشركات التي تملكها أو تساهم فيها، من خلال إنشاء "وحدة مركزية للشركات المملوكة للدولة" بمجلس الوزراء، ستكون بمثابة كيان رقابي وتنسيقي يرسم السياسات العامة ويتابع تنفيذها ضمن الإطار الزمني لخطة التخارج من بعض القطاعات الإنتاجية والخدمية، التي تضمّنتها وثيقة سياسة ملكية الدولة المعلنة في 2022.
وحدة مركزية جديدة.. وأدوار محددة
وبموجب المشروع، يرأس الوحدة التنفيذية الجديدة شخصية متفرغة من ذوي الخبرة والكفاءة في مجالات الاستثمار وإدارة المشروعات، وتضم في عضويتها خبراء اقتصاديين ومتخصصين، بهدف ضمان الإدارة الرشيدة للأصول العامة، و"تحقيق أقصى عائد اقتصادي واجتماعي"، كما يقول تقرير لجنة الشؤون الاقتصادية.
ويأتي القانون ضمن الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة لصندوق النقد الدولي، الذي اشترط ضمن اتفاق قرضه الأخير (2022) تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يتضمن تحقيق إيرادات من التخارج من أصول الدولة بنحو 3.6 مليار دولار خلال العام المالي الحالي.
تأييد مشوب بالتحفظ: "الخصخصة تخيف الناس"
النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة، دعم المشروع لكنه وجه انتقادات لاذعة لتأخر الحكومة في تقديمه، قائلًا: "الحكومة تذكرني بقصة السلحفاة والأرنب"، مشيرًا إلى أن المجتمع انتظر هذا القانون لعامين كاملين قبل أن يصحو فجأة على ضرورة تنظيم ملكية الدولة.
إمام شدد على أن العقبة الكبرى ليست في القانون نفسه، وإنما في "الشك الشعبي المزمن تجاه كل ما يمت لمفهوم الخصخصة"، مضيفًا: "المواطن يرى قطاع الأعمال العام ملكًا وطنيًا ساهم فيه بجهده وضرائبه، وأي محاولة للتخارج منه تقابل تلقائيًا بالريبة، خاصة بعد حوادث تحويل بعض المصانع إلى مشروعات عقارية".
وطالب النائب الحكومة بإجراءات ملموسة لطمأنة الرأي العام، على رأسها حصر الأراضي الفضاء التابعة لشركات قطاع الأعمال ونقل تبعيتها إلى كيانات تابعة للدولة مثل الصندوق السيادي، لتجنب بيعها بثمن بخس أو استخدامها في أنشطة مضاربية لا تخدم التنمية.
"إعادة تنظيم أم خصخصة مقنّعة؟"
رغم ما تسوقه الحكومة من أن المشروع يستهدف "إعادة تنظيم الأدوار" بين الدولة والشركات، وخلق مناخ استثماري أكثر جاذبية عبر حوكمة رشيدة، إلا أن مراقبين يرون فيه غطاءً قانونيًا لعملية خصخصة تدريجية، خاصة أن النصوص جاءت متسقة مع وثيقة سياسة ملكية الدولة التي حددت مجالات انسحاب الدولة من عشرات القطاعات.
وكان وزير قطاع الأعمال العام محمد شيمي قد أعلن الشهر الماضي عن "تحسن كبير" في نتائج أعمال الشركات التابعة للوزارة، مشيرًا إلى تحقيق إيرادات تقدر بنحو 60 مليار جنيه وصافي أرباح يتجاوز 17 مليار جنيه في النصف الأول من العام المالي الجاري.
لكن هذه الأرقام –وفق مراقبين– قد تستخدم لاحقًا لتعظيم قيمة الأصول قبل بيعها، كما حدث في تجارب سابقة انتهت بسيطرة رجال أعمال على قطاعات حيوية دون ضمانات حقيقية لاستمرار التشغيل أو الحفاظ على العمالة.
صندوق مصر السيادي.. أداة للتمرير أم الحماية؟
أحد المقترحات التي طُرحت تحت قبة البرلمان، وتم تداولها في دوائر اقتصادية، هو الاستفادة من صندوق مصر السيادي –الذي أُسس في 2018 لتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص– في إدارة عمليات التخارج من الأصول العامة.
غير أن استخدام الصندوق نفسه في صفقات نقل ملكية أصول حكومية كبرى لصالح مستثمرين خليجيين وأجانب، أثار بدوره تساؤلات عن مدى قدرته على الحفاظ على التوازن بين جذب الاستثمار والحفاظ على حقوق الدولة.