شهد مستشفى أورام دار السلام "الهرمل"، أحد أبرز المراكز الحكومية لعلاج الأورام في مصر، أزمة جديدة بعد أن تطور رفض دخول عدد من المرضى إلى اشتباكات بين بعضهم وبين أفراد الأمن التابعين للإدارة الجديدة للمستشفى، والتي تتبع حاليًا مجموعة "جوستاف روسيه" الفرنسية، في إطار خطة خصخصة تدريجية تقودها وزارة الصحة.

 

اشتباك أمام البوابة
وقعت الحادثة في ساعات الصباح، بعد أن تُرك عدد من مرضى قرارات العلاج على نفقة الدولة منتظرين أمام المستشفى منذ الساعة الثامنة صباحًا دون السماح لهم بالدخول، حسبما أكد أحد المرضى ورفض ذكر اسمه.

وأضاف أن مريضين حاولا دخول المبنى للاحتجاج على سوء المعاملة من قبل الأمن، لكن الأمر تطور إلى مشادة حادة، انتهت -بحسب روايته- باعتداء جسدي من قبل أفراد الأمن.

ورغم أن إدارة المستشفى قللت من الواقعة، ووصفتها بـ"مشادة كلامية بسيطة تم احتواؤها"، إلا أن الشكاوى المتكررة من سوء معاملة المرضى خلال الأشهر الأخيرة تسلط الضوء على أزمة أعمق تتعلق بمستقبل المستشفى بعد خصخصته.

 

طرد من الاستراحة وتقليص العلاج
ليست هذه هي المرة الأولى التي يشكو فيها المرضى من تعنت الإدارة الجديدة.

ففي أبريل الماضي، اشتكى عدد من المرضى من منعهم من دخول استراحة الانتظار داخل المستشفى، وإجبارهم على الانتظار لساعات طويلة تحت الشمس، رغم قدوم بعضهم من محافظات بعيدة.

الإدارة نفت حينها تلك المزاعم، لكن تكرار الشكاوى يعكس نمطًا متصاعدًا من التضييق على المرضى، خاصة من الفئات الفقيرة والمعتمدة على العلاج الحكومي المجاني.

وفي شكاوى أخرى، تحدث عدد من المرضى عن توقف صرف الأدوية، ومطالبتهم بشرائها على نفقتهم الخاصة، واشتراط الإدارة فتح ملفات جديدة وإعادة إصدار قرارات العلاج، ورفض ختم التقارير الطبية المعتمدة، بحجة تغيير الختم.

الأخطر، بحسب شهادات مرضى، أن الإدارة الجديدة قلّصت عدد جلسات العلاج الكيماوي المقررة على نفقة الدولة من 16 جلسة إلى 6 فقط، دون توضيحات طبية أو قانونية كافية.

 

إدارة فرنسية وأرباح منخفضة لوزارة الصحة
في 6 فبراير 2025، أبرمت وزارة الصحة عقد شراكة مع شركة "إليفيت"، الشريك الحصري للمعهد الفرنسي "جوستاف روسيه" في مصر، يخولها إدارة وتشغيل وتطوير مستشفى "هرمل"، ليصبح أول فرع للمعهد خارج فرنسا.

وينص العقد على حصول الوزارة على نسبة 3% فقط من إيرادات التشغيل خلال أول 5 سنوات، ترتفع إلى 5% لاحقًا، في مقابل تنازلها عن إدارة المستشفى.

وفي مارس وافق مجلس الوزراء على منح المعهد الفرنسي حق تشغيل المستشفى، رغم اعتراض نقابة الأطباء ومنظمات مهنية وحقوقية عديدة.

وبعدها بشهور، أقر الرئيس عبد الفتاح السيسي القانون رقم 87 لسنة 2024، الذي يمنح المستثمرين، سواء مصريين أو أجانب، صلاحيات واسعة في إدارة وتشغيل المنشآت الصحية العامة.

 

اعتراضات قانونية وتحركات مرضى
في ظل تدهور أوضاع المستشفى وتزايد التضييقات، يستعد عدد من المرضى للتوجه إلى مقر وزارة الصحة الثلاثاء المقبل، لتقديم شكاوى رسمية ضد الإدارة الجديدة، بحسب ما أكده محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء.

وأوضح أن بعض الأهالي أُبلغوا بعدم وجود أماكن لعلاج أطفالهم، أو بنقص الأطباء، وطُلب منهم "المحاولة لاحقًا"، دون أي ضمان.

وأشار فؤاد إلى أن المرضى على نفقة الدولة هم الأكثر تضررًا من السياسات الجديدة، التي تهدف لتقليل الضغط على الأسرّة تمهيدًا لتوسيع القسم الخاص بالمستشفى.

في السياق ذاته، تقدم المحامي الحقوقي خالد علي، موكلًا عن ستة أطباء بينهم منى مينا ورشوان شعبان، بدعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري للمطالبة بإلغاء قرارات خصخصة المنشآت الصحية، واصفًا القانون الجديد بأنه مخالف للدستور، ويعرض حقوق المرضى والأطباء للخطر، بما في ذلك السماح بالاستغناء عن 75% من العاملين.