أثار المقال الذي نشره الصحفي البريطاني جوناثان كوك في موقع ميدل إيست آي تحت عنوان "جريتا تونبرج حاولت إحراج قادة الغرب – فوجدت أنهم بلا خجل" جدلا حول تواطؤ الغرب المستمر في مأساة غزة. فقد استعرض كوك كيف تستر الغرب على الإبادة الجارية بحق الفلسطينيين، في الوقت الذي يرفع فيه شعارات حقوق الإنسان دون أي التزام حقيقي بها.
فرضت بعض الحكومات الغربية مثل بريطانيا وكندا وأستراليا قيود سفر رمزية على الوزيرين الإسرائيليين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. لكن هذه الخطوة لا تمثل سوى تغطية سياسية لعجزهم الفعلي، بينما يواصلون دعمهم لإسرائيل رغم المجازر والدمار. قارن كوك بين هذا التهاون وبين العقوبات القاسية التي فرضوها على روسيا، والتي تجاوزت 2500 إجراء، في حين يتجنبون اتخاذ خطوة جدية واحدة ضد إسرائيل.
يعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ووزير خارجيته ديفيد لامي أن ما يحدث في غزة "لا يمكن تحمله"، لكنهم يتحملونه يوميًا، بينما تتساقط القنابل على رؤوس الأطفال وتستمر المجاعة. سقط أكثر من 220 صحفيًا، ومع ذلك، تواصل وسائل الإعلام الغربية ترديد السرد الإسرائيلي كما هو، دون تمحيص.
يرى كوك أن الإبادة في غزة ليست عشوائية، بل مخططة بإتقان. يفضح المقال اعتراف بنيامين نتنياهو بتسليح جماعات إجرامية داخل غزة – بعضها يرتبط بتنظيم داعش – بهدف تفكيك المجتمع الفلسطيني وزرع الفوضى. تهاجم هذه الجماعات قوافل الإغاثة، مما يمنح إسرائيل ذريعة جديدة لتشديد الحصار بحجة أن المساعدات تُنهب.
أنشأت إسرائيل كيانًا وهميًا بديلاً عن الأمم المتحدة تحت اسم "مؤسسة غزة الإنسانية"، والهدف منه دفع الفلسطينيين للتجمع في مناطق مكتظة قرب الحدود المصرية تمهيدًا لطردهم. المجازر اليومية عند نقاط توزيع المساعدات لا تلقى أي تغطية إعلامية حقيقية، فيما تواصل وسائل الإعلام الكبرى تبني الرواية الرسمية لتل أبيب.
حين التحقت الناشطة البيئية جريتا تونبرج بسفينة "مادلين" التي تحمل العلم البريطاني لكسر الحصار البحري، اعترضتها إسرائيل في المياه الدولية واختطفت طاقمها، وسط صمت غربي مطبق. وصفت الصحافة تلك المبادرة بـ"استعراض المشاهير"، في سخرية صريحة من أي تحدٍ فعلي للاحتلال.
أكد كوك أن هذا الصمت يكشف مدى احتقار الغرب للقانون الدولي. لو أرادت بريطانيا أو فرنسا أو كندا إرسال قوافل بحرية حقيقية، لاضطرت إسرائيل إلى التراجع. لكن بدلاً من ذلك، يكتفي قادتهم بالخطابات الفارغة، بينما يغرق قطاع غزة في الجوع والانهيار.
يرى كوك أن إسرائيل تسعى لتحويل غزة إلى منطقة تسودها الفوضى والاقتتال الداخلي، حيث تحكمها العصابات المسلحة بدلًا من أي بنية مجتمعية. يعتمد هذا النهج على سياسات استعمارية قديمة: التفكيك، التجويع والإقصاء ثم الطرد. يدعم الغرب هذا المسار ضمنيًا، تمامًا كما دعم ذات يوم حملات الإبادة ضد شعوب العالم المستعمَر.
في خاتمة المقال، يؤكد كوك أن وقوف جريتا تونبرج في وجه آلة القتل الإسرائيلية والخذلان الغربي يفضح جبن قادة العالم الغربي، الذين يختبئون وراء شعارات جوفاء. يخلص إلى أن تغيير الواقع في غزة لن يحدث ما لم يتحرك الرأي العام العالمي للضغط وكسر هذا التواطؤ. فالإبادة مستمرة، ومتلفزة ومحسوبة، ومع ذلك، تُقابل بتصفيق ضمني من حكومات تدّعي أنها حامية للعدالة.
https://www.middleeasteye.net/opinion/greta-thunberg-tried-shame-western-leaders-and-found-they-have-no-shame