تتسع دائرة الغضب في محافظة الجيزة، مع تصاعد احتجاجات أولياء الأمور ضد قرارات مديرية التربية والتعليم، التي أسفرت عن تسكين أطفالهم في مدارس تجريبية واقعة بمناطق بعيدة تمامًا عن محل سكنهم، في إدارات تعليمية متطرفة مثل الصف وأطفيح والعياط.

ويؤكد أولياء الأمور أن هذه القرارات لا تراعي الظروف الاجتماعية أو الجغرافية للعائلات، خاصة أن كثيرًا منهم يقطنون إدارات مركزية مثل الدقي والعجوزة والعمرانية وبولاق، بينما تطلب منهم الوزارة يوميًا أن يسلكوا طرقًا قد تستغرق ساعتين للوصول إلى مدرسة الطفل، ثم توقّعهم على إقرارات تمنعهم من تحويل أبنائهم إلى مدارس أخرى لمدة تصل إلى خمس سنوات.
 

احتجاجات ومشادات في الإدارات التعليمية
   تسارعت وتيرة الاحتجاجات مع بداية توزيع مديرية تعليم الجيزة الأطفال المتقدمين للمدارس التجريبية منذ يونيو الماضي، بعد ظهور نتيجة التنسيق السادس فقط يوم الخميس الفائت، ليُفاجأ آلاف أولياء الأمور بأن أسماء أبنائهم ظهرت في مدارس تابعة لإدارات تبعد عشرات الكيلومترات عن أماكن إقامتهم.

واندلعت مشادات داخل إدارات الصف وأطفيح والعياط التعليمية بين أولياء الأمور والموظفين، بعدما طلبت الإدارات توقيع إقرار يلزم ولي الأمر بعدم المطالبة بتحويل الطفل، مع تحمل مسؤولية الحضور اليومي، واعتبار أي غياب بمثابة موافقة ضمنية على نقل الطفل إلى مدرسة حكومية "عربي" بدلًا من "تجريبي".

وبحسب فيديوهات اطلعت من شهود عيان طلبوا عدم نشر أسمائهم، فإن بعض الأهالي رفضوا التوقيع، ما أدى إلى فوضى ومشاحنات داخل الإدارات، وسط تجاهل لمطالبهم بإعادة النظر في القرار.
 

وقفة احتجاجية وهجوم إلكتروني
   تزامنًا مع الفوضى داخل الإدارات، نظّم عدد من أولياء الأمور المتضررين وقفة احتجاجية أمام ديوان مديرية التعليم في الجيزة، ورفعوا لافتات وهتفوا "عاوزين حلول" و"لا لنقل أولادنا للصحرا".

كما أطلق أولياء الأمور حملة إلكترونية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمين وسم "حق أولادنا بيضيع"، و"لا لتعسف مديرية الجيزة"، و"لا لمعاقبة أولياء الأمور"، للتنديد بما اعتبروه "قرارًا ظالمًا وتعسفيًا".

وفي بيان نُشر على فيسبوك، اتهم المحتجون المديرية بإهدار حق أطفالهم في التعليم الجيد ضمن نطاق سكنهم، مؤكدين أنهم تقدموا للمدارس التجريبية في موعدها المعلن، وتم قبولهم فقط بعد التنسيق السادس، أي بعد تأخير استمر أكثر من خمسة أشهر.
 

مطالب أولياء الأمور: حلول واقعية لا ترحيل قسري
   يطالب الأهالي بعدة حلول بديلة، أبرزها إنشاء فصول ملحقة بالمدارس الحكومية القريبة من محل الإقامة، أو السماح بزيادة الكثافة الطلابية داخل الفصول كما كان معمولًا به العام الماضي (60 تلميذًا في الفصل)، خاصة أن بعض المدارس المركزية لديها فصول غير مستخدمة.

كما طالبوا وزير التربية والتعليم بالتدخل الفوري لإلغاء الإقرارات التي تمنع التحويل، معتبرينها "أسلوبًا قسريًا لا يليق بنظام تعليمي محترم"، على حد وصفهم.
 

رد التعليم: التزام بخفض الكثافة وإنقاذ آخر فرصة للطفل
   من جهتها، قالت مصادر مطلعة داخل مديرية التعليم بالجيزة، وإدارة التجريبيات بوزارة التربية والتعليم، في تصريحات إن القرار جاء تطبيقًا لتوجيهات الوزير بضرورة خفض الكثافة الطلابية من 60 إلى 49 طالبًا فقط في الفصول التجريبية.

وأوضح المصدران، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما، أنهما اضطرّا لتسكين الأطفال الذين تجاوزت أعمارهم 5 سنوات في الإدارات المتاحة لضمان التحاقهم قبل بلوغهم 6 سنوات، وهو السن القانوني الأقصى للتقدم للمدارس التجريبية.

وأشار المصدران إلى أن نحو 8 آلاف طالب وطالبة لا يزالون بلا مقاعد في إدارات التعليم المركزية بالجيزة مثل الهرم، والدقي، والعمرانية، والعجوزة، وأوسيم، والبدرشين، وحدائق أكتوبر، وغيرها، ما اضطر الوزارة لتوزيع المتبقين على الإدارات الطرفية.