مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ600، تتصاعد مشاهد الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال وسط دعم أمريكي وصمت دولي مريب.
ويأتي هذا التصعيد بعد 72 يومًا من استئناف الحرب عقب تنصل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من اتفاق وقف إطلاق النار، متذرعًا بأولويات أمنية زائفة، ومتسلحًا بغطاء سياسي وعسكري من واشنطن، ومتنكرًا لأي التزامات إنسانية أو قانونية.
في هذا اليوم الدامي، وثّقت وزارة الصحة في غزة استشهاد 29 مواطنًا منذ فجر أمس الثلاثاء، إثر سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت مناطق متفرقة من القطاع، في وقت تحوّل فيه الحصار الخانق ومنع دخول المواد الغذائية منذ مارس إلى مجاعة حقيقية تهدد أرواح أكثر من مليون فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء.
مجازر متجددة في خان يونس وجباليا
في أبرز الهجمات، استشهد مواطنان على الأقل بعد قصف خيمة تأوي نازحين من عائلة الشاعر غربي خان يونس، فيما ارتقى 4 شهداء وأصيب آخرون في استهداف مباشر لمجموعة من المدنيين قرب منطقة الفاخورة بمخيم جباليا شمالي غزة.
كما استشهد الشاب إبراهيم عصام أبو رحمة جراء قصف استهدف بلدة القرارة بخان يونس، بينما قضى سالم عطا سالم أبو موسى متأثرًا بجراح أصيب بها أمس في محيط مركز المساعدات برفح.
وفي جريمة أخرى، استشهدت السيدة كفاح عودة سليمان السواركة صباح اليوم برصاص قوات الاحتلال أثناء اقترابها من نقطة توزيع مساعدات جنوب خان يونس، كما استهدف قصف آخر الشاب قسام بسام كوارع قرب مستشفى غزة الأوروبي، وياسين سلمان إبراهيم بركة في عبسان الكبيرة شرقي خان يونس.
استهداف منازل المدنيين والصحفيين
استمر الاحتلال في تدمير البنية التحتية ومنازل المدنيين، حيث أدى قصف على منزل عائلة الصحفي أسامة العربيد في غزة إلى استشهاد 9 مواطنين وإصابة 15 آخرين.
كما أسفر قصف منزل عائلة عقيلان في مدينة دير البلح وسط القطاع عن استشهاد 6 أشخاص.
وقصفت طائرات الاحتلال منزلًا في حي الصفطاوي شمال مدينة غزة، فيما شهدت المناطق الشرقية لمدينة غزة وجنوب خان يونس نسفًا ممنهجًا لعدة مبانٍ سكنية في ساعات متأخرة من الليل.
الطائرات والمدفعية لا تهدأ
وفي سلسلة أخرى من الجرائم، استهدفت طائرة مسيرة موقعًا في منطقة أرميضة ببني سهيلا شرقي خان يونس، تزامنًا مع قصف مدفعي وإطلاق نار كثيف من الآليات العسكرية الإسرائيلية على بلدة القرارة شمالي خان يونس.
كما شنّت الطائرات الحربية غارة جوية عنيفة استهدفت منطقة معن شرقي خان يونس في وقت متأخر من الليلة الماضية، وسط مخاوف من وجود ضحايا لا يزالون تحت الأنقاض.
مشهد مأساوي يصرخ في وجه العالم
مع تفاقم المجاعة وانعدام الأمن الغذائي، يواجه سكان القطاع كارثة إنسانية متكاملة الأركان، وسط غياب شبه كامل لأي تحرك دولي فعال أو ضغط حقيقي لوقف الإبادة، في وقت تواصل فيه إسرائيل سياسة "الأرض المحروقة" دون تمييز بين مدني وعسكري، بين طفل وشيخ، بين بيت ومدرسة.
600 يوم مرت على سكان غزة في مواجهة حرب لا رحمة فيها، فيما لا يزال المجتمع الدولي في موقف المتفرج، وكأن الدم الفلسطيني لا وزن له على موازين الإنسانية.