عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية للمرة الأولى في ولايته الثانية، حاصداً في يومه الأول وعوداً واستثمارات سعودية تجاوزت قيمتها 600 مليار دولار، شملت صفقات دفاعية ضخمة، واتفاقيات في الطاقة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تعاون في الصحة والنقل والفضاء.

استُقبل ترامب بحفاوة لافتة في العاصمة الرياض، وسط مراسم رسمية استثنائية واحتفاء غير مسبوق، يتجاوز البروتوكولات التقليدية، ما يشير إلى رهانات مشتركة بين الطرفين على مستقبل العلاقات الثنائية في منطقة تمور بالتحولات الجيوسياسية.
 

تريليون على الطاولة.. من الشراكة إلى التوظيف
   في قصر اليمامة، وقّع ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان "وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية"، إلى جانب 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم غطت معظم القطاعات الحيوية.

ابن سلمان أعلن أن المملكة تتطلع إلى ضخ استثمارات بقيمة 600 مليار دولار في السوق الأميركية، قائلاً إنها قد تصل إلى تريليون دولار خلال سنوات، أما ترامب، فصرّح بثقة: "أعود لأميركا بتريليون دولار ومليوني فرصة عمل".

هذه التصريحات ترافقت مع الإعلان عن أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 500 مليار دولار خلال العقد الماضي (2013-2024)، فيما تجاوزت الاستثمارات الأميركية المباشرة في السعودية 54 مليار دولار حتى نهاية 2023، أي ما يعادل 23% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في المملكة.
 

تفاصيل الصفقات والاتفاقيات.. بالأرقام والقطاعات
أولا: الدفاع والأمن

  • 142 مليار دولار قيمة ما وصفه البيت الأبيض بـ"أكبر صفقة مبيعات دفاعية في التاريخ"، تشمل تزويد المملكة بمعدات قتالية متطورة وشراكات مع 12 شركة دفاع أميركية.
  • صفقات لتحديث الذخائر، وتدريب القوات البرية والجوية، وتوفير خدمات الصيانة.
  • مذكرات تفاهم لتطوير قدرات وزارة الحرس الوطني والقوات المسلحة صحياً وتقنياً.
  • تعاون أمني موسع بين وزارة الداخلية السعودية ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI).
  • مناقشات أولية بشأن صفقة محتملة لشراء مقاتلات إف-35.

ثانياً: التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

  • شراكة سعودية أميركية بين شركة "هيوماين" المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة، وشركة "إنفيديا" لتعزيز الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
  • توقيع اتفاقات مع "أمازون ويب سيرفيسز" و"أوراكل"، لتطوير بنية تحتية تقنية، مع إطلاق مراكز بيانات عملاقة بحلول 2026.
  • استثمار سعودي مباشر بـ20 مليار دولار في مراكز بيانات أميركية.
  • إيلون ماسك شارك في الوفد، وأشاد بالشراكة مع السعودية في "ستارلينك"، الروبوتات، وسيارات تسلا.

ثالثاً: الطاقة

  • مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارتي الطاقة.
  • شركة "جنرال إلكتريك فيرنوفا" تصدر توربينات غاز ومعدات طاقة للسعودية بقيمة 14.2 مليار دولار.
  • "أرامكو" تستثمر 3.4 مليار دولار لتوسعة مصفاتها الأميركية، وتوقّع اتفاقية لتوريد 6.2 ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال.

رابعاً: النقل والجمارك

  • توقيع بروتوكول لتحديث اتفاق النقل الجوي.
  • اتفاقية تعاون جمركي ثنائي.
  • إعلان شركة "أوبر" عن إطلاق السيارات ذاتية القيادة في السعودية خلال 2025.
  • السعودية تعتزم شراء 30 طائرة بوينغ 737 ماكس لصالح شركة تأجير الطائرات "آفي ليس".

خامساً: الفضاء والصحة والبيئة

  • تعاون بين وكالة الفضاء السعودية و"ناسا" لتنفيذ مشروع "كيوب سات".
  • اتفاقيات طبية وبحثية حول الأمراض المعدية.
  • اتفاقات للحفاظ على البيئة والمناخ.
     

خلف الاستقبال الملكي.. رسائل سياسية ودلالات كبرى
   الاستقبال الذي حظي به ترامب لم يكن عادياً.
رافقته مقاتلات سعودية "إف-15" منذ دخوله الأجواء، واستقبله ولي العهد شخصياً في المطار، في مشهد لا يتكرر إلا نادراً.

داخل قصر اليمامة، جرت مراسم رسمية لافتة، تخللها عزف للنشيدين الوطنيين، واستعراض حرس الشرف، وموكب من الخيالة والطائرات.
ترامب بدا منبهراً، وقال في منتدى الاستثمار: "هذا يوم عظيم لي.. وابن سلمان حكيم للغاية، يفكر بعمق في مستقبل بلاده".
 

تطبيع مؤجل وسوريا على الطاولة
   فيما يخص إسرائيل، قال ترامب إنه يأمل بانضمام السعودية إلى "اتفاقيات أبراهام"، لكنه أشار إلى أن القرار "يعود للرياض"، وأكد أن انضمام السعودية سيكون "لحظة تاريخية"، لكنه تفهّم التريث السعودي.

أما المفاجأة السياسية، فكانت إعلان رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، بعد مشاورات مع محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال ترامب: "آن الأوان لمنح سوريا فرصة، وسنتخذ خطوات نحو تطبيع العلاقات". وأعلن عن لقاء مرتقب بين وزيري خارجية واشنطن ودمشق في تركيا.
 

رجال أعمال ومليارات متنقلة
   رافق ترامب وفد اقتصادي رفيع ضم 32 من كبار رجال الأعمال الأميركيين، من بينهم مؤسس "تسلا" إيلون ماسك.
وحسب تصريحات البيت الأبيض، فإن معظم الصفقات تم التفاوض عليها مسبقاً، لكن التوقيع النهائي والالتزام السياسي أُنجزا خلال هذه الزيارة.

وقال ترامب أمام المنتدى: "رجال الأعمال سيغادرون اليوم وهم يحملون شيكات ضخمة.. هذا يوم عظيم لأميركا".