حذّر المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، عبر وسائل الإعلام، حركة حماس من تهديد الأمن القومي اللبناني، في تجاهل تام للحقائق التي تؤكد أن إسرائيل هي من تقوّض أمن لبنان وتعتدي على أراضيه قتلاً وقصفاً واحتلالاً دون رادع. هذا التحذير يمهّد الطريق لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان، ويُلمّح إلى أن وجود السلاح فيها يُشكّل تهديداً لأمن لبنان ووحدة أراضيه. 

ولا يُستبعد استخدام هذا الملف لاحقاً لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية والزجّ باسم حماس في صراعات داخلية مستقبلية. هذا التوجه ينسجم مع رؤية محمود عباس، المعادي للمقاومة الفلسطينية عموماً ولحماس خصوصاً، والذي يعتزم زيارة لبنان قريباً لمناقشة مسألة السلاح في المخيمات.

في المقابل، يأتي هذا التحذير اللبناني المفاجئ استجابة لرؤية أمريكية-إسرائيلية تعيد هندسة المشهد السياسي والجغرافي في المنطقة بما يسمح بسيطرة إسرائيلية مطلقة بلا منازع. هذا الاصطفاف يتقاطع مع خطوات عربية أخرى، مثل تجريم الأردن لدعم المقاومة الفلسطينية، وجهود النظام السوري، تحت ضغط أمريكي، لخنق فصائل المقاومة الفلسطينية ومنع نشاطها داخل سوريا بذريعة "ضبط السلاح".

يتضح إذن أن التحذير اللبناني لا يُعدو كونه مشهداً من مشاهد متعددة تشكل معاً الرؤية الأمريكية الإسرائيلية لمستقبل المنطقة. مستقبل قاتم لكرامة العرب، حيث تنتهك إسرائيل الأرض والسماء والمقدرات العربية يومياً بإذلال واستفزاز، بينما تتولى الأنظمة العربية مهمة تقليم أظافر المقاومة وقطع خطوط إمدادها بضغط أمريكي مباشر. وعندما تفشل هذه الأنظمة، تتولى الولايات المتحدة تنفيذ المهمة بنفسها، كما يحدث الآن عبر القصف الأمريكي لليمن دفاعاً عن إسرائيل، المستمر منذ أسابيع.

هذا الاصطفاف الرسمي مع الأهداف الإسرائيلية الأمريكية يدفع البعض للتعامل مع المقاومة الفلسطينية بتعالٍ واستخفاف، باعتبارها الحلقة الأضعف، فلا ثمن سياسي كبير لخوض العداء ضدها وتشويه صورتها، رغم امتلاكها الحق المشروع في مقاومة الاحتلال العسكري والدفاع عن الأرض والشعب والمقدسات. هنا لا بد من التذكير بالإساءات العلنية والمهينة التي وجهها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للمقاومة الفلسطينية، في الوقت الذي يلتزم فيه الصمت أمام جرائم الاحتلال الذي ينتهك كرامة العرب نهاراً وليلاً، دون أن يجرؤ أحد على تهديده أو مجرد إدانته شكلياً، رغم أن عدوانه اليومي يُعرض على الشاشات أمام الجميع.

لكن هذا التماهي العربي مع الرغبة الإسرائيلية في تصفية المقاومة سيصطدم عاجلاً أو آجلاً بالدعم الشعبي الواسع للمقاومة وجذورها العميقة في قلوب الأحرار من أبناء الأمة. المقاومة التي صمدت طيلة 18 شهراً أمام العدو الإسرائيلي وقدّمت خيرة قادتها ومقاتليها دون أن تنكسر، قادرة على النهوض مجدداً وترميم ما دمّره الاحتلال. وعندها، قد يسعى كثيرون ممن اصطفوا اليوم إلى جانب إسرائيل إلى التقرّب من المقاومة بعد أن تضعف شوكتهم ويفشلوا في اجتثاثها من أرض فلسطين وما حولها.

https://www.middleeastmonitor.com/20250507-official-arab-alignment-with-israel-to-eliminate-the-resistance/