تشن الولايات المتحدة غارات جوية على اليمن منذ 49 يومًا متتالية، مستهدفة أكثر من ألف موقع، وفقًا لتقرير نشره موقع ميدل إيست آي.

وكشفت تسريبات من مجموعة خاصة على تطبيق "سيجنال" عن خطط إدارة ترامب السابقة لشن حرب على اليمن لحماية إسرائيل والملاحة الغربية في البحر الأحمر، مع مطالبة الحكومات العربية والأوروبية بدفع التكاليف.

أوضح أحد المشاركين في المحادثة، والذي يُعتقد أنه مستشار ترامب ستيفن ميلر، أن الهدف من العملية هو استعادة حرية الملاحة مقابل تحقيق مكاسب اقتصادية من مصر وأوروبا.

ترامب، كعادته، يريد من الآخرين دفع ثمن تدخلات بلاده، باستثناء إسرائيل التي تحظى بشيك مفتوح للحرب.

ترتبط الحملة الأمريكية الحالية في اليمن بإبادة غزة، حيث يهاجم الحوثيون السفن المرتبطة بإسرائيل ويردون بالصواريخ.

رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي رفض اقتراح ترامب بالسماح المجاني بمرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس. ويرى كثير من المصريين أن المعركة ليست من أجل مصر، بل من أجل إسرائيل.

أوضح الحوثيون أن فك الحصار البحري لن يتم إلا بوقف الإبادة الأمريكية الإسرائيلية في غزة.

وقال محمد، أحد سكان صنعاء، إن قتل المدنيين الأبرياء فشل أخلاقي أمريكي، ويؤدي إلى إطالة أمد الحرب وتوسيع دائرة الأعداء، وذلك بعد مقتل 12 شخصًا في حيّه إثر غارة أمريكية.

لترامب تاريخ في قصف اليمن، حيث أمر بغارة في يناير 2017 أدت إلى مقتل الطفلة نوار العولقي، ابنة المواطن اليمني الأمريكي أنور العولقي.

هذه الجريمة كانت تأكيدًا أن ترامب لا يختلف عن من سبقه في استسهال العنف ضد العرب.

وخلال ولايته الثانية، واصل ترامب قصف اليمن، بعد أن بدأ جو بايدن الضربات أواخر 2023.

قُتل هذا الأسبوع أكثر من 68 شخصًا، أغلبهم مهاجرون أفارقة، في غارة على مركز احتجاز في صعدة.

وقبلها، قتلت غارة أخرى 74 شخصًا في منشأة نفطية حيوية.

تقول القيادة المركزية الأمريكية إن الضربات تستهدف الحوثيين لإضعاف مصادرهم الاقتصادية، لكنها أسفرت عن مقتل مدنيين وتدمير البنية التحتية.

وكما تفعل إسرائيل، تدمّر هذه الحملة الاقتصاد اليمني الهش، الذي أنهكته حرب دامت عقدًا من الزمان.

منذ عام 2000، والغرب يشن حروبًا متواصلة على اليمن. بعد هجوم القاعدة على المدمرة الأمريكية "كول"، بدأت ضربات الطائرات الأمريكية بدون المسيرة في 2002 وتوسعت في عهد أوباما وبلغت ذروتها مع ترامب.

في 2004، بدأت الحكومة اليمنية المدعومة من الغرب أولى الحروب ضد الحوثيين، واستمرت حتى 2010، وتوسعت بدعم سعودي.

وفي 2015، أطلق محمد بن سلمان حربًا جوية دعمتها أمريكا.

في الجنوب، أنشأت الإمارات تحالفات في عدن وبنت كيانًا موازٍا للسيطرة على سواحل اليمن الغنية بالنفط.

أما في الشمال، فاستُخدم النموذج الأمريكي الذي يعتمد على الحروب بالوكالة دون إرسال قوات، كما حصل في سوريا.

يمنياً، البلاد منقسمة بفعل التاريخ والدين والاستعمار. الشمال حكمه إمام شيعي حتى ثورة 1962، وهو اليوم موطن الحوثيين.

الجنوب كان محمية بريطانية حتى 1967، وكانت عدن ميناءً رئيسيًا في الإمبراطورية البريطانية. لم يخضع الشمال للاستعمار، ولا يزال حتى اليوم الكيان العربي الوحيد خارج المنظومة الإقليمية المتحالفة مع الغرب.

هذا هو جوهر العداء الغربي لليمن.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، كانت أنصار الله، إلى جانب حزب الله في لبنان، الطرفين الوحيدين اللذين قدما دعمًا عسكريًا مباشرًا لفلسطين.

ردت إسرائيل وأمريكا وبريطانيا بالقصف، لكن اليمنيين واجهوا ذلك بمسيرات جماهيرية في صنعاء ومدن أخرى.

تسعى أمريكا حاليًا إلى تدمير قدرة اليمن على تهديد الملاحة في البحر الأحمر، وهو ما كان أحد أدوات الحوثيين للضغط الاقتصادي على إسرائيل.

ولا يزال الشحن البحري في البحر الأحمر منخفضًا بنسبة 50٪ مقارنة بما قبل حملة الحوثيين.

رغم كل ذلك، لم يتخل اليمن عن دعمه لفلسطين، بينما وقفت الحكومات العربية السنية موقف المتفرج خلال 18 شهرًا من الإبادة الجماعية في غزة.

بحسب رأي قانوني أصدرته محكمة العدل الدولية العام الماضي، تُلزم القوانين الدولية الدول بوقف التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه.

وبذلك، يكون اليمن، وليس الغرب، هو الطرف الذي يلتزم بالقانون الدولي في مواجهة الإبادة.

التاريخ لن ينسى ذلك.

https://www.middleeasteye.net/opinion/yemen-defiance-west-over-gaza-forever-war