في وقت تتسارع فيه المواجهات داخل قطاع غزة، وتتعقد خطوط الاشتباك في ميدان بات كابوسًا للقادة العسكريين الإسرائيليين، تتبنى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" استراتيجية عسكرية تقوم على الاستنزاف الذكي، والكمائن المركبة، والضربات النفسية الموجهة للجيش الاحتلال الاسرائيلي، وفق ما كشفه المحلل العسكري الإسرائيلي آفي أشكنازي في تصريحات لصحيفة "معاريف".

عقيدة حرب العصابات: فخاخ وانسحاب تحت الأرض
يشير أشكنازي إلى أن الحركة باتت تتقن تكتيكات "حرب العصابات" بمهارة، حيث تعتمد على زراعة العبوات الناسفة، نصب الكمائن المحسوبة، استخدام القذائف المضادة للدروع، ثم الانسحاب السريع عبر شبكة أنفاق واسعة يصعب رصدها أو تعطيلها بالكامل. ويضيف أن حماس "تختار الوقت والكيفية، وتُشغل الجيش الإسرائيلي في حرب استنزاف شديدة التعقيد".

الحادثة الأخيرة شمال القطاع، والتي أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين، ليست سوى حلقة ضمن سلسلة من الكمائن الذكية التي تنفذها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بتخطيط مُسبق وقدرة عالية على رصد تحركات الجيش، بحسب أشكنازي.

الكمائن المركبة: رسالة مزدوجة بالسلاح والصورة
كتائب القسام أعلنت الأحد تنفيذ كمين مركب أطلقت عليه اسم "كسر السيف" شرقي بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة. ووفق بيانها العسكري، فقد استهدف مقاتلوها جيبًا عسكريًا يتبع كتيبة جمع المعلومات القتالية في فرقة غزة، بقذيفة مضادة للدروع. وعند وصول قوة الإسناد الإسرائيلية، تم استهدافها بعبوة "تلفزيونية 3" المضادة للأفراد، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوفها.

لم يتوقف الهجوم عند هذا الحد. القسام أعلنت استهداف موقع عسكري مستحدث بأربع قذائف RPG، إلى جانب وابل من قذائف الهاون، ضمن خطة توسيع الاشتباك وتوسيع الضغط على الجبهة الإسرائيلية.

التوثيق كسلاح إعلامي: معركة الصورة لا تقل أهمية
في سابقة لافتة، أكد المحلل العسكري أن "مقاتلي حماس لا يكتفون بتحقيق إصابات ميدانية، بل يحرصون على توثيق تلك الضربات بالصوت والصورة، لبثها لاحقًا ضمن الحرب الإعلامية". وهو ما يربك حسابات الجيش الإسرائيلي، الذي يخشى من تداعيات الصور على الروح المعنوية للجنود والمجتمع الإسرائيلي، خاصة وسط تزايد الأصوات المتسائلة عن جدوى العملية البرية في غزة.

تأهب إسرائيلي في ميدان هش: الأرض لحماس والسماء لا تكفي
يقر أشكنازي بأن الجيش الإسرائيلي، رغم تأهبه العالي واستخدامه للطائرات المسيّرة والتكنولوجيا المتقدمة، لا يزال يواجه معضلة حقيقية في الحرب البرية داخل غزة. "البيئة القتالية متغيرة، العدو غير مرئي، والأرض تُستخدم كسلاح مضاد، بينما تُحسن حماس استغلال كل نقطة ضعف في الميدان".