رغم أن أكثر المواد في مشروع قانون العمل الجديد شهدت اعتراضات وجدلا من النقابات العمالية والمنظمات الحقوقية، بالإضافة لوضع شروطا وإجراءات تعجيزية تجعل من إضراب العمال واستغلال هذا الحق أمرًا صعبا، إن لم يكن مستحيلاً، واصل مجلس نواب الانقلاب خلال جلسته العامة هذا الأسبوع مناقشة العديد من المواد، حيث أقر حوالي 90 ٪ من مواد المشروع الذي قدمته الحكومة من دون تعديلات كبيرة.
وأقر المجلس بمشروع قانون العمل الجديد المقدم من الحكومة، الذي ينظم أوضاع ما يقرب من 30 مليوناً من العاملين في منشآت القطاع الخاص، ولا تسري أحكامه على موظفي الحكومة، وعمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، حظر الإضراب عن العمل أو الدعوة إليه أو إعلانه في المنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية للمواطنين، بدعوى أن توقف العمل فيها يخل بالأمن القومي للبلاد.
شروط تعجيزية
وبالنسبة للمواد التي تتعلق بتنظيم الإضرابات يحظر الإضراب في المنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية أو في الظروف الاستثنائية، مع اشتراط إخطار صاحب العمل والجهة الإدارية قبل 10 أيام من الإضراب، حيث شدد الحقوقيون على أن هذه الشروط تعتبر تعجيزية، خاصة أن الإضرابات عادة ما تكون نتيجة مطالب ملحة، تتعلق بحياة العمال وعائلاتهم.
ويعد الإضراب عن العمل «حقاً دستورياً» وفق المادة 15 من الدستور، لكن النصوص القانونية في المشروع تجعل من الصعب اللجوء إليه.
الأجور
وفيما يخص الأجور، لا يوفر القانون الجديد وضع حد أدنى للأجور وبما يضمن استقرار علاقات العمل، حيث يجب أن يغطي جميع القطاعات ويزداد سنوياً وفقاً لمعدل التضخم.
العمالة المنزلية
العمالة المنزلية مثلت إحدى أهم النقاط الشائكة في القانون، حيث استبعد القانون في مادته الأولى العمالة المنزلية كحال القانون القديم، حيث لا يزال هناك إصرار على اعتبارها علاقة تبعية شخصية يُطلق عليها «الصلة المباشرة بين هؤلاء العمال ومخدوميهم» بما لا يتفق مع مبادئ حقوق الإنسان، واتفاقيات منظمة العمل الدولية، وكذلك الدستور المصري، ما يكرس تغول عمل وكالات الاستخدام.
شركات التوظيف
ويسمح القانون قيام شركات التوظيف بتشغيل العمال أو تقاضي أي مبالغ مالية منهم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بعد التحاقهم بالعمل، حيث كان يُسمح لها فقط بتقاضي أجرها من صاحب العمل، وذلك للتماشي مع اتفاقية العمل الدولية.
العمالة غير المنتظمة
وفيما يخص العمالة غير المنتظمة فرغم أن مشروع القانون يهدف إلى دعم العمالة غير المنتظمة وحمايتها، إلا أن الآليات المقترحة غير كافية، فمعضلة تسجيل هذه العمالة ما زالت قائمة، حيث لم يتجاوز عدد المسجلين مليوني عامل، بينما يقدر عدد العاملين في هذا القطاع بـ 13 مليوناً وفقاً لأقل الإحصاءات.
سلق القوانين دون حوار أصحاب الشأن
وكانت دار الخدمات النقابية والعمالية قد أكدت أن استمرار تغييب العمال ونقاباتهم عن مناقشات قانون العمل الجديد في البرلمان، وتجاهل مطالبهم بتنظيم جلسات استماع لهم باعتبارهم أصحاب المصلحة، يعكس سياسة حكومية – برلمانية ممنهجة تهدف إلى إسكات صوت العمال.
وحذرت الدار من خطورة مواد مشروع القانون الجديد، التي قد تمثل سبباً رئيسياً في سجن الكثير من العمال تحت دعاوى التجمهر والتحريض على الإضراب. إذ فرض المشروع شروطاً تعجيزية للإضراب، واعتباره غير قانوني عند لجوء العمال إليه، ما يمنح أصحاب العمل الحق في فصلهم، ووقف أجورهم، وإحالتهم على المحاكمة.
وفي حال صدور حكم لمصلحة أحد العمال، لا يلزم مشروع القانون صاحب العمل بإعادته إلى وظيفته، بل سداد تعويض مالي قد لا يتناسب مع معاناته وأسرته خلال السنوات التي قضاها بلا عمل.
انتهاكات حقوق العمال في مصر
وكانت دار الخدمات النقابية والعمالية قد رصدت 121 ألفاً و16 انتهاكاً لحقوق العمال في مصر خلال عام 2024.
وتمثلت الانتهاكات في 32 واقعة تقييد الحرية بالسجن، و83 واقعة فصل عن العمل، و10 آلاف و700 واقعة تهديد بالفصل، و7 آلاف واقعة تهديد بجهاز الأمن الوطني، و510 وقائع تهديد أو استدعاء بالشرطة، و12 حالة إيقاف عن العمل، و500 واقعة طرد للعمال خارج مقر العمل أو منعهم من الدخول، و23 واقعة عنف لفظي أو بدني، و59 واقعة تحقيق مع العمال.
كذلك تضمنت الانتهاكات 400 واقعة تخفيض رواتب، و950 واقعة تأخير صرفها، و32 ألفاً و540 واقعة رفض تنفيذ الحد الأدنى للأجر، و233 واقعة امتناع عن الزيادة السنوية للراتب بما يناسب غلاء المعيشة، و8 آلاف و600 واقعة إجازة إجبارية، و11 ألفاً و956 واقعة إلغاء بدلات العمل أو تأخيرها، و3 آلاف واقعة تراجع عن اتفاقية العمل، وألفين و500 واقعة إجبار على الاستقالة بغرض تغيير صيغة التعاقد بالمخالفة لقانون العمل.

