تشهد الأوساط الحقوقية حالة من الغضب إثر قرار محكمة استئناف القاهرة زيادة الرسوم القضائية، وهو القرار الذي اعتبره الكثيرون تهديدًا لمنظومة العدالة، خاصة أنه يعوق المواطنين البسطاء من اللجوء إلى القضاء لاسترداد حقوقهم.
قرار مثير للجدل
أصدر المستشار محمد نصر سيد، رئيس محكمة استئناف القاهرة، في مارس الجاري، قرارًا يقضي برفع الرسوم القضائية على عدة خدمات تقدمها المحكمة، بنسبة 10%، ما يشمل رفع الدعاوى، رسوم الحوافظ، خدمات الميكروفيلم، أمانات الخبراء، الدمغات، رسوم طابع الشهيد، ورسوم استلام صور الأحكام ومحاضر الجلسات، وغيرها من الرسوم التي أصبحت عبئًا جديدًا على المواطنين.
زيادات متتالية وعبء متزايد
لم تكن هذه الزيادة الأولى خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت الرسوم القضائية ارتفاعًا حادًا وصل إلى 500% خلال عامين فقط، ما يجعل التقاضي شبه مستحيل لكثير من المصريين.
فالمواطن الذي لا يستطيع دفع هذه الرسوم أمامه خياران أحلاهما مر: إما التنازل عن حقه أو اللجوء إلى وسائل غير قانونية لاسترداده.
تفاصيل الزيادات في الرسوم
ارتفع رسم خدمة الشهادات من 55 إلى 60.5 جنيهًا، وصيغة تنفيذية الأحكام من 230 إلى 242 جنيهًا، فيما بلغت رسوم إيداع عرائض الاستئناف ودعاوى رد المحاكم 33 جنيهًا لكل ورقة.
كما تضاعفت رسوم التصوير الضوئي للقضايا الجنائية، وفرضت رسوم إضافية على طلبات التعويض بنسبة 7.5% من قيمة التعويض المطلوب، مما يعرض المواطنين لضغوط مالية غير مسبوقة.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=2348588955516797&id=100010971463784&ref=embed_post
مخالفة دستورية واضحة
ينص الدستور لعام 2014 على ضرورة إصدار قانون خاص لفرض أي رسوم جديدة، إلا أن هذه الزيادات جاءت دون سند قانوني، وهو ما أكده عدد من الأحكام القضائية السابقة، بما فيها حكم المحكمة الإدارية العليا الذي شدد على عدم مشروعية فرض رسوم بدون قانون.
اعتراضات نقابة المحامين والمجتمع المدني
نقابة المحامين أعربت عن رفضها القاطع لهذه الزيادات، معتبرة أنها تشكل عبئًا غير دستوري على المواطنين، وأعلنت إيقاف التعامل مع خزائن المحاكم كإجراء احتجاجي، كما أصدرت عدة منظمات حقوقية بيانات منددة، مثل حزب الوعي الذي دعا إلى مراجعة هذه القرارات التي تهدد حق المواطن في التقاضي.
النائبة سناء السعيد تقدمت بطلب إحاطة عاجل ضد هذه الزيادات، مؤكدة أنها تخالف الدستور وتهدد الأمن الاجتماعي، إذ سيضطر المواطنون للبحث عن بدائل غير قانونية لاسترداد حقوقهم.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=2211328539269656&id=100011775936670&ref=embed_post
تداعيات كارثية على الفئات الأكثر ضعفًا
ترى المحامية انتصار السعيد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، أن هذه الزيادات تمثل انتهاكًا للحق في التقاضي، خاصة بالنسبة للنساء، حيث ستجد السيدات المعنفات أو المطلقات أنفسهن عاجزات عن اللجوء إلى القضاء بسبب الرسوم الباهظة.
مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون أكدت في بيان لها أن النساء، وخاصة من ذوات الدخل المحدود، سيواجهن تحديات أكبر في القضايا المتعلقة بالنفقة والطلاق والحضانة، ما يفاقم معاناتهن الاجتماعية والاقتصادية.
تقليص عدد القضايا وتهديد السلم المجتمعي
المحامي عمر سعد كشف أن عدد القضايا المطروحة أمام القضاء تراجع من 15 مليون قضية سنويًا عام 2019 إلى 11 مليونًا فقط بحلول 2022، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع الرسوم القضائية وأعباء المحاماة، وهو ما دفع بعض المحامين للبحث عن بدائل أخرى لكسب الرزق.
https://www.facebook.com/Ahmed.Zaki.Lawyer/videos/1830631004403325/?ref=embed_video

