وفقًا لما نشرته صحيفة جيروزاليم بوست، يرى بعض المراقبين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجأ إلى "أساليب الصدمة" لدفع العالم العربي إلى اتخاذ موقف أكثر فاعلية بشأن مستقبل غزة. جاء ذلك بعد اقتراحه المثير للجدل بتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" تحت الإدارة الأمريكية، شريطة إخلاء السكان إلى دول عربية مجاورة قد تكون مستعدة لاستيعاب نحو مليوني شخص. الفكرة قوبلت بدهشة وسخرية في مختلف أنحاء العالم، لكن بعض المحللين رأوا أن ترامب ربما كان يسعى عمدًا لإثارة رد فعل عربي جاد تجاه القضية.

وسط هذا الجدل، عقدت جامعة الدول العربية قمة في القاهرة لبحث خطة شاملة لمستقبل غزة، تقودها مصر، وتركز على الإغاثة الطارئة، وإعادة الإعمار، والتنمية الاقتصادية طويلة الأجل. الخطة، التي بلغت تكلفتها نحو 53 مليار دولار وفقًا لما ذكرته الصحيفة، حظيت بدعم مبدئي من القادة العرب، مع التأكيد على الحاجة إلى دراسة تفاصيل المراحل اللاحقة.

وأشارت صحيفة جيروزاليم بوست إلى أن مصر قدمت بديلًا لخطة ترامب، يقوم على إنشاء "مناطق آمنة" داخل القطاع لاستيعاب النازحين مؤقتًا، في وقت يتم فيه إعادة بناء البنية التحتية عبر شركات مصرية ودولية، ما يتيح عشرات الآلاف من فرص العمل لسكان غزة.

رحب عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته في ختام القمة، بالتوافق العربي على دعم إعادة إعمار غزة بما يضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم دون تهجير. كما أكد، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، تطلعه للعمل مع ترامب والدول العربية والمجتمع الدولي على تبني خطة شاملة لحل القضية الفلسطينية وضمان الاستقرار في المنطقة.

ووفقًا للصحيفة، تتضمن الخطة المصرية ثلاث مراحل تمتد لخمس سنوات، تبدأ بفترة تعافٍ مبكر مدتها ستة أشهر تتضمن إنشاء مناطق آمنة وإيواء نحو 1.5 مليون نازح في وحدات سكنية جاهزة ومنازل مُرممة بتكلفة تقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار. المرحلة الثانية، التي تمتد لعامين، تشمل إعادة بناء المرافق الأساسية، بينما تخصص المرحلة الأخيرة لإنشاء مطار وميناءين ومنطقة صناعية.

أحد الجوانب الأساسية في الخطة، كما أشارت جيروزاليم بوست، هو إنشاء هيئة دولية مؤقتة تتولى إدارة قطاع غزة لحين نقل السلطة إلى سلطة فلسطينية معاد هيكلتها، مع استبعاد حركة حماس من أي دور في هذه المرحلة. رغم ذلك، رحبت حماس بالخطة باعتبارها تعكس دعمًا عربيًا قويًا للقضية الفلسطينية.

وأوضحت الصحيفة أن جامعة الدول العربية دعت مجلس الأمن الدولي إلى إرسال قوات حفظ سلام إلى غزة والضفة الغربية المحتلة، كما أعلنت مصر عن نيتها استضافة مؤتمر دولي، بالتعاون مع الأمم المتحدة، لبحث إعادة إعمار غزة. وأشارت جيروزاليم بوست إلى أن التمويل سيعتمد على مساهمات من دول الخليج الغنية بالنفط، مثل الإمارات وقطر والسعودية، عبر صندوق تديره البنك الدولي.

المرحلة النهائية من الخطة المصرية لا تزال قيد النقاش، وتشمل وضع الأسس لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، مع التركيز على ربط الضفة الغربية والقدس الشرقية بقطاع غزة عبر شبكة طرق وجسور.

لفتت الصحيفة إلى أن هذا الطرح يتشابه مع خطة ترامب السابقة للسلام، التي أعلن عنها عام 2020، والتي تضمنت تصورًا لدولة فلسطينية تشمل الضفة الغربية وغزة، مع توفير طرق ربط بين المناطق الفلسطينية.

بحسب الصحيفة، جاءت ردود الفعل الأمريكية والإسرائيلية على الخطة المصرية فاترة. صرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، برايان هيوز، بأن الاقتراح المصري "غير قابل للتنفيذ" في ظل الوضع الحالي في غزة، مشددًا على أن ترامب لا يزال متمسكًا برؤيته لإعادة بناء غزة دون حماس. وزارة الخارجية الإسرائيلية بدورها وصفت الخطة بأنها "غير واقعية"، معتبرة أنها تستند إلى رؤى قديمة.

في المقابل، أيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الخطة خلال مشاركته في القمة العربية، مؤكدًا استعداد الأمم المتحدة للتعاون مع الدول العربية في تنفيذها. ورغم التحفظات الأولية من الجانب الأمريكي والإسرائيلي، ترى جيروزاليم بوست أن الباب لا يزال مفتوحًا أمام الحوار والتفاوض، خاصة في ظل إعلان واشنطن عن إجراء محادثات مباشرة مع حماس بوساطة قطرية، بالتنسيق مع إسرائيل، بهدف التوصل إلى هدنة.

https://m.jpost.com/opinion/article-845461