مع حلول الأسبوع الثاني من شهر رمضان، تتحول شوارع مصر إلى ساحات تنافس سياسي غير معلن، حيث تُستغل الفعاليات الرمضانية، من موائد الإفطار إلى كراتين المواد الغذائية، كوسائل ضغط وتأثير في السباق الانتخابي لعضوية البرلمان بشقيه "النواب" و"الشيوخ"، والمقرر انعقاده في الفترة ما بين أغسطس وأكتوبر من هذا العام.
 

دعاية سياسية مقنعة برمضان
   يشهد العام الحالي تصاعدًا في استخدام الفعاليات الرمضانية كأداة للدعاية السياسية مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يسعى المرشحون المحتملون للفوز بتأييد الفئات الشعبية المختلفة من خلال ثلاث محاور رئيسية:

  • توزيع كراتين رمضان والمساعدات المالية: يتم التحضير لهذه المبادرات قبل رمضان بفترة، حيث يتم حصر الفئات الأكثر احتياجًا، وتوزيع المساعدات الغذائية والنقدية عليهم.
  • تنظيم الفعاليات الرياضية والدينية: يُستهدف الشباب من خلال بطولات رمضانية لكرة القدم، مع توزيع الجوائز التي تحمل أسماء وصور المرشحين، إضافة إلى تنظيم مسابقات حفظ القرآن الكريم بجوائز قيمة مثل تذاكر الحج والعمرة.
  • موائد إفطار تجمع النخب: يتم استغلال هذه الفعاليات لدعوة شخصيات مؤثرة من المجتمع، كالموظفين الحكوميين ورجال الأعمال، بهدف كسب دعمهم والتأثير على توجهاتهم الانتخابية.
     

أحزاب السلطة والتنافس على النفوذ
   يتصدر المشهد حزب "مستقبل وطن"، الذي يسيطر على الغالبية البرلمانية الحالية، إلى جانب "حماة وطن" و"الشعب الجمهوري"، بالإضافة إلى الوافد الجديد "الجبهة الوطنية"، المدعوم من رجال أعمال بارزين ومقربين من السلطة.
وبينما كانت الأحزاب السياسية في السابق تعتمد على دعم الحكومة، أصبح المشهد الآن أكثر تعقيدًا، حيث يضطر المرشحون لدفع مبالغ طائلة لضمان مكانهم في القوائم الحزبية.
 

استغلال الأزمة الاقتصادية لتعزيز النفوذ
   في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها مصر، يجد المرشحون فرصة مثالية لاستغلال حاجة المواطنين، عبر تقديم المساعدات العينية، مما يعزز من نفوذهم الشعبي.
ويرى سياسيون معارضون أن هذه الممارسات تشكل استغلالًا لمعاناة المواطنين لتحقيق مكاسب انتخابية، مما يهدد نزاهة العملية الانتخابية ويؤدي إلى إنتاج برلمان موالٍ للسلطة بدلاً من تمثيل الشعب.
 

تنافس محموم بين "مستقبل وطن" و"الجبهة الوطنية"
   مع ظهور حزب "الجبهة الوطنية" المدعوم من رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، بات حزب "مستقبل وطن" يواجه تحديًا غير مسبوق، حيث يسعى كل منهما للسيطرة على البرلمان القادم.
وبينما يدعو "مستقبل وطن" إلى تشكيل "القائمة الوطنية" لضمان أكبر عدد من المقاعد، تظل التساؤلات قائمة حول ما إذا كان الحزب الجديد سينافس بشكل مستقل أم سيتم التنسيق بين الطرفين لضمان بقاء البرلمان تحت سيطرة السلطة.

ويظل الانفجار الشعبي هاجسا مقلقا للجهات الأمنية وللجهات السيادية لكل تنوعاتها، خاصة مع ما يعانيه المصريون من أزمات مالية واقتصادية صعبة، وما تمر به البلاد من أوضاع تجعل أكبر بلد عربي سكانا على شفا الإفلاس بفعل ديون خارجية تعدت 155 مليار دولار، ما يزيد من حرص الأجهزة على إنتاج برلمان موالي للسلطة، وفق مراقبين.