قال مراقبون إن مسلسل بيع الأصول المصرية، (بلغت 89 صفقة من هذا النوع خلال عام 2024، وفقًا لإحصاء مؤسسة المحاماة الدولية، كان نصيب الإمارات منها نحو 18%، تليها السعودية بنحو 8%) لا يبدو فيه الحل لمشاكل مصر المالية.
وبحسب الاقتصاديين، لا تعدو محصلة البيع سوى مسكن وقتي لمرض مزمن، تتمثل أعراضه في الاقتراض الدائم، والانفاق بجنون، على مشاريع لا تدر عوائد ملموسة على الاقتصاد، بحسب @shirinarafah.
ومن أمثلة هذه المشاريع قالت شيرين عرفة "إنشاء ما يزيد عن 900 كوبري ونفق خلال ثماني سنوات (2014- 2022)، وأكثر من 7 آلاف كيلومتر من الطرق الجديدة، بالإضافة إلى إنفاق ما يزيد عن 8 مليارات دولار على حفر تفريعة جديدة لقناة السويس (لم تضف شيئًا للإيرادات، وبررها السيسي لاحقًا بأنها كانت خطوة لازمة لرفع الروح المعنوية للمصريين!!) ثم ما يقرب من 4.5 مليار دولار على مشروع قطار معلق مونورويل، بينما هو يسير في أراضٍ منبسطة بالصحراء، و800 مليون جنيه على بناء مسجد مصر الكبير الذي دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأكبر منبر وأثقل نجفة، وأكثر من 400 مليون جنيه على بناء كاتدرائية ميلاد المسيح وكلاهما تم بناؤه داخل الصحراء".
ومن أكبر أمثلة الإنفاق الجنوني، إنفاق ما يزيد عن 60 مليار دولار على تشييد عاصمة جديدة لمصر (لا تحتاجها) العاصمة الإدارية، بينما هي لاتزال - حتى الآن- مدينة أشباح (غير مأهولة بالسكان)، وفقًا لـ"عرفة".
ووفق أستاذ الاقتصاد السياسي كريم العمدة، (في تصريحات صحفية) فإن القطاع العام يعاني من الفساد والبيروقراطية، وكلما تمكنت الدولة من التخلص من أعباء القطاع العام كلما تمكنت من دفع وتيرة الاقتصاد بشكل أسرع، بالرغم من ذلك قد يتضرر عدد من الموظفين في هذه القطاعات.
ويعتبر أن "مشروع تصفية الأصول منذ عام 2023، الهدف المعلن منه تحقيق استثمارات لرفع السيولة الدولارية، لخفض الدين العام ومعالجة عجز الموازنة العامة للدولة، وتعني تخارُج الدولة أو شركات القطاع العام من بعض المشروعات خاصة الشركات والأصول غير المستغلة".
على مدار السنوات الماضية كان الصندوق السيادي للدولة يختص بشكل أساسي بمسألة إدارة الأصول والاستثمار بها، واليوم انتقلت إدارة الأمر برمته للجنة اقتصادية، والغرض سد عجز الموازنة ولكن بالدولار، لذلك ربما يعتمد الأمر بشكل كبير على مستثمرين أجانب.
ويضيف، "العمدة" أنه "في ضوء اضطرار الحكومة المصرية للتعامل مع صندوق النقد، يجب الالتزام بالشروط، منها إعادة النظر في الدعم، وتخفيض تدخل الدولة في الاقتصاد، وبناء عليه، وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها مصر لا يوجد مصدر دخل سريع سوى التصرف في الأصول، وتقليل التكاليف على الدولة.."!
تقول شيرين عرفة معلقة: "خطة جهنمية، لإفقار البلاد، والتنازل عن مقدراتها، ورهن إرادتها، وتدمير مستقبلها، وحصرها في سيناريوهات مظلمة، تتراوح ما بين البيع لكل شيء أو الإفلاس.".
وتضيف، "كأن النظام المصري يقترض لبناء مشاريع غير مُجدية، وليس لها عائد، ثم يقوم ببيع أصول الدولة ومشاريعها ذات العائد، من أجل سداد أقساط تلك الديون".
وتستعين بـ"تقرير مجلة الإيكونوميست الشهيرة في شهر أغسطس من عام 2016" الذي وصف أحوال مصر الاقتصادية والسياسات العامة التي ينتهجها السيسي في إدارته للبلاد، يندرج تحت عنوان (تخريب مصر)، وتعتبر أن ذلك هو الواقع العملي لمسلسل بيع مصر المستمر.
وبين المتضادين، ووفق تقديرات إستراتيجية، فإن غلق المصانع والشركات في مصر يدفع ثمنها في النهاية العمال، والذين يدفعون حاليًا، الثمن غاليًا، من انهيار صناعة الغزل بعد ارتفاع أسعار الغزول المستوردة، وزيادة الأعباء على أصحاب المصانع، وزيادة أسعار الطاقة وغيرها.
عمال الشركات يرون كياناتهم الجمعية (النقابات واتحادات العمال) تم تخليتها من مضمونها، وأن رئيس اتحاد عمال مصر ورئيس لجنة القوى العاملة في مجلس النواب، جبالي المراغي، يحابي النظام في قضايا العمال من أجل منصبه السياسي، في وقت تتزايد فيه المشكلات العمالية، والإضرابات والاحتجاجات طلبًا لزيادة الرواتب وفق الحد الأدني للأجور، ويستدركون "ولا تحرك من اتحاد العمال وقياداته، بسبب ملء جيوبهم بالمال الحرام".

