"إن العار الذي لحق بصورة الكيان الصهيوني (وبالحضارة الغربية أيضًا) سيكون عارًا تاريخيًا، لقادم الأيام والسنين، مما سيؤدي إلى تحويل الكيان الصهيوني إلى "دولة مارقة"، فاقدة لشرعية حق الوجود في فلسطين.

وهي أصلًا كذلك، بسبب كونها مشروعًا استعماريًا، استيطانيًا، اقتلاعيًا إحلاليًا، حاول أن يتغطى بقرار التقسيم 181، لعام 1947 الدولي، الذي أقرّ له بإقامة دويلة في فلسطين.
وهو بدوره قرار غير شرعي، مخالف للقانون الدولي، وميثاق هيئة الأمم".

هكذا وصف المفكر والكاتب السياسي، منير شفيق، العار الذي لحق بالاحتلال الصهيوني في غزة.

وتعددت القراءات التي ناقشت تفاصيل البنود التي شملها الاتفاق عبر مراحله الثلاث، خاصة النتائج السياسية المترتبة على هذا الاتفاق وما يتعلق باليوم التالي في حكم غزة، وكذلك مدى تحقيق الأهداف التي أعلنها جيش الاحتلال في اليوم الأول من هذه الحرب.

وشمل الاتفاق بنودًا عدة يتم تحقيقها على 3 مراحل، مدة كل منها 42 يومًا، ويأتي في مقدمة هذه البنود وقف إطلاق النار الذي سيدخل حيز التنفيذ الأحد القادم، وإفراج الاحتلال الصهيوني عن نحو ألفي أسير بينهم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد، ونحو ألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر 2023.
 

5 إخفاقات إستراتيجية
   وقال الباحث الصهيوني المختص في شؤون الشرق الأوسط باروخ يديد في منشور له على صفحته في موقع "إكس": إن الخط الدعائي الذي تقوده حماس الآن، وفي اليوم التالي للحرب لتثبيت انتصارها -حتى لو كان ظاهريًا- يرتكز على الإخفاقات الإستراتيجية الخمسة التي مُنيت بها إسرائيل، وهي:

  • فشلت "إسرائيل" في تدمير البنى التحتية الحكومية لحماس.
  • فشلت "إسرائيل" في إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس.
  • فشلت "إسرائيل" في تهجير سكان قطاع غزة إلى خارجه.
  • فشلت "إسرائيل" في الانتصار العسكري على حماس.
  • وفوق كل ذلك، فشلت "إسرائيل" في اقتلاع حماس من سيناريو "اليوم التالي" بعد الحرب على غزة.

 

أعمدة الاتفاق
  
النظرة العامة السابقة يذهب إليها أيضا الباحث في العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية عبد الله العقرباوي، إذ يرى أن الأعمدة الأساسية للاتفاق، وهي: انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني من القطاع، وإنهاء القتال، وإيقاف الحرب، وعودة النازحين وضمان إغاثتهم، وصفقة التبادل، تمثل مطالب المقاومة الفلسطينية العملية التي سبق أن أعلنتها حماس منذ نوفمبر 2023.

وأضاف العقرباوي أن هذه الأعمدة الأساسية هي نفسها التي قام عليها إطار باريس، والتي تطورت إلى مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن، ثم أصبحت بعد ذلك ورقة التفاوض التي تم إقرارها الأربعاء في الدوحة، وفقًا لـ" الجزيرة نت".

ويرى الباحث في العلاقات الدولية أن من أهم المزايا في هذا الاتفاق المعلن أنه يمثل "حزمة واحدة" لكن يتم تطبيقها على 3 مراحل، وهذا ما أصرت عليه حركة حماس، في حين كان يريد المفاوض الصهيوني أن يفاوض في كل مرحلة بمعزل عن الأخرى.

وربما هذه التفاصيل هي التي عقدت التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، لا سيما أن المقاومة كانت مصممة على التحقق من كل التفاصيل.

ولذلك يضرب العقرباوي مثالا على ذلك ببند خرائط الانسحاب من قطاع غزة، فالاحتلال الصهيوني كان يريد الانسحاب إلى حد ألف متر، لكن عمليا سيظل وجوده داخل القطاع في بعض المناطق خاصة مع تهدم أحياء كاملة من القطاع؛ لكن حماس أصرت على تعديل ذلك وأصبح نحو 600 متر فقط، وهو ما يضمن ابتعاد جيش الاحتلال عن المناطق المكتظة بالسكان.
 

أثمان سياسية
  
ويتطرق إلى الأبعاد السياسية الأخرى الباحث في الشؤون السياسية محمد غازي الجمل، فيرى أن الاحتلال الصهيوني عجز عن تحقيق أهم المطالب المعلنة التي سعى لها منذ بدء الحرب، ويأتي في مقدمتها عدم تمكنه من إحداث تغيير جغرافي أو ديمغرافي في قطاع غزة عبر تهجير سكانه.

وأضاف الجمل أن الاحتلال الصهيوني لم يستطع أن يثبت شرعية بقائه داخل القطاع، ولم يستطع فرض شكل النظام السياسي لليوم التالي من الحرب، بل اضطر إلى التفاوض وعقد اتفاق سياسي مع المقاومة الفلسطينية، وفقًا لـ"الجزيرة نت".

وفي المقابل، ألحق الاحتلال الصهيوني ضررًا واسعًا بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة وجميع البنى التحتية، لكنهت تلقت أيضا ضربة كبرى لمكانتها الدولية وتراجع مشروع التطبيع، وأحدثت جرائمها تأثيرا كبيرا في فكر الشعوب العربية والمسلمة وأحرار العالم تجاه دولة الاحتلال، حسب الباحث في الشؤون السياسية.

ويختم الجمل تصريحاته بأن هذه المرحلة المصيرية ستكون إضعاف الاحتلال واستنزافه، لأن اضطراره إلى استخدام هذه القوة المفرطة والتوحش هو تراجع له واستنزاف لشرعيته الدولية، "وهذا هو دور المقاومة في كل مكان وفي كل زمان في مواجهة أي احتلال، فدور المقاومة هو رفع كلفة الاحتلال وصولا إلى إزالته، ولا يُتوقع أن تكون فلسطين استثناء من ذلك".

وعلى مدى 467 يومًا، يشن جيش الاحتلال الصهيوني عدوانًا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، راح ضحيته نحو 47 ألف شهيد وأكثر من 110 آلاف إصابة، فضلاً عن عدد غير معلوم من المفقودين تحت ركام منازلهم، حسب بيانات وزارة الصحة في غزة أول أمس الأربعاء.