شهدت إثيوبيا في الفترة بين 21 ديسمبر 2024 و4 يناير 2025 نشاطًا زلزاليًا غير مسبوق، حيث وقع 130 زلزالًا، مما أثار تساؤلات حول تأثير هذه الزلازل على سد النهضة الإثيوبي، خاصة في ظل القلق المتزايد من انهياره.
وبالرغم من التأكيدات العلمية على أن الزلازل الحالية لا تشكل تهديدًا مباشرًا للسد، إلا أن هذا التصاعد في النشاط الزلزالي يتطلب دراسة معمقة لتفسير العلاقة المحتملة بين هذه الزلازل وتشغيل السد.
النشاط الزلزالي في إثيوبيا.. ظاهرة قديمة
إثيوبيا، التي تقع في منطقة الأخدود الأفريقي العظيم، شهدت نشاطًا زلزاليًا متزايدًا في الآونة الأخيرة، على الرغم من أن النشاط الزلزالي في هذه المنطقة ليس بالأمر الجديد، فإن زيادة الزلازل في الفترة الأخيرة أثارت الشكوك حول تأثيرها على سد النهضة.
الدكتور عصام حجي، أستاذ الهندسة في جامعة جنوب كاليفورنيا، أوضح أن هذه الزلازل لا تشكل تهديدًا مباشرًا لهيكل السد، مشيرًا إلى أن هذه الزلازل تندرج ضمن النشاط الزلزالي الطبيعي للمنطقة، الذي يعود إلى أكثر من 25 مليون سنة.
https://www.facebook.com/share/p/123Ue1gLAMA/
ورغم التأكيدات على سلامة السد من الزلازل، فإن الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، أشار إلى أن الزلازل الأقوى قد تحدث مستقبلاً، مع احتمال تأثيرها على السد.
كما أشار إلى أن هناك فرضية علمية تستدعي المزيد من التحقيق حول تأثيرات زيادة حجم المياه المخزنة في السد على النشاط الزلزالي.
زيادة عدد الزلازل مع ارتفاع مستوى المياه
يرتبط ارتفاع وتيرة الزلازل في إثيوبيا بزيادة كمية المياه المخزنة في خزان سد النهضة.
ففي أعوام 2021 و2022 و2023، شهدت إثيوبيا زيادة ملحوظة في عدد الزلازل مع زيادة حجم المياه في الخزان، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه المياه على النشاط الزلزالي في المنطقة.
الدكتور شراقي أشار إلى أن تسرب المياه قد يكون عاملاً محفزًا لهذه الزلازل، حيث يمكن للمياه أن تؤدي إلى زيادة الضغط في الصخور، مما يساهم في تحريك الصفائح التكتونية في المنطقة.
تأثير التسرب على الزلازل
دراسة حديثة لفريق بحثي من جامعتي ميشيغان وأريزونا أشارت إلى أن تسرب المياه من سد النهضة خلال سنوات الملء الأربعة قد يصل إلى 30 مليار متر مكعب.
وقد أظهرت الدراسات أن المياه المتسربة قد تحفز الزلازل من خلال زيادة الضغط المسامي وتحفيز حركة الصدوع، مما يطرح تساؤلات حول تأثيرات هذه الظاهرة على النشاط الزلزالي في المنطقة.
تحديات هيكل السد وتأثير الزلازل المحلية
فيما يخص الهيكل الفعلي للسد، يتفق الخبراء على أن الزلازل القوية التي تحدث على بعد مئات الكيلومترات من السد لا تشكل تهديدًا كبيرًا له، لكن في الوقت نفسه، يظل هناك قلق من انهيارات محلية في منطقة السد نفسها نتيجة لتراكم الرواسب داخل البحيرة وتغيرات الضغط في المنطقة المحيطة بالسد.
الدكتور عبد العزيز محمد عبد العزيز، أستاذ هندسة الاستكشاف بجامعة القاهرة، أشار إلى أن تراكم الرواسب قد يؤدي إلى ظاهرة "التكهف" التي قد تؤثر على استقرار المنطقة المحيطة بالسد.
هل يمكن أن يؤدي انهيار السد إلى كارثة؟
في حال حدوث انهيار جزئي أو كامل لسد النهضة، سيكون لذلك تأثيرات كارثية على منطقة السودان الشقيقة، حيث ستتدفق المياه بشكل مفاجئ باتجاه الأراضي السودانية.
ومن الجانب المصري، ستكون هناك حاجة لتفعيل مفيض توشكي واستعداد السد العالي لاستقبال كميات كبيرة من المياه.
الخبراء يشددون على أهمية التوصل إلى اتفاقات تعاون مشترك بين سد النهضة والسد العالي لضمان حماية مصر من نقص المياه مستقبلاً.
الدكتور عصام حجي شدد على ضرورة تركيز المفاوضات على ضمان آلية تشغيلية تكاملية بين السدين بدلاً من القلق المستمر حول انهيار السد، مشيرًا إلى أن الحلول العلمية ما زالت متاحة للتعامل مع الأزمة.

