أكدت ورقة بحثية بعنوان "تأثير فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية على القضية الفلسـطــينية" نشرها موقع "الشارع السياسي" على الشبكة أن مجيئ دونالد ترامب رئيسًا يعني دعم أكبر اقتصاديًا وماليًا وعسكريًا لصالح "إسرائيل"!
وقالت إن ترامب صرح أكثر من مرة في الفترة الأخيرة بأنه سينهي الحرب، ليس الحرب في غزة ولبنان فحسب، بل جميع الحروب أيضًا وأن ذلك يتماشى مع أسلوبه في التوصل إلى “صفقة” أو تسوية كبرى؛ حيث قال ترامب فى خطاب النصر الذى ألقاه أمام أنصاره في السادس من نوفمبر الجاري، بعد حسمه معركة الانتخابات الرئاسية ضد منافسته كامالا هاريس: "لن أبدأ الحروب، سأنهيها، ولن يكون من الضروري استخدامها.. دعونا نأمل أنه لن تكون هناك حروب".
مقاربات لصالح الكيان
ولفتت الورقة إلى ترجيحات الخبراء من أن ترامب سيحاول أن يتوصل إلى مقاربات جديدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية من خلال تفعيل مشروع التطبيع العربي الاقتصادي والسياسي ومحاولة إدارة الأمور بعيدًا عن المواجهات العسكرية مرجحًا “تطبيعًا عربيًا شاملاً تنضم إليه أغلب الدول العربية، لأنه (ترامب) يعتقد أن الفلسطيني غير قادر ولا يرغب في اتخاذ قرارات تاريخية ويعترف فيها بإسرائيل“.
وأن الترجيحات أيضًا تتعلقب بـ"تحرك ترامب لوقف الحرب على غزة، لكن في المقابل ستدفع الضفة ثمنًا كبيرًا لأنه “قد يبارك خطوات الحكومة اليمينية “الإسرائيلية” بضم الجزء الأكبر منها".
وأوضحت أنه "لا يمكننا إغفال التأثير المباشر لسياسات ترامب في فترة رئاسته الأولى والقرارات التي اتخذها وعززت أكثر من علاقته مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووفّر للاحتلال الدعم الدبلوماسي".
وأبانت أن ترامب قد يعمل على العودة لسياسته "أمريكا أولاً"، ما يعني انخراطًا أقلّ في الشرق الأوسط، لكنه في الوقت نفسه سيدعم فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، والتعبير عن موقف صارم ضد منظمتي حماس وحزب الله، الأمر الذي يدفع للحديث عن التأثير المتوقع لفوزه على مستقبل الحرب الجارية".
دراسة حديثة
ونقلت الورقة عن دراسة حديثة نشرت مؤخرًا في جامعة براون بالولايات المتحدة، ضمن مشروع يسمى “تكلفة الحرب“، والتي تناولت تقديرات أولية لنطاق المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة للاحتلال الاسرائيلي؛ مستعينة بستيفن سيملر، أحد مؤلفي الدراسة، الذي أكد أن “المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة للاحتلال بعد السابع من أكتوبر تتجاوز ما قدمتها له بعد اتفاقية كامب ديفيد 1978، وبعد حرب 1973، حيث بدأت المساعدات له كمساعدات اقتصادية بعد قيام الدولة 1948، وخلال إدارة الرئيس جو كينيدي، وأصبحت في الغالب مساعدات عسكرية، وتزايدت بعد حرب 1967، وفي السبعينيات في إطار الحرب الباردة.
وكشف ويليام هارتونغ، أحد معدّي الدراسة، أن “تقديرًا متحفظًا يضع نطاق المساعدات العسكرية الأمريكية للاحتلال بعد السابع من أكتوبر 2023 وحتى سبتمبر 2024 بما لا يقل عن 17.9 مليار دولار، ويشمل هذا المبلغ مساعدات عسكرية لأوقات الطوارئ بقيمة 14.1 مليار دولار، و3.8 مليار دولار أخرى كمساعدات عسكرية قياسية سنوية، كما أنه تم التوقيع عليها في إطار اتفاق التفاهم في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما“.
وأضاف أن "المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة للاحتلال الإسرائيلي ذهبت عبر عدة قنوات، أهمها برنامج التمويل العسكري الأجنبي، وقانون الإنتاج الحربي الفائض، مع العلم أن المسار البيروقراطي لهذه المساعدات يبدو معقدًا، ويمكن للرئيس فقط أن يقرر منحها، حتى بدون موافقة مجلس الشيوخ والكونغرس".
وأوضحت أن معظم الطائرات المقاتلة والمروحيات والذخائر التي يستخدمها سلاح الجو الصهيوني إن لم يكن كلها، من صنع أمريكي أو في إنتاج صناعات الأسلحة “الإسرائيلية” بدعم مالي أمريكي، علمًا بأن “إسرائيل” ليست عضوًا في حلف شمال الأطلسي“.
كما كشف أنه “في أغسطس 2024 أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن عن اتفاق لبيع أسلحة لـ”إسرائيل” بقيمة 20.3 مليار دولار بموافقة وزارة الخارجية والبنتاجون، ويشمل توريد 50 طائرة بوينغ من طرازF-15 بقيمة 18.8 مليار دولار، و32 ألف قذيفة دبابة مقابل 774 مليون دولار، وعدد سري من المركبات التكتيكية مقابل 583 مليون دولار، و30 صاروخ جو–جو مقابل 102 مليون دولار، و50 صاروخًا خارقًا للتحصينات. بقيمة 61 مليون دولار“.
موقف إيران
ورأت الورقة أن ايران ستتمثل عنصرًا حاسمًا أيضًا في دعم الموقف الفلسطيني، ولكن البراجماتية الايرانية ومخاوفها المستحقة من الاستهداف الغربي لمشروعها النووي، يبقى معرقلاً لاتخاذ ايران موقفًا أكثر وضوحًا بدعم الفلسطينيين..
حيث أكدت أنه "من المتوقع أن يواصل ترامب النهج المتشدد تجاه إيران وتشديد العقوبات، مما قد يضع ضغوطًا إضافية على حزب الله، لكن من الممكن أيضًا أن يطالب الاحتلال بالتصرف بشكل أكثر استقلالية من الناحية الأمنية".
وفي الإطار نقلت عن تصريح لـ"تائير ألتشولر" في“القناة 14” العبرية، ، قال إنّ: “ولاية ترامب الثانية قد تؤدي لدعم أمني قوي لدولة الاحتلال، واتخاذ موقف أمريكي حازم ضد إيران، والسعي لتوسيع اتفاقيات التطبيع مع دول عربية إضافية“.
استنتاجات
وعن تحليل الاستنتاجات، قالت الورقة إنه يتوقع المزيد من التطورات في الفترة القادمة بفعل السياسات الأمريكية الداعمة لـ”اسرائيل”، وإن اختلفت أساليبها ووسائل تنفيذها ولكنها في النهاية تخدم المخطط الصهيوني في بسط النفوذ والسيطرة في المنطقة وتحقيق مصالح الكيان.
وأضافت توقعها (حالة من الهدوء المزيف للأوضاع في غزة) يرمي بظلاله بعيدًا عن حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية والشرعية ليس فقط بالاستقلال بأرضه، وإنما بآدميته واحتياجاته الأساسية كإنسان، فنحن الآن نعيش واحدة من أفظع وأطول المجازر التي ارتكبها الاحتلال في تاريخه الاستيطاني والتي تندرج تحت مسمى الإبادة لشعب كامل، فهل ستكون الرغبة في وقف الحرب وتطبيق مزيد من التطبيع كافيا لاستقرار المنطق..
واستدركت أنه "وفق التقديرات الإستراتيجية، فإن ما أصاب الفلسطينيين من قتل وتدمير لن يأتي أسوأ منه، فقد تعرضوا لذروة الابادة والتدمير، ولم يعد لديهم ما يخسرونه، وهم بصمودهم يكبدون لمعسكر الصهيوني تكاليف كبيرة، قد تلجئهم للخضوع للمطالب الفلسطينية، بالذهاب نحو وقف لإطلاق النار، ثم تأتي مرحلة المقايضات، في ظل خسائر اقتصادية كبيرة لـ”إسرائيل”، وهروب من قبل سكانها إلى بلدانهم، وتنامي عصيان جنودها للعودة للقتال..".
وخلصت إلى أن ثبات المقاومة الفلسطينية، وتعميق حدة الساحات، بين قوى المقاومة، يبقى عنصرًا حاسمًا، في مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة، وقدرات المعسكر العربي على التأثير الاقتصادي على الإدارة الأمريكية، وهو أمر غائب في ظل النظم العربية التابعة للأمريكان، يدعم الفلسطينيين وقضياهم..
https://politicalstreet.org/6974/

