شهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر مؤخرًا تفاعلاً واسعاً حول هاشتاج جديد مثير للجدل، وجه نقدًا لاذعًا إلى زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، واتهمه بالانشغال بالترف وعدم الاهتمام بمشاكل المواطنين.
يأتي هذا التفاعل الكبير بعد انتشار مقطع فيديو يظهر فيه السيسي في لقاء رسمي، بينما يُعتقد أنه يحتسي مشروباً يُعتقد أنه كحولي، ما أثار موجة من الانتقادات والغضب، وسط تزايد الضغوط الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية.
هذه الحادثة تسلط الضوء على الاستياء المتزايد لدى شريحة واسعة من المصريين تجاه السياسات الحالية، حيث يعتبر الكثيرون أن القيادات العليا تهتم بمظاهر الترف والرفاهية، بينما يعاني الشعب من الأزمات الاقتصادية المتفاقمة.
الانتقادات لم تقتصر على مقطع الفيديو، بل امتدت إلى سياسات النظام بشكل عام، وسط مخاوف من فقدان الثقة العامة
الغضب الشعبي وتصاعد الهاشتاج
لم يكن مفاجئًا أن يحظى هذا الهاشتاج بتفاعل واسع، حيث تعكس هذه الحملة الشعبية حالة من الإحباط والغضب المتراكم لدى المواطنين.
استخدم المتفاعلون هذا الهاشتاج لإظهار استيائهم من زعيم الانقلاب العسكري، مؤكدين أن هذا المشهد يرمز إلى انشغال السلطة العسكرية الحاكمة برفاهيتها على حساب الشعب، حيث يعاني المواطنون من ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الأساسية، وانخفاض القوة الشرائية، وتزايد معدلات البطالة والفقر.
وكتب أحد المغردين: "بينما يعاني المصريون لتأمين لقمة العيش، يجلس القادة في رفاهية"، وأشار آخر إلى أن "الذي يفترض به قيادة البلاد نحو التقدم والتطور يهتم برفاهيته الشخصية أكثر من رفاهية شعبه".
ومع هذه الموجة من الانتقادات، وجد النظام العسكري نفسه أمام اختبار جديد لمصداقيته أمام الجمهور الذي ضاق ذرعًا من وعود لم تتحقق.
الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للغضب الشعبي
تصاعد الانتقادات يأتي في وقت يعاني فيه الشعب من تدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية، حيث ارتفعت معدلات التضخم بشكل قياسي، ما انعكس على حياة المواطن اليومية.
ويعاني المصريون من غلاء الأسعار وتدهور الأجور وارتفاع نسبة البطالة، في وقت تستمر فيه الحكومة في تنفيذ مشاريع ضخمة تستهلك الكثير من الموارد، ما يُعتبر بالنسبة للبعض "إسرافًا" في غير محله.
وقد تعمّق الشعور بالغبن بين المواطنين، خصوصًا مع استمرار التراجع في الخدمات العامة من صحة وتعليم ونقل، ما زاد من تدهور الثقة بالنظام العسكري.
ويرى كثير من المصريين أن الإنفاق الحكومي لا يراعي حاجاتهم الأساسية، بل ينصب على مشاريع وأهداف غير واقعية وغير ضرورية في ظل الظروف الحالية.
رمزية الهاشتاج في مصر اليوم
في ظل القيود المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية والصحف في مصر، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي وسيلة التعبير الأساسية للكثير من المصريين للتعبير عن آرائهم والمطالبة بالتغيير.
ورغم محاولات السلطات العسكرية المستمرة للسيطرة على هذه المنصات، إلا أن تزايد الانتقادات والهاشتاجات المعارضة يعكس عجز النظام عن احتواء الغضب الشعبي، ويعطي إشارة واضحة أن الإعلام الاجتماعي بات صوت الشارع، ومرآة لمشاعره وأفكاره.
وعادةً ما تحمل الهاشتاجات رمزية تتجاوز ما يظهر على السطح؛ فهي تعكس رفضًا عامًا للسياسات الحالية وسخطاً شعبياً يعكس الفجوة بين المواطنين والقيادة. وقد باتت هذه الحملات الشعبية تُشكل تحديًا حقيقيًا أمام النظام، حيث يصعب السيطرة على تدفق المعلومات والمشاعر التي تنتشر بسرعة.
ردود فعل النظام العسكري وإدارة الأزمة
أمام هذه الحملة الواسعة على منصات التواصل الاجتماعي، تجاهل النظام في البداية الموضوع، محاولًا عدم إضفاء أهمية على الانتقادات.
ومع ذلك، شهدت منصات مؤيدة للنظام محاولات لتبرير مقطع الفيديو وانتقاد الحملة على أنها مسيّسة.
ويشير هذا التوجه إلى محاولات السيطرة على الخطاب العام والتقليل من شأن الانتقادات المتصاعدة، رغم أن الشارع يبدو أنه غير مقتنع بهذه التبريرات.
ويرى مراقبون أن هذا النهج قد يعكس صعوبة النظام العسكري في التعامل مع التحديات التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يصعب السيطرة على الرسائل المتداولة في العالم الرقمي.
وفي ظل هذه الظروف، يرى البعض أن النظام يحتاج إلى تعزيز الشفافية والانفتاح بدلًا من تبرير أخطاء أو تجاهل مشاعر الناس.
مستقبل الحراك الشعبي في مصر
مع تصاعد الغضب الشعبي، يبدو أن هذه الحملة الإلكترونية قد تكون بداية لحركة أوسع تطالب بمزيد من الشفافية والإصلاحات الاقتصادية والسياسية.
ورغم القيود المفروضة على التظاهر والنشاطات السياسية، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي توفر منصة يمكن أن تتصاعد منها حركة ضغط حقيقية تطالب بالتغيير.
فالكثير من المصريين يرون أن الدولة بحاجة إلى تركيز جهودها على إصلاح الاقتصاد وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين بدلًا من الاهتمام بمظاهر الرفاهية.
وقد تكون هذه الحملة نقطة تحول تُشكل ضغطًا على حكومة الانقلاب لإعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

