مائة جنيه فقط حصلت عليها (عايدة*)، العاملة في شركة سمنود للمنسوجات والوبريات، من راتب سبتمبر الماضي، بعد خصم شبه كامل لأجرها الذي لا يتجاوز 3500 جنيه، على خلفية المشاركة في إضراب للمطالبة بتطبيق قرار رفع الحد الأدنى للأجور إلى ستة آلاف جنيه على العاملين في الشركة.
لم تصب الخصومات القاسية مرتب عايدة فقط، بل ضربت مرتبات الكثير من زملائها، حسبما قالت «بنات كتير واخدة 100جنيه زيي، وفيه زملا رجالة واخدين 300 و400 جنيه.. مسمعتش عن حد واخد أكتر من 1100 جنيه».
كان عبد الفتاح السيسي أصدر قرارًا، في مطلع فبراير الماضي، بزيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في الدولة بنسبة 50% ليصل إلى ستة آلاف جنيه، ضمن حزمة إجراءات للحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر تضررًا من الأزمة الاقتصادية، وعلى إثر قرار السيسي بدأ عمال القطاع الخاص التحرك للمطالبة بتطبيقه عليهم باعتبار أن وضعهم لا يقل سوءًا عن عمال الحكومة.
وفي 15 فبراير الماضي أعلن عمال شركة يونيفرسال للأجهزة الكهربائية إضرابًا عن العمل، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المقر العام الماضي، 3500 جنيه.
وفي 22 فبراير بدأ عمال شركة مصر للغزل والنسيج (غزل المحلة) إضرابًا استمر أسبوعًا للمطالبة بـ«حزمة الرئيس».
الخوف من توسع الاحتجاجات
الخوف من توسع الاحتجاجات دفع المجلس القومي للأجور، برئاسة وزيرة التخطيط، إلى إصدار قرار، في أبريل الماضي، برفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى ستة آلاف جنيه، تشمل -لأول مرة- حصة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية، والتي تبلغ 18.75% من أجر العامل، على أن يبدأ التطبيق في مايو، بالإضافة إلى كونه يسري فقط على المنشآت التي تضم أكثر من عشرة عاملين، وهو ما يعني عمليًا استبعاد 98.9% من المنشآت الاقتصادية في مصر، تبعًا لآخر بيانات متاحة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
وسمح القرار باستثناء الشركات المتقدمة بطلب يفيد بتعثرها، كما التزم بما سار عليه سابقوه باعتبار كل عناصر الأجر بما فيها -على سبيل المثال- العمولات والمنح والبدلات ونصيب العاملين من الأرباح والمزايا العينية، ضمن الحد الأدنى للأجر.
مثل كثير من الشركات، تقدمت «وبريات سمنود»، المملوكة للبنك القومي للاستثمار التابع لوزارة التخطيط، بطلب استثناء، ما أثار غضب العمال ودفعهم إلى بدء إضراب عن العمل في 18 أغسطس الماضي، استمر قرابة الشهر، قبل إنهائه نتيجة تكثيف الضغوط الأمنية على العمال بالقبض على ثمانية منهم، وانتشار عناصر الأمن الوطني في عنابر العمل، والتهديد المباشر باعتقالات أخرى، بالإضافة إلى ضغوط الإدارة بحجب المرتب.
التمتع بحق الاستثناء ليس السبب الوحيد وراء تملص أصحاب الأعمال من قرارات الحد الأدنى للأجور، فهناك بالأساس خلل في آلية اتخاذ هذه القرارات، إلى جانب تهاون السلطة التنفيذية في الرقابة على تلك القرارات وإنفاذها بأدوات القانون، إضافة إلى ضعف التشريعات الرادعة لأرباب العمل حال امتناعهم عن التنفيذ، ما يجعل قرار الحد الأدنى للأجور، في المحصلة النهائية، حبرًا على ورق.
في هذا السياق أشار وزير القوى العاملة الأسبق، أحمد حسن البرعي، الذي ترأس اللجنة التي أعدت قانون العمل الساري (12 لسنة 2003)، إلى نقطة ضعف أساسية في نظام تحديد الحد الأدنى للأجور، تتجسد في عدم استناده على دراسة مستوى الحد الأدنى المقبول لمعيشة الأسرة، مشيرًا إلى أن المعايير الدولية لإقرار الحد الأدنى للأجور المستندة إلى معايير منظمة العمل الدولية، تتطلب إقرار هذا الحد عبر «سلة استهلاك» للأسرة، تشمل الطعام والشراب والصحة والتعليم والمسكن، موضحًا: «يفترض تحديد حد أدنى ضروري من الإنفاق الأساسي للأسرة يمثل الحد الأدنى لدخل عائلها، وهو ما يفترض معه أن يكون كافيًا لتغطية احتياجات ثلاثة أفراد غيره، أي أن حجم الأسرة المفترض هو أربعة أفراد”.
وأشار البرعي إلى زيارة قامت بها منظمة العمل الدولية لمصر عام 2014، حين كان وزيرًا للقوى العاملة في حكومة حازم الببلاوي، في محاولة لإقرار حد أدنى للأجور مناسب، اعتبرت المنظمة وقتها، بحسب البرعي، أن المعيار الأصح في مصر هو الأجر الكافي لإعالة خمسة أفراد -أربعة بخلاف عائل الأسرة- لأسباب تتعلق بمتوسط حجم الأسرة في مصر، مضيفًا: «لا يعني ذلك بطبيعة الحال أن الأسرة التي يعيلها اثنان أو أكثر ينبغي أن يحصل الواحد منهم على أقل من الحد الأدنى للأجور، لأن هذا الحد يعتبر حد الكرامة الإنسانية الذي لا يجوز التراجع عنه».
وأوضح البرعي: «خلال الفترة التي كنت عضوًا فيها بالحكومة أمكننا [في الحكومة] تحديد الحد الأدنى للأجور بناءً على هذه الدراسة التي أجريت في وقت وزارة عصام شرف [2011] لكنها طُبقت لاحقًا في وقت حكومة الببلاوي بالتعاون مع منظمة العمل، مع الإعلان عن الحد الأدنى للأجور في القطاع الحكومي عند مستوى 1200 جنيه، على أن نحاول تطبيق الأمر لاحقًا على القطاع الخاص من خلال التفاوض مع ممثليه، وبالفعل بدأنا التفاوض مع اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية، لكن إقالة الوزارة عرقلت مسيرة التفاوض، وانتهى الأمر عند هذا الحد».
هل اتخذ المجلس القومي للأجور قراره الأخير في أبريل الماضي بناءً على مقياس «سلة الاستهلاك» أم كانت لديه مقاييس أخرى؟
أحد ممثلي العمال في «القومي للأجور» قال طالبًا عدم ذكر اسمه، إن ما حدث في الجلسة الأخيرة، التي تقرر على أساسها رفع الحد الأدنى، كان مجرد إبلاغنا في بداية الاجتماع من قبل ممثلي الحكومة بالرفع إلى ستة آلاف جنيه، متضمنًا حصة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية والحق في التقدم بالاستثناء، كأن الأمر كله مجرد إملاء من أعلى دون أي توافق عام، كما حُسم اعتراضنا على ضم حصة صاحب العمل [من التأمينات الاجتماعية] بالتصويت طبعًا، والذي سيطرت عليه الحكومة ورجال الأعمال معًا»، مضيفًا: «في حقيقة الأمر، يتصرف ممثلو الحكومة والقطاع الخاص معًا كجبهة واحدة. في اجتماعاتنا التي يصدر عنها الإعلان عن الحد الأدنى للأجور كنا نفاجأ باتفاق الطرفين على التفاصيل، فيما يبدو أنه تشاور مسبق يُملى علينا ويصعب رفضه لأن الأغلبية مضمونة لهما معًا».
يتكون المجلس من 24 عضوًا: ستة يمثلون منظمات أصحاب الأعمال، ستة يمثلون الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، خمسة وزراء، رئيس المجلس القومي للمرأة، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، بالإضافة إلى أربعة خبراء.
«لماذا نفرض [في القطاع الخاص] الحد الأدنى عند مستوى ستة آلاف جنيه بالذات دون أن يُنفذ، ولا نفرضه عند مستوى خمسة آلاف جنيه مثلًا دون استثناءات أو استقطاعات كبيرة [حصة صاحب العمل في التأمينات] بحيث يصبح أقرب للتطبيق»، يتساءل عضو «القومي للأجور»، ويجيب: «ببساطة لأن هذا اختيار سياسي، والقرار اتُخذ بشكل سياسي بغض النظر عن تطبيقه»، مضيفًا: «كان ينبغي أن يصدر على هذا النحو ليبدو الأمر أن الحد الأدنى للأجور قد رُفع إلى ستة آلاف جنيه دفعة واحدة في القطاع الخاص بعد صدور قرار مماثل في القطاع الحكومي، بغض النظر عن التنفيذ عمليًا».
ما يشير إليه ممثل العمال في «القومي للأجور» بشأن توازن القوى المختل داخل المجلس ضد ممثلي العمال، يضاف إليه خللٌ آخر في تمثيل العمال أنفسهم.
يقتصر تمثيل العمال في المجلس القومي للأجور على ممثلي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر فقط، إذ ينص قانون العمل على أن يمثل العمال في المجلس «أعضاء يمثلون الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يختارهم الاتحاد». هذا النص القانوني كان منطقيًا في ظل قانون النقابات العمالية السابق (35 لسنة 1976) الذي حظر تأسيس نقابات عمالية غير تابعة للاتحاد العام الوحيد، لكنه أصبح غير مفهوم بعد إلغاء القانون 35 واستبداله بالقانون 213 لسنة 2017 الذي أنهى هذا الحظر وسمح بالتعددية النقابية، وبالتالي أصبحت هناك تنظيمات نقابية عمالية شرعية «مستقلة» عن الاتحاد مُستبعدة من التمثيل في «القومي للأجور» بسبب تضارب القوانين، «وهو ما يُخل بتمثيل العمال الحقيقي في المجلس»، حسبما قال مدير المنتدى المصري لعلاقات العمل، حسن البربري.
لكن الأهم من وجهة نظر البربري «هو السياق الذي يحيط بعمل المجلس، والذي تُقمع فيه النقابات المستقلة خاصة بعد التدخل الكبير في انتخاباتها بالدورة النقابية الأخيرة، وتعنت الجهات الإدارية في تسجيل النقابات الجديدة، وهو ما يحد من دورها في الضغط من أجل علاقات عمل متوازنة، يتضمن بطبيعة الحال الضغط لأجل حد أدنى عادل وتطبيقه بالفعل، خاصة في ظل قمع الاحتجاجات العمالية بكل أشكالها»، مضيفًا أن «كل ذلك يشكك في حقيقة أي تمثيل عمالي في مجلس يضم الأطراف الاجتماعية، لكن عمله في النهاية يعكس توازن القوى خارجه»، مشيرًا إلى أن «وضعًا كهذا لا يُعالج دون معالجة اختلال ميزان القوى بين العمال وأصحاب الأعمال بإطلاق الحريات النقابية وحرية الاحتجاج».
وعلى أساس «توازن القوى» المختل -داخل وخارج المجلس- بين العمال وأصحاب الأعمال، هناك قطاع كبير من العمال مختفٍ أصلًا من صورة التمثيل. ربما يتجسد هؤلاء في علي*، العامل الشاب الذي ترك عمله قبل شهر تقريبًا في شركة «تاون تيم» للملابس بعد سنتين ونصف تقريبًا من العمل هناك، ولم يتعدَ أجره 3800 جنيه، شاملًا التأمينات الاجتماعية، حين ترك عمله، وفقًا لإيصال مرتبه عن يوليو الماضي، الذي اطلع عليه بحسب علي، فمسألة تأسيس نقابة من حيث المبدأ أمر غير مطروح في الواقع، موضحًا: «إحنا عندنا أي حد بيتكلم على حقوق بيمشوه، ده مرة الناس اشتكت بس من الساعات الإضافي الإجباري كل يوم، نزل مسؤول في الشركة وقال كلام مينفعش يتقال والموضوع اتقفل بعدها»، مضيفًا: «مسألة الستة آلاف جنيه دي طبعًا عمرنا ما سمعنا عنها أصلًا، ولا حد يستجرا أصلًا يتكلم فيها، وأصلًا الـ3500 [الحد الأدنى للأجور في يناير الماضي] مش كل الناس بتاخدها، والجداد زادوا بالعافية في يناير اللي فات بقوا بياخدوا 3 آلاف».
حاول «مدى مصر» التواصل مع مدير الموارد البشرية لـ«تاون تيم» عبر صفحته على موقع «لينكد إن» للحصول على تعليق حول التزام الشركة بالحد الأدنى للأجور من عدمه، لكن لم يصلنا رد حتى نشر التقرير.
الوضع في «تاون تيم»، كما شرحه علي يلفت الانتباه إلى خللٍ آخر في تطبيق الحد الأدنى للأجور، يتعلق بالرقابة على التزام أصحاب الأعمال بالتطبيق، وهو دور وزارة العمل ومفتشيها.
اثنان من مفتشي «العمل» قالا إن ما يعرقل عمل المفتشين هو قلة عددهم، في ظل توقف التعيينات الحكومية، وهو ما يعني تراجع قدرتهم على تفتيش كل المنشآت، خاصة مع زيادة أعدادها.
أحد المصدرين أوضح أن آخر دفعة من التعيينات تعود إلى عام 1984، وهي دفعة توشك أن تصل إلى سن المعاش العام المقبل، وذلك مع استثناءات بسيطة من تعيينات هزيلة في سنوات متفرقة. ومثال على ذلك، «محافظة البحيرة التي تضم 15 مكتب عمل تشمل 15 موظفًا، ما يعني أن الموظف الواحد يؤدي عمل مدير المكتب والمفتش، وهو ما يجعل خطته السنوية نصفها فقط خطة مفتش والنصف الآخر خطة مدير المكتب»، بحسب المصدر، الذي أضاف: «البحيرة نفسها كمحافظة مترامية الأطراف يتضح فيها بصورة خاصة أثر تلك المشكلة، لأن الموظف يجد أن عليه تغطية التفتيش على منشآت مترامية على مساحات شاسعة وحده، لكن الأمر سيبدو أكثر وضوحًا بطبيعة الحال في محافظة القاهرة الذي لا يتعدى فيها عدد مفتشي العمل تسعة، ما استدعى الدمج بين مكاتب العمل». الخلاصة أنه «بالطبع يؤدي ضعف خطة التفتيش في ظل هذا العجز الوظيفي إلى شعور صاحب المنشأة بأن التفتيش ليس محتملًا».
المفتش الآخر، يعمل في إحدى محافظات الصعيد، قال لـ«مدى مصر»، إن التعيينات الجديدة أمر بعيد المنال تمامًا في ظل قانون الخدمة المدنية الحالي، الذي يقصر التعيينات الحكومية على أسلوب المسابقات، التي لم نسمع عنها خلال السنوات الأخيرة إلا في وزارة التربية والتعليم.
ممثل العمال في المجلس القومي للأجور قال إن التفتيش على المنشآت يعرقله قلة الإمكانيات، موضحًا: «قد يبدو أمرًا غريبًا، لكن وصل الحال إلى تعذر توافر سيارات لنقل المفتشين للشركات، فينتهي الأمر بالمفتشين بإبلاغ الشركات بقدومهم للتفتيش، وطلب سيارات من الشركات نفسها لنقلهم للتفتيش عليها»، مضيفًا: «طبعًا من غير المتوقع أبدًا من موظفين يتقاضون رواتب هزيلة أصلًا الإنفاق من جيوبهم على التنقل بين منشآت على مسافات شاسعة بين بعضها البعض».
«تاون تيم» مثلًا، والتي تقول على صفحتها على «لينكيد إن» إنها تملك 40 متجرًا ومصنعين أحدهما في مدينة السادات بمحافظة المنوفية والآخر في طنطا بمحافظة الغربية، قد تكون واحدة من تلك الشركات التي لا يصلها لسبب أو آخر التفتيش بحسب الشواهد المتوافرة لدى علي. «قعدت سنتين ونص هناك [في الشركة] عمري ما سمعت عن موضوع التفتيش ده»، يقول علي.
حتى إن وقع التفتيش، وأثبت المفتش أن المنشأة لا تطبق الحد الأدنى للأجور، وأحال صاحبها إلى المحكمة العمالية، فالعقوبات المقررة قانونًا تجعل هذا الإجراء عمليًا أمرًا لا قيمة له، «لأن صاحب العمل مطمئن بنسبة كبيرة إلى ضعف العقوبة، وهي عقوبة مالية فقط في كل الأحوال وزهيدة للغاية بشكل عام، وهناك سلطة تقديرية للقاضي الذي يحكم في حالات كثيرة بالحد الأدنى للعقوبة، وهو أمر مغرٍ لصاحب العمل بدفع الغرامة والاستمرار في عدم دفع الحد الأدنى للأجور»، يقول ممثل العمال في المجلس، الذي أوضح أن عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور بمثابة امتناع عن دفع أجر العامل كاملًا، وهو ما تنطبق عليه العقوبات على باب الأجور في قانون العمل، الذي ينص في المادة 247 على غرامة تتراوح بين 100 و500 جنيه عن كل عامل، وتضاعف الغرامة في حالة تكرار جريمة الامتناع.
وفي هذا السياق، تقول أستاذة السياسات العامة، دينا الخواجة، إن سياسة الحد الأدنى للأجور تفتقد أصلًا أدوات تنفيذ السياسة العامة، فلا يوجد إطار زمني يتحول بعده التغريم إلى تجريم مثلما هو معمول به في الكثير من الدول المتقدمة.
لكن البرعي أبدى اعتراضه على استخدام التجريم بدلًا من التغريم في القانون، قائلًا إن علاقات العمل لا يمكن أن تدار عبر التجريم، وإلا اعتبرت من قبيل المعركة، مضيفًا أن «الأصل في علاقات العمل هي توازنات القوى بين أصحاب العمل من ناحية والعمال من ناحية أخرى.. ينبغي ألا ننسى أن التجريم قد يؤدي إلى الإحجام عن الاستثمار». في المقابل، يعترف البرعي بالحاجة إلى رفع قيمة الغرامات في القانون.
إضافةً إلى التسهيلات التي يمنحها القانون لأصحاب الأعمال المخالفين، أعطاهم قرار المجلس القومي للأجور -كما ذكرنا- حق التقدم بطلب استثناء من تنفيذ القرار لتعثر المشروع. ليست هناك بيانات متوافرة بشأن عدد المتقدمين بطلبات للاستثناء، لكن أحد المفتشين وعضو المجلس القومي للأجور أشارا إلى أنها كثيرة. وما يعزز رأي المصدرين أن مجرد تقديم الطلب يعطي صاحب العمل الحق في عدم الالتزام بتطبيق قرار الحد الأدنى للأجور -مثل «وبريات سمنود»- كما أن البت في الطلب ليس محددًا بمدى زمني معين، بحسب عضو «القومي للأجور».
عوامل عدة اشتبكت معًا لتفرغ «الحد الأدنى للأجور» من مضمونه وتكشف عن مدى جديته، ترتبط إما بنص قانون العمل أو بقدرة الحكومة على الرقابة عمليًا أو بالحريات النقابية الغائبة، والأهم بموازين القوى وانحيازات الحكومة لصالح المستثمرين، جميعها ساهمت في القضاء على أحلام عايدة.

