على الرغم من الأوضاع الصعبة والحزن الذي يسود قطاع غزة بسبب الحرب الإسرائيلية، أصرّ الفلسطيني ماجد الدرّة (23 عامًا) على إقامة حفل زفافه على سارة أبو توهة (19 عامًا) في مدرسة المغازي وسط قطاع غزة التي نزحا إليها هربًا من الحرب.
حصل العروسان على لحظات من الفرح وسط الأهل في حفل صغير بحضور أفراد من العائلتين.
وبينما كانت سارة تحلم بارتداء الفستان الأبيض لتتألق به أمام عائلتها، حالت ظروف الحرب دون تحقيق حلمها، فزّفت إلى عريسها بثوب الصلاة.
عقد العروسان عقدا قرانهما في 23 يناير الماضي، وخططا لإقامة حفل الزفاف في 7 أكتوبر الماضي.

لكن في ذلك اليوم، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت أكثر من 15 ألف شهيد فلسطيني، بينهم 6150 طفلًا وما يزيد على 4 آلاف امرأة، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة".
وقال ماجد: "كان أملنا أن نحتفل بزفافنا في أفضل الأماكن في غزة ورسمنا أحلامًا لذلك النهار، حيث كنا نستعد لتنظيم أجمل حفل زفاف"، مضيفًا: "كنت أستعد للعيش في منزل صغير، لكنّ الاحتلال دمّر المنزل وحطّم كل الأثاث".
وأضاف "نعيش في ظروف تفتقر إلى مقومات الفرح، ولكنّا نرغب في الابتهاج. داخل المدرسة لا نمتلك ملابس كافية أو فراشًا، وكانت أمنية زوجتي أن تلبس الفستان الأبيض".
من جهتها، قالت العروس سارة أبو توهة: "جهّزت لعرسي ورتّبتُ غرفتي التي كنتُ أعتزم الزواج فيها، ولكن الحرب دمّرت كل شيء. كل ملابسي والتجهيزات راحت. لم يتبق شيء".
وأضافت: "كنت أنظر إلى المستقبل، نحلم بأن يكبر أولادنا في دارنا الصغيرة، وكنا نخطط لفتح مشروع صغير، كنا نأمل في إنجاب أطفال".
شاب غزي ينال الدكتوراه في المغرب
محمد الحسيني (30 سنة)، شاب فلسطيني من قطاع غزة حصل على شهادة الدكتوراه بالمغرب خلال نوفمبر الجاري، بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على القطاع، فاختلطت لديه مشاعر الفرح والألم.
في 2016، تم قبول الحسيني لمتابعة الدراسة في سلك الماستر بالمغرب، ولكن فرحته اصطدمت بعراقيل معبر رفح الذي كان يُفتح مرة واحدة كل 3 شهر.
ووصل دوره بعد مضي 6 أشهر من التسجيل، وتعرض للكثير من المعاناة على المعبر حتى استطاع السفر والوصول إلى المغرب قبل عيد الأضحى بيومين.
بعدما وصل الحسيني إلى كلية العلوم القانونية بمدينة سلا (محاذاة العاصمة الرباط)، أخبرته موظفة بالإدارة أنه من الصعب أن يبدأ الدراسة، لعدم توفر رخصة قديمة خاصة بالسنة الماضية، فقابل عميد الكلية الذي تفهم مشكلته ثم وافق على التسجيل.
وواجهت محمد مشكلة أخرى، حيث تم احتسابه راسبا في السنة الأولى، رغم أنه لم يتابع الدراسة أساسا، وهو ما شكل صدمة جديدة له، وجعله يتوجه مجددا إلى العميد الذي سجله طالبا جديدا، ليبدأ مسار التحصيل العلمي.
تابع الحسيني الدراسة سنتين متتاليتين، إلى غاية حصوله على الماستر، حيث نال المرتبة الأولى في صفه، وكان يخاف أن يزور أسرته، وتقع مشكلة تؤدي إلى إغلاق معبر رفح، ثم يفقد حقه في استكمال مساره الدراسي.
عقب انتهاء الماستر، نجح محمد في التسجيل بسلك الدكتوراه بنفس الكلية، وبعدما أنهى عملية التسجيل، قرر زيارة أهله بعد مضي 3 سنوات متواصلة في الغربة.
تزامنت زيارته لغزة ببداية جائحة كورونا، ما أدى إلى انتهاء الإقامة بالمغرب، حيث بقي عامين ونصف عام بالقطاع، بسبب ظروف السفر ومعوقاته في تلك الفترة.
بعد محاولات من طرف الطلاب الفلسطينيين الذين لديهم نفس المشكلة، تم إصدار تأشيرة جديدة، واضطر الحسيني إلى السفر للمغرب خلال شهر رمضان من أجل استكمال دراسته.
![]()
وبينما محمد ينشغل بإعداد رسالة الدكتوراه حدث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، وكان يحاول التواصل عبر الهاتف للاطمئنان على أهله فينجح مرة ولا ينجح أخرى، ثم حدثت صعوبات كثيرة خاصة بعدما قطعت إسرائيل خدمات الاتصالات بأنواعها عن قطاع غزة لـ36 ساعة متواصلة، قبل أن تعيد وصلها مرحلة أخرى.
واطمأن الحسيني على أهله الذين انتقلوا من الحي إلى منطقة أخرى، حيث دمر الاحتلال الحي الذي تقطن به الأسرة بالكامل.
وتزامنت الحرب مع مناقشة رسالة الدكتوراه، التي تعد أهم لحظة في مسار الباحثين، حيث لم يستطع أن يشارك هذا المشروع المهم مع عائلته في غزة بسبب كابوس الحرب.
وأكد الحسيني أنه "قبل مناقشة الرسالة بيوم، لم أستطع الاطمئنان على أهلي، وهو ما خلف لدي شعورًا نفسيًا صعبًا، حيث مرت المناقشة بلا طعم، وكأنها مرحلة أريد اجتيازها فقط من دون مشاعر، خاصة مع الحرب والدمار ومعاناة الشعب في غزة".
حصل الحسيني على درجة "مشرف جدًا" مع توصية بالنشر، وكان الأمر صعبًا لأن الوالدين كانا ينتظران المناقشة أكثر منه، ولكن ظروف الحرب حالت دون متابعتهما لها، وهكذا حرمت الحرب عائلة الحسيني من مشاركته هذا الإنجاز.
بعث الحسيني رسالة إلى أهله كونه حصل على الدكتوراه، وكان يأمل أن تصل بسرعة ولكنها لم تصل إلا بعد ساعات، بسبب سوء الإنترنت في كافة مناطق القطاع.
وقال: "عندما وصلتني رسالة من أخي تفيد بقراءتهم خبر حصولي على شهادة الدكتوراه، كدت أطير من شدة الفرح، رغم هول المصاب في بلادي".
وأضاف: "زادت فرحتي كثيرًا، عندما علمت أيضًا أن أهلي ما يزالون على قيد الحياة، وهم بخير".
قطف الزيتون وعصره
اغتنم أهالي قطاع غزة الهدنة المؤقتة لقطاف الزيتون وجمعه وعصره.
ووثّقت مقاطع فيديو توافد أهالي القطاع على معاصر الزيتون حاملين المئات من صناديق وأكياس الزيتون، حيث انتظروا دورهم لعصرها.
واستغّل أهالي قطاع غزة الهدنة التي بدأت من يوم الجمعة الماضية لالتقاط أنفاسهم، ومحاولة العودة إلى حياتهم الطبيعية.
وواصل العمال الليل بالنهار، حتى يتمكّنوا من نقل محاصيل الزيتون التي أصرّ المزارعون على قطفها في موسمها ونقلها إلى المعاصر (شاهد من هنا).
https://www.youtube.com/watch?v=p3uUmtoB50A
ومنذ يوم الجمعة الماضية، وعلى مدار 5 أيام استلمت إسرائيل 60 أسيرًا من النساء والأطفال مقابل الإفراج عن 180 فلسطينيًا من الأسرى النساء والأطفال أيضًا في سجون إسرائيل بموجب صفقة التبادل.
وفي 7 أكتوبر الماضي، أطلقت المقاومة الفلسطينية هجومًا على مستوطنات غلاف غزة، قتلت خلاله أكثر من 1200 إسرائيلي وإصابة أكثر من 5 آلاف وأسرت نحو 239.
بينما شنت إسرائيل حربًا مدمرة على القطاع خلّفت دمارًا هائلًا في البنية التحتية وعشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.

