يأتيك صوته قويًا واثقًا، وتنساب تحليلاته العسكرية بخبرة وعمق، ويفضح خسائر الجيش الإسرائيلي بتمرس وذكاء، ويتناول أداء كتائب القسام بإعجاب متمرس وشهادة متخصص.
يمتاز أسلوبه بالبساطة والتلقائية، ويحلل المعلومات العسكرية بمفاهيمها الصعبة ويجعلها قريبة من فهم المتلقي العادي والبسيط والمتخصص.
يمتلك ثقافة عسكرية عالية قائمة على دراسة أكاديمية للعلوم العسكرية، بالإضافة إلى إحاطة سياسية بالحدث الذي يتناوله، كل ذلك يغلفه أسلوب لغوي عذب في شرح الموقف العسكري.
لا يكرر نفسه، ولا يعجزه سؤال يوجهه إليه، وقد تتصل به قناة الجزيرة في منتصف الليل أو بعد ذلك، فتجده مستعدًا في صالون بيته وكأنه ذاهب إلى جبهة القتال، وهي جبهة قتال على شاشات الجزيرة.
مشارك في العديد من البرامج التلفزيونية، وفي تحليل كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية عسكريًا وأمنيًا، وبرز بشكل لافت في تحليل عملية طوفان الأقصى على قناة "الجزيرة".
حياة علمية وعسكرية
فايز الدويري، المولود في بلدة "كتم" التابعة للواء بني عبيد في محافظة إربد شمال الأردن، درس في الكلية العسكرية في الأردن ما بين عامي 1972 و1973، وتخرج فيها برتبة ملازم ثاني.
التحق بسلاح الهندسة الملكي الأردني، وشارك في عملية نزع الألغام على الحدود الأردنية السورية.
انتقل إلى اليمن في الفترة ما بين عامي 1977 و1979، حيث شارك مع القوات المسلحة اليمنية برتبة ضابط هندسة في تحصينات مضيق باب المندب، وبناء "معسكر خالد" في الحديدة.
وعندما عاد إلى الأردن انضم في عام 1979 إلى جامعة اليرموك على نظام الدراسة المسائية، حيث درس إدارة الأعمال، وتشير بعض المصادر إلى أنه حصل على ثلاث شهادات بكالوريوس خلال حياته الدراسية.
تدرب في "كلية السامز" الأمريكية، وكان الضابط الأول من خارج دول الناتو، وواحدًا من عشرة ضباط بدورة التخطيط الاستراتيجي وفن إدارة الحرب بما يؤهل الضابط لإعداد خطط حروب مشتركة شاملة.
انضم بعدها إلى كلية القيادة والأركان الملكية الأردنية مدة عام، ثم ابتعث إلى الباكستان للمشاركة في دورة دولية. عمل بعد عودته مدرسًا في كلية القيادة والأركان، ثم تولى لاحقًا منصب مدير سلاح الهندسة الملكي الأردني، ثم آمرًا لكلية القيادة والأركان الأردنية برتبة لواء، ومن ثم أحيل على التقاعد في عام 2005.
انضم بعدها إلى الجامعة الأردنية، حيث حصل على درجة الدكتوراة في فلسفة التربية، وكان عنوان أطروحته "دور الجامعات الرسمية في تعزيز مفهوم الأمن الوطني"، وفقًا لصحيفة "السبيل".
كاتبًا ومحللًا عسكريًا
وتفرغ "أبو جمال" لمهمة الكتابة والتحليل فتعدت خبرته في الظهور التلفزيوني إلى الكتابة في الشؤون العسكرية والإستراتيجية التي تتجاوز النزاعات والحروب في المنطقة العربية إلى الشؤون الإستراتيجية والدولية، مثل مستقبل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والعودة الروسية إلى العالم العربي، وصفقات السلاح، وسباق التسلح النووي، والحرب في أوكرانيا وغيرها.
يعرف عن نفسه بقوله: "أنا أردني لأبوين وجدود أردنيين، وأفتخر، ولكنني لا أسمح لابن يافا أو طولكرم المزاودة على موقفي من فلسطين، ولا على قناعتي بأن فلسطين قضيتي كما هي قضيته".
يعرف على نفسه بأنه "مسلم عروبي حتى صميم العظم ونخاع الفكر والقناعة".
حديثه عن المقاومة يبعث على الطمأنينة، ولا يخفي إعجابه بما تملكه المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من إمكانات تتعلق بالهندسة العسكرية العكسية، إضافة إلى ما ظهر من مهارات فردية عالية يملكها عناصرها.
والهندسة العكسية عملية تفكيك سلاح أو نظام ما لمعرفة آلية عمله، من خلال تحليل بنيته ووظيفته والطريقة التي يعمل بها، بهدف إعادة تصنيع سلاح أو نظام مشابه له يقوم بنفس الوظيفة، كما يمكن تحسينه وتلافي عيوب السلاح الأصلي.
أشباح المقومة
يقول إن استهداف المقاومة لأهم الآليات الإسرائيلية (دبابات ميركافا ومدرعة النمر) في المعركة البرية ضد قطاع غزة، من مسافة صفرية، يؤكد أن قوات الاحتلال تقاتل أشباحًا.
يؤكد في تحليل على شاشة "الجزيرة"، أن" هذه الآليات التي تعتبر أداة الحرب البرية الإسرائيلية الرئيسة دمرت بقذيفة الياسين 105".
ولفت إلى أن من يتقدم لتنفيذ هذه العمليات في ظل معركة، يدرك جيدًا أنه لن يعود، لأن هذه الآليات لديها قدرات استشعار عالية جدًا لكشف أي هجمات قادمة من على مسافات بعيدة ودائرة رؤية 360 درجة ومزودة بأسلحة مضادة للقذائف.
في المقابل، يشير الدويري، إلى أن الجندي الإسرائيلي الذي يدخل المعركة محتميًا بهذه الآليات وهو شديد الخوف على حياته، عندما يتابع هذه العمليات يصبح تحت ضغط نفسي كبير جدًا لأنه يدرك أنه يتقدم باتجاه الموت، إذ يقاتل دون حماية أمام خصم مستعد لفعل كل شيء في سبيل الانتصار.
معركة غزة لا مثيل لها
وحين يذكر معركة غزة يتهدج صوته بفخر قائلًا: "لا يوجد لها مثيل في التاريخ العسكري منذ الإسكندر الأكبر وحتى يومنا هذا".
وحين يتحدث عن غزة يتحدث بتواضع جم فيقول إن معركة غزة هي استثناء من حيث المحتوى والمضمون والتنفيذ، مضيًفا: "اعتقد أن الحديث عن القضاء على حماس وإخراج مقاتليها كما جرى في بيروت عام 1982 أقرب إلى الخيال منه للواقع".
الدويري بات متابَعًا أردنيًا وفلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا، تمامًا كما ينتظر كل عربي ظهور "أبو عبيدة" الناطق باسم المقاومة، كلا الرجلين يشحنان طاقة العرب بكثير من الأمل بعدم اليأس وبأن النصر قريب، كأنه الصبح "أليس الصبح بقريب".

