دعا موقع "ميدل إيست آي" زعماء الغرب إلى أن يتخذوا خيارًا واضحًا: إما أن يكونوا متواطئين في نكبة أخرى، أو يدفعون نحو عملية سياسية حقيقية تشمل الشعب الفلسطيني.

وأوضح في مقال كتبته "لبنى مصاروة": "بعد عشرين يومًا من القصف الإسرائيلي لغزة، قُتِل الآلاف من البشر، مع ارتفاع حصيلة القتلى كل ساعة ـ وما زال الغرب صامتًا".

وأضافت "لبنى": "على مدار مسيرتي المهنية، قمت بتغطية المجازر الإسرائيلية المتكررة في غزة، واحتلالها العنيف للضفة الغربية، وإدخال القوانين العنصرية التي تستهدف المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. لكنني لم أشهد حربًا كهذه من قبل". 

وأشارت "لبنى" إلى أن إسرائيل تجاوزت العديد من الخطوط الحمراء في ردها غير المتناسب. كما أن البلاد دخلت في حالة ذهنية من الإبادة الجماعية، وسيكون من الصعب العودة إليها.

وفي مقابلة حديثة مع قناة الجزيرة، قال عضو الكنيست السابق "موشيه فيجلين"،  إن الحل الوحيد هو "التدمير الكامل لغزة … تدمير كما حدث في دريسدن وهيروشيما، دون سلاح نووي".

وقد شبه وزير الدفاع "يوآف جالانت" الفلسطينيين بـ "الحيوانات البشرية"، وفرض عقابًا جماعيًا على ملايين المدنيين، وتعهد "بمحو هذا الشيء المسمى "حماس داعش غزة" من على وجه الأرض". 

لقد وجه هذه التهديدات لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة والذين كانوا تحت حصار خانق لمدة 16 عامًا، مع تحذير الأمم المتحدة من أن المنطقة ستعتبر بالفعل غير صالحة للسكن بحلول عام 2020.

وأدلى الباحث "إلياهو يوسيان"، الملقب بـ "النجم الجديد لهذه الحرب"، ببعض التعليقات الأكثر وحشية، حيث أكد: "عليك أن تدخل غزة في ذروة الوحشية بهدف الانتقام وانعدام الأخلاق والحد الأقصى من الجثث".

إنها دعوة للقضاء على غزة، وعدم ترك أحد على قيد الحياة.

 

مجازر مستمرة

وقال "ميدل إيست آي": "ولم يتحدى الغرب أيًا من هذا. وبدلاً من ذلك، يؤكد القادة الغربيون أن لإسرائيل "الحق في الدفاع عن نفسها"، مع ضمان التدفق المستمر للأسلحة"، لافتًا إلى أن الأطفال الفلسطينيون يشاهدون سيلاً لا نهاية له من الدماء والجثث، تحت غطاء من الصمت الغربي. ماذا سينتج عن هذا؟

وفي الولايات المتحدة، وعد الرئيس "جو بايدن" بأن بلاده ستحافظ على "تزويد القبة الحديدية بالكامل حتى تتمكن من الاستمرار في حراسة السماء الإسرائيلية، وإنقاذ حياة الإسرائيليين". وعندما يتعلق الأمر بحياة الفلسطينيين، فقد شكك فقط في صحة حصيلة القتلى التي أعلنتها وزارة الصحة - مما دفع الوزارة إلى نشر قائمة بأسماء كل ضحية.

وفي المملكة المتحدة، أعرب رئيس الوزراء "ريشي سوناك" عن دعم بلاده "القاطع" لإسرائيل وأمر بريطانيا بالامتناع عن التصويت على قرار للأمم المتحدة الذي يدعو إلى "هدنة إنسانية" في غزة. بينما أيد زعيم حزب العمال "كير ستارمر" الانتقام الإسرائيلي الشرس وطلب من النواب الابتعاد عن المسيرات المؤيدة لفلسطين.

وفي فرنسا، ذهب الرئيس "إيمانويل ماكرون" إلى حد اقتراح توسيع التحالف الدولي الذي تم تشكيله لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية ليشمل حماس أيضًا.

هذه مجرد أمثلة قليلة من بين العديد من الأمثلة. وكان بوسع الغرب أن يلعب دوراً مختلفاً في هذه الأزمة، ولكنه اختار التواطؤ في المذابح الإسرائيلية في غزة.

وذكر الموقع أنه فقد الاتصال بمراسليه في غزة عدة مرات خلال هذه الحرب، وكانوا عندما يعودون إلى الظهور بعد عدة أيام، فإن السؤال الأول الذي يطرحونه هو ما إذا كان العالم يفعل أي شيء للمساعدة.

وقال الموقع: "إنهم يبحثون عن بيان، عن قطعة صغيرة من الأمل".

 

المعايير المزدوجة

كان البعض يؤمن بالغرب باعتباره جزءًا من العالم الذي يقدر حقوق الإنسان، على عكس دول مثل الصين وروسيا. ولكن هذه الحرب قد أظهرت الوجه الحقيقي للغرب: العنصرية الخالصة.

في المنظور الغربي، يعتبر التضامن انتقائيًا: إذا كنت أبيض اللون وتعرضت للقتل، فهذا غير مقبول؛ فتدفق الحزن والغضب على الضحايا الأوكرانيين للهجوم الروسي، مقارنة بالصمت المخزي الذي يخيم على الموجات المتعاقبة من الضحايا الفلسطينيين، يسلط الضوء على هذه المعايير المزدوجة المؤلمة.

وفي السياق، قُتل أكثر من 9 آلاف مدني في أوكرانيا منذ اندلاع حرب فبراير 2022، بينما في غزة، قُتل أكثر من 8 آلاف شخص - غالبيتهم العظمى من المدنيين - في ثلاثة أسابيع فقط.

ورأي "ميدل إيست آي" أن الرسالة التي يصدرها العالم هي: "إذا كنت فلسطينيًا وتعرضت للقتل، فلا يهم، لأنه لا قيمة لك. قيمتك تتحدد بناء على ما إذا كان اسمك "فاطمة" أم "ميشيل".

وتساءل "ميدل إيست آي" كيف يستطيع الغرب أن يعرب عن صدمته إزاء الإرهاب الذي اندلع في جنوب إسرائيل، في حين يشجع في نفس الوقت إسرائيل على الاستمرار في قتل الفلسطينيين في غزة؟

 لا يمكن تبرير القتل كرد على القتل. ولن تعتمد الأجيال القادمة على الغرب لتحقيق العدالة لهم. لقد أدارت الدول الغربية ظهرها لمعسكر الاعتقال في غزة لأكثر من 16 عامًا. ولكن من دون حل سياسي عادل، فإن هذا الصراع لن يختفي.

وختم الموقع: "قتل آلاف الأطفال الصغار لن يحقق السلام لإسرائيل. والخيار اليوم صارخ. إما إبادة جماعية وتطهير عرقي ونكبة أخرى، أو عملية سياسية حقيقية تأخذ في الاعتبار المطالب وتطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة".
https://www.middleeasteye.net/opinion/israel-palestine-war-will-west-choose-genocide-or-peace