وصف شهود عيان فلسطينيون لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني المختص بشؤون الشرق الأوسط كيف أن الضرب والعنف الذي مارسته القوات الإسرائيلية ضد المصلين كان أسوأ بكثير مما تظهره لقطات على الإنترنت.
ونُشرت لقطات لجنود إسرائيليين مدججين بالسلاح وهم يهاجمون المصلين الفلسطينيين بهراواتهم وبنادقهم في المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان، ما أثار الغضب في جميع أنحاء العالم.
وقال "عبد الله جابر"، الفتى المقدسي الذي تعرض للاعتداء في المصلى واحتجزته القوات الإسرائيلية ليلة الثلاثاء، إن الواقع كان أسوأ بكثير.
وقال "جابر": "لقد أبقونا على الأرض مكبلي الأيدي لفترة طويلة، وكل من رفع رأسه أصيب بطلقة".
وتابع: "كان ساقي تؤلمني، لذا أخبرت جنديًا عن ذلك، لكنه ضربني على صدري وشتمني".
وفي حديثه بعد إطلاق سراحه، وصف "جابر" اللحظة المرعبة التي شق فيها الإسرائيليون طريقهم إلى الموقع المقدس في القدس الشرقية المحتلة، حيث كان الفلسطينيون يعتكفون.
وقال إنه "تم إطلاق قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على المبنى الذي يبلغ عمره ألف عام، قبل أن يلقى الجنود الفلسطينيين المصلين أرضًا ويدوسون عليهم ويقيدون أيديهم بقوة خلف ظهورهم".
وأضاف أن "الضرب لم يتوقف بمجرد إخراجهم من المصلى. بل قام الإسرائيليون بضرب الفلسطينيين المعتقلين بالهراوات أثناء اقتيادهم للخروج من القاعة وحشدوهم في مكان بالقرب من المسجد. واعتقل نحو 400 فلسطيني ليلة الثلاثاء".
وأردف "جابر": "حتى بعد نقلنا إلى مركز الشرطة، استمرت الاعتداءات والشتائم".
واضطر كثير من المعتقلين للتوقيع على أوراق تمنعهم من دخول المسجد الأقصى لمدة أسبوع كشرط للإفراج عنهم.
الأمهات قلقات على أبنائهن
بالنسبة لأمهات الشبان مثل "جابر"، كانت ليلة الثلاثاء مليئة بالقلق والتوتر. وكانت "سناء الرجبي" على اتصال دائم بابنها "عمار" عندما اقتحم الإسرائيليون المسجد - حتى انقطع الخط. تم اعتقاله واقتياده إلى مركز استجواب مع عشرات المصلين الآخرين.
وقالت لـ"ميدل إيست آي": "كدت أموت من القلق على ابني. في البداية، كان المصلون في المصلى القبلي ورفضوا الخروج منه، ثم بدأ الاعتداء الوحشي عليهم من قبل العشرات من ضباط الشرطة الإسرائيلية، باستخدام جميع أشكال القمع".
وتابعت: "أطلقت عليهم الشرطة القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع وهم محاصرون داخل المصلى، ثم أصاب الرصاص المطاطي الكثيرين منهم".
وبدأت القوات الإسرائيلية بإخراج الفلسطينيين من باحات الأقصى حوالي الساعة العاشرة مساءً. وفي وقت سابق، حضر عشرات الآلاف صلاة التراويح، كما هو معتاد في شهر رمضان، وبقي العديد من الأشخاص للاعتكاف.
بينما رفضت إسرائيل السماح للفلسطينيين بالاعتكاف هذا العام وطردت الناس من المسجد بعد صلاة التراويح، إلا أنها لم تستخدم هذا العنف المفرط قبل الثلاثاء.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ووسائل إعلام محلية، إن عشرات الفلسطينيين أصيبوا في الحملة القمعية. ومنع المسعفون من الوصول إلى المصابين وتعرض أحدهم للاعتداء خارج المسجد.
وبينما تصاعدت أعمال العنف الإسرائيلية، انطلقت صيحات الاستغاثة في القدس من المآذن. واحتج الفلسطينيون في أنحاء الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة وبلدة أم الفحم الفلسطينية في شمال إسرائيل. وأطلقت صواريخ من غزة، مما أدى إلى غارات جوية إسرائيلية على القطاع المحاصر.
وأوضح "ميدل إيست آي"، أنه مع تدهور الأوضاع في المسجد، توجهت "رجبي" وفلسطينيون آخرون إلى الأقصى محاولين حماية أحبائهم والمكان المقدس نفسه، لكنهم قوبلوا بالقنابل الصوتية والهراوات عند أحد بوابات المسجد.
"رجبي" لم تسمع أي شيء من "عمار" منذ الليلة الماضية. ولا يزال يعتقد أنه محتجز لدى إسرائيل، لكن والدته تمكنت من التعرف عليه في اللقطات العنيفة التي نُشرت.
ووصفت "رجبي" آخر مكالمة بينهما قائلة: "آخر ما قاله لي هو أن الجنود قاموا برشهم بالغاز المسيل للدموع داخل قاعة الصلاة وضربوهم بالبنادق والكراسي المعدنية. ثم قيدوا أيديهم وأخذوهم إلى الخارج".
وتجمع العديد من أهالي المعتقلين، صباح الأربعاء، أمام مركز شرطة عطروت في القدس. وقال شهود إن الشرطة الإسرائيلية حاولت مقايضة الأقارب بالإفراج عنهم.
وقال "خالد زبارقة"، المحامي الذي يمثل بعض المصلين المحتجزين، لموقع "ميدل إيست آي" إنه يتوقع الإفراج عن معظم الفلسطينيين، لكن قد يتم نقل بعضهم إلى مكان آخر.
وأضاف: "لقد نقلوهم إلى هذا المركز في حافلات ثم قاموا بترقيمهم. هذا شيء جديد".

