تضامنت حركة نساء ضد الانقلاب مع السيدة سناء عبدالجواد زوجة الدكتور محمد البلتاجي، والتي نددت باستمرار التنكيل به وابنه أنس منذ سنوات داخل محبسه الانفرادي بسجن العقرب شديد الحراسة في ظروف احتجاز تمثل جريمة قتل بالبطىء .
حيث إنهم ممنوعون من الزيارة والتريض، ولا يرون الشمس منذ سنوات كما أقرانهم من المعتقلين في السجن سيء الذكر بما يتنافى مع أدنى معايير حقوق الإنسان.
وطالبت الحركة بالحرية لآل البلتاجي وجميع المعتقلين على ذمة قضايا ذات طابع سياسي والإفراج عنهم واحترام حقوق الإنسان.
وبعد شهرين، يدخل أنس البلتاجي،عامه التاسع في سجن الانقلاب منذ القبض عليه في آخر أيام عام 2013.
ومنذ اعتقال قوات أمن الانقلاب لأنس البلتاجي في 31 ديسمبر 2013 دون تهمة غير أنه ابن أبيه يتم التنكيل به فمنذ ظهوره بنيابة أمن الدولة بنهاية يونيو ٢٠١٨ إلى الآن يتم حبسه احتياطيا رغم حصوله على العديد من أحكام بالبراءة وإخلاء السبيل في 6 قضايا
ومنذ ذلك الحين، لم يخرج أنس من محبسه. كان عمره حينها 19 عاماً. وتم تدويره في أربع قضايا مختلفة، حصل على البراءة في قضيتين من محاكم الجنايات والجنح، وإخلاء سبيل في قضية ثالثة. لكن سلطات الانقلاب قررت أن تضمّه لقضية رابعة، لتبقيه سجينًا بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية.
حُرم أنس البلتاجي من استكمال دراسته، كما أن إدارات السجون التي تنقّل بينها لم تسمح له بإدخال كتبه الدراسية أو أية كتب أخرى، بالإضافة إلى انتهاك حقه وحق أبيه في أن يحتجزا سوياً، وفقاً لما ينص عليه قانون لمّ الشمل.
أنس البلتاجي محروم تماما من الزيارات لما يربو عن خمسة أعوام، وبالتالي لا يسمح له باستلام "طبلية"، والتي تعني مستلزمات غذائية وصحية وعلاجية، بخلاف "تعيين" السجن، أي الطعام الذي يوزع على كافة السجناء.
الحال نفسه ينطبق على والده الدكتور "محمد البلتاجى" المحكوم عليه بالإعدام، والمحبوس انفراديا منذ عدة سنوات، بعد تلفيق عدة اتهامه له في أكثر من قضية، ليصل مجموع الأحكام إلى السجن نحو 170 سنة، إضافة إلى إعدام، حسب إحصاء أسرته.
ونشرت سناء عبد الجواد، زوجة الدكتور "محمد البلتاجي" ووالدة "أنس البلتاجي"، القابعين فى سجون الانقلاب منذ أكثر من ثماني سنوات، رسالة مؤثرة، تحدثت فيها عن العزلة التي يعيشانها في حبسيهما.
وقالت عبد الجواد في رسالتها: "زوجي وابني في زنازينهم الانفرادية وكل من مثلهم الوحدة والصمت والغربة.. بل غرباء عن العالم كله. لا يسمعون أصوات أذان، ولا زوجاتهم وأولادهم، ولا زقزقة العصافير، ولا خرير الماء، ولا حفيف الشجر، ولا ضحكات الأطفال. لا يعرفون ضوء الشمس، لا شروقها ولا غروبها، ولا النظر إلى السماء والبحر والشجر، والبشر، وذويهم، وأحبابهم.. لم يروا حتى أنفسهم في المرآة منذ سنوات، وكيف أصبحت وجوههم وأجسامهم وبشرتهم مع الحرمان من رؤية الشمس".
وتابعت "لم يروا الألوان والشجر والورد وضوء النهار. فقط لون الغرفة السوداء وملابسهم التي لا تتغير حمراء أو زرقاء، نسوا كيف يكون المشي لمسافات أو لعدة أمتار حيث الزنازين الضيقة بالكاد يتحركون فيها.. يشتاق ويفتقد لزوجته وأولاده أو خطيبته. أهله، وأحبابه، وأصدقائه، بيته وشارعه، سيارته، عمله، مكتبته. تفاصيل كثيرة يشعر بها وحده المعتقل التى حرم منها ويتمناها".
وأضافت "إنها غربات وظلمات ووحشة وفقد وحرمان تتقطع عليكم القلوب، ولكن كلها ثقة ويقين بلطفه ورحمته التي وسعت كل شيء وأنه قادر على أن يجبركم بأنسه ومعيته، وأن الله ما كتب عليكم هذا إلا ليصنعكم على عينه، وحكمة الله التي تجري. أيكم أحسن عملا وإيمانا وثباتا، فلتصبروا حتى تسمعوا البشرى في الجنة، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، ونسألك اللهم الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، فنحن نعيش في زمن المحن لكي تطهر النفس وتزيل ما بها من خبث وتجعلها تحلق عاليا فحقق ذلك فينا يا رب، وثبتنا على دينك وأفرغ علينا صبرا نستكمل به الطريق".
وبالمخالفة للدستور والقانون المصريين، والمعاهدات والمواثيق الدولية، يُستخدم الحبس الانفرادي في سجون السيسي بشكل تعسفي في حالة تأديب المسجونين الجنائيين، ويُستخدم بشكل منهجي للانتقام من الخصوم والمعارضين السياسيين والتنكيل بهم وعقابهم، فالعديد من المحتجزين والمسجونين لأسباب سياسية يستمرّ حبسهم الانفرادي لمدد غير محدّدة وشهور طويلة، بل أحياناً ما يمتد لسنوات من دون الالتفات إلى ما نصّ عليه الدستور والقانون بشأن تنظيم مدد الحبس الانفرادي.
إذ ينصّ قانون تنظيم السجون المصري، رقم 396 لسنة 1956 في المادة (43) منه، على أنّ "الجزاءات التي يجوز توقيعها على المسجون هي: الإنذار، والحرمان من كل أو بعض الامتيازات المقرّرة لدرجة المسجون أو فئته، لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً. وتأخير نقل المسجون إلى درجة أعلى من درجته في السجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر إن كان محكوماً عليه بالحبس أو بالسجن، ولمدة لا تزيد على سنة إن كان محكوماً عليه بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد. وتنزيل المسجون إلى درجة أقل من درجته في السجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر، إن كان محكوماً عليه بالحبس أو بالسجن، ولمدة لا تزيد على سنة إن كان محكوماً عليه بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد. والحبس الانفرادي لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً. ووضع المحكوم عليه بغرفة خاصة شديدة الحراسة لمدة لا تزيد على ستة أشهر، وذلك على النحو الذي تبيّنه اللائحة الداخلية".
وجرّم القانون الدولي لحقوق الإنسان، باعتباره مرجعية في المسائل القانونية المتعلّقة بتلك الأزمات الإنسانية، التعذيب في شكل الحبس الانفرادي المطوّل والإهمال الطبي المتعمد. وجرّمته كذلك الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984 وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا).
وسبق أن وثَّقت منظمة العفو الدولية 36 حالة لسجناء احتُجزوا رهن الحبس الانفرادي المطوَّل وإلى أجل غير مُسمَّى، وبينهم ستة عُزلوا بشكل غير مشروع عن العالم الخارجي منذ عام 2013. وخلصت المنظمة من خلال بحوثها إلى أنّ استخدام الحبس الانفرادي ضد السجناء يُطبَّق في كثير من الأحيان بشكل تعسفي وبدون إشراف قضائي، ويُعدُّ على الدوام بمثابة نوع من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بل ويشكِّل أحياناً ضرباً من التعذيب. ويُحتجز بعض السجناء رهن الحبس الانفرادي المطوَّل أو إلى أجل غير مُسمَّى، أو يُوضعون في زنازين تتّسم بظروف غير إنسانية، أو يتعرضون لعقاب جماعي. وفي بعض الحالات، يتعرّض السجناء لتعذيب بدني أيضاً.

