أكد الخبير الاستراتيجي طلعت رميح أن القوى الإقليمية باتت أشد إدراكا للخطة الأمريكية الروسية لإضعاف دورها في سوريا، وبأن الدول الكبرى صارت تتحرك متوافقة على تحويل أوضاع سوريا إلى نقطة انطلاق ضد دول الإقليم، بدون اسثناء.
وأضاف رميح فى مقال بجريدة "الشرق" تحت عنوان "الثورة السورية: الصراع ضد أمريكا وروسيا..معا!" أن الثوار السوريين باتوا أكثر يقينا بالخداع الأمريكي وبأن الولايات المتحدة أدخلت الثورة السورية في نفق مزادات المصالح والخلافات والتوافقات، مع روسيا وأوروبا، وبأنها هي من تحاول تطويع إرادة الثورة وإفشال أهدافها الاستراتيجية استثمارا للعدوان والقتل الروسي، وبأن أوروبا ظهرت للجميع، كم هي محجمة عن التدخل أو المساندة الفعلية، وأن ما يهمها الآن يتراوح بين تنغيص الاحتلال الروسي -دون صدام معه- واتقاء شرور تدفق اللاجئين، فضلا عن اهتمامها مع الولايات المتحدة وروسيا بحماية إسرائيل أولا.
ورأى أن تعاطي ثوار سوريا مع المواقف الأمريكية والأوروبية صار من باب التعامل الحذر والقلق والمتضاغط معها، خاصة بعد أن جرى إدراك حقيقة السعي الأمريكي الروسي المشترك لتقسيم سوريا، الذي يضرب مشروع الثورة والوطنية في الصميم.
كما يمكن القول بأن تركيا لم تعد وحدها ما بات يدرك التحالف الأمريكي الروسي في سوريا، بل إيران باتت تدرك هي الأخرى أن الروس والأمريكان صاروا في خندق التعاون على حساب كل القوى الإقليمية. إيران تدرك الآن أنها ستكون الخاسر جنبا إلى جنب مع تركيا. ويمكن القول بأن إيران باتت تدرك أنها تورطت في الصراعات الإقليمية إلى حد يفوق قدرتها وأنها إن واصلت السير كما هي الآن، ستكون مضطرة للقيام بتراجعات غير منظمة، قد تفضي لاضطرابات داخل إيران.
وأكد طلعت رميح على أن نقطة الالتقاء الأمريكية الروسية كانت حول دعم الأكراد في شمال سوريا، عنوانا مقلقا لأبعد الحدود لتركيا وإيران أيضا، وجاء إعلان حزب العمال الكردستاني التركي المصنف إرهابيا، عن استعداده للمشاركة في معارك استعادة الموصل بمثابة ضربة الإفاقة، إذ دلالاته الأخطر تتمثل في تحول الأكراد نحو بناء قوة مشتركة من جميع دول الإقليم للعمل ضدها جميعا. وفي ذلك لم يعد خافيا على الجميع أن تسلم أمريكا وروسيا لملف الصراع صار على حساب الجميع، وأن أمريكا وروسيا ترتبان الأوضاع لجعل سوريا المقبلة نقطة تقسيم دول الإقليم. وأن سوريا المفيدة لن تكون تحت سيطرة إيران بقدر ما ستكون تحت سيطرة روسيا.

