مقدمة

إندونيسيا دولة تقع في جنوب شرق آسيا وتضم 17.508 جزيرة، ومساحتها حوالي 1،919،440 كيلومتر مربع وهي جمهورية وعاصمتها مدينة جاكارتا، حيث تشارك حدودها البرية مع بابوا غينيا الجديدة، تيمور الشرقية، وماليزيا.والدول المجاورة الأخرى وتشمل سنغافورة، الفلبين، أستراليا، وأراضي الهنود لجزر أندامان ونيكوبار.

دخلها الإسلام عن طريق التجار المسلمين في القرن الثامن والتاسع الميلادي، وقد كان لانتشار الإسلام أثره العميق في قيام ممالك إندونيسية متعددة في تلك الجزر، مثل مملكة "بنتام" التي أسَّسها الملك حسن الدين في جاوة الغربية، ومملكة "متارام" التي أقامها رجل عسكري يُدعى "سنافاني" في شرق جاوة؛ وبذلك أصبحت جزيرة جاوة مركز إشعاع للدِّينِ الإسلامي، وانتقل منها إلى غيرها من الجزر، وكان هناك أيضًا مملكة "آتشيه" في شمال سومطرة، ومملكة "ديماك" في وَسَط جاوة، والتي أقامها رمضان فاطمي عام 832هـ، وكذلك مملكة "بالمبانغ" في جنوب سومطرة.
 
احتلالها

كانت البرتغال أُولَى الدول التي احتلَّت إندونيسيا، وخرج أوَّل أسطول هولنديٌّ إلى الهند سنة 1590م، وبلغ الجزائر الإندونيسيَّة ثم عاد إلى هولندا، وكان هذا سببًا في تأسيس شركة الهند الشرقيَّة الهولنديَّة 1602م[10]، التي أعلنت في بادئ الأمر أن غرضها ليس إلا التجارة، ولكنها ما لبثت أن أخذت تحتكر الغلاَّت والمنتجات الزراعية، وتمتلك الأراضي مقابل دخل تدفعه الشركة للسلاطين. ولم يكن البرتغاليون والهولنديون وحدهم هم الذين حاولوا استعمار إندونيسيا، بل انضمَّت بريطانيا إليهم؛ فأقامت قلعة لها في (بان كولن) على الشاطئ الغربي لسومطرة في سنة 1714م وظلَّت هناك حتى سنة 1825م.

فسقطت إندونيسيا بذلك تحت حكم الشركة البريطانية للهند الشرقية في الفترة (1811- 1816م) أثناء حرب نابليون التي تَمَكَّن فيها من احتلال هولندا، ولكن بريطانيا وهولندا عقدتا معاهدة في لندن في 13 أغسطس سنة 1814م قَضَتْ بإعادة المستعمرات إلى هولندا عام 1803م، وبذلك استردَّت هولندا الجزر الإندونيسية من بريطانيا.

وظلَّت هولندا وحدها في إندونيسيا منذ مطلع القرن السادس عشر؛ حتى احْتَلَّت القوات اليابانية إندونيسيا في مارس 1942م بعد استسلام الجيش الهولندي أمام اليابان، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م باستسلام اليابان حصلت اندونيسيا على استقلالها في 17 أغسطس 1945م وأعلن عن قيام حكومة إندونيسية برئاسة أحمد سوكارنو ونائبه محمد حتا ، واعترف باستقلالها في 27 نوفمبر 1949م وفي عام 1968م أصبح سوهارتو رئيسا للبلاد.
 
علاقة الإخوان بإندونيسيا

بعد أن أنشأ الإمام البنا جماعة الإخوان المسلمين كان من ضمن أهدافها العمل على مساعدة الشعوب الإسلامية على التحرر من المستعمر الغربي ولذا كان الإخوانيحتضنون الحركات الإسلامية المجاهدة في كل مكان، ومن هذه الحركات حركة المجاهدين في إندونيسيا بقيادة أحمد سوكارنو و محمد حتا والزعيم سوتان شهرير ، والذين عملوا جاهدين حتى نالت إندونيسيا استقلالها وأعلنت وثيقة الاستقلال يوم 17 أغسطس 1945 م موقعة من قبل كل من سوكارنو و محمد حتا .

وكان نص الوثيقة: وثيقة إعلان الاستقلال :

نحن الشعب الإندونيسي نعلن بهذا استقلال إندونيسيا وسيتم تنفيذ الأمور المتعلقة بتحويل السيادة وغيرها بحكمة وفي أسرع وقت باسم الشعب الإندونيسي
توقيع سوكارنو

توقيع محمد حتا
جاكرتا في 17 أغسطس 1945م

يقول الإمام البنا في رسالة دعوتنا في طور جديد: "إن هذه الحدود الجغرافية والتقسيمات السياسية لا تمزق في أنفسنا أبدًا معنى الوحدة العربية الإسلامية التي جمعت القلوب على أمل واحد وهدف واحد، وجعلت من مكان هذه الأقطار جميعًا أمة واحدة مهما حاول المحاولون وافترى الشعوبيون".

وتأسس قسم الإتصال بالعالم الإسلامي عام 1944 ، فأصبح للإخوان المسلمين عملٌ منظمٌ ودورٌ كبيرٌ في دعم قضايا العالم العربي والإسلامي.

وكان قسم الإتصال بالعالم الإسلامي ملجأ الطلبة المسلمين الوافدين المنتسبين إلى الأزهر وغيره، وقد حدث أن منعت (سفارة إندونيسيا تحت الاحتلال الهولندي) الإعاناتِ التي يرسلها أهالي طلاب البعوث إليهم، واشترطت لصرفها أن يقوم هؤلاء الطلاب باستنكارِ الأعمال الوطنيةِ التي يقوم بها أهلوهم في بلادهم، فامتنعوا ولجئوا إلى قسم الاتصال، الذي شجَّعهم على موقفهم، وقرَّر صرف الإعاناتِ اللازمةِ لهم حتى تزول تلك الحالة الشاذة".

نظَّم الإخوان المسلمون الكثيرَ من المسيراتِ والمظاهراتِ في سبيلِ نصرةِ قضايا البلادِ العربيةِ والإسلامية (فلسطين- سوريا و لبنان- المغرب العربي- ليبيا- باكستان وإندونيسيا).

يقول عبدالحليم الكناني: تبنَّى الإخوان الدعوةَ إلى استقلالِ إندونيسيا وباكستان.. وكان هناك اتصالٌ دائمٌ بين قادةِ الجهاد في إندونيسيا والهند و الإخوان المسلمين ، وقَدِمت منها وفودٌ استقبلها الإخوان أحسن استقبال، حتى قدم السيد محمد علي جناح زعيم المسلمين في الهند والمطالب بتكوين دولة باكستان وقد استقبله الأستاذ المرشد وأحسن وفادته، وعرَّفه ب عبد الرحمن عزام أمين الجامعة العربية.. ولما أثمر جهاد الإندونيسيين والهنود عن إقامة دولتين مستقلتين تخاذل الغرب عن الاعتراف بهما.. تقدَّم الأستاذالبنا بمذكرةٍ للجامعةِ العربيةِ يستثر في رجالها النخوةَ العربيةَ والغيرةَ الإسلاميةَ، طالبًا منهم الاعترافَ بالدولتين الناشئتين، ثمَّ كان ل عبد الرحمن عزام الفضل في استصدار قرار باعتراف جامعة الدول العربية بالدولتين".

كما أعلن قسم الإتصال بالعالم الإسلامي عن محاضرات عن الدول الإسلامية للتعريف بها.

يقول الشيخ الصواف عن ذلك القسم: "وأسسنا بالمركز العام للإخوان المسلمين قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بالتعاون مع الأخ عبد الحفيظ الصيفي من مصر ، والأخ الفضيل الورتلاني -رحمه الله- منالجزائر، والأخ إسماعيل مندا -رحمه الله- من إندونيسيا وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم، وفي المركز العام كنا نلتقي مع كبار رجال الإسلام في العالم الإسلامي، والمركز العام كان كخلية النحل يعج بالزائرين والشباب الصادقين.

كنا نقيم في كل أسبوع اجتماعًا قبل حديث الثلاثاء للإمام الشهيد حسن البنا نلقي فيه الضوء والدراسة على قطر من الأقطار الإسلامية، ولا نترك شخصية إسلامية كبيرة إلا ندعوها لتحاضر أو تزور المركز العام

ولقد طالب الإخوان في مؤتمراتهم وبياناتهم باستقلال إندونيسيا، ولقد أرسلوا ببرقيتين إلى سكرتير عام هيئة الأمم المتحدة وجناب وزير هولندا المفوض بمصر احتجاجا على اعتداء هولندا على إندونيسيا جاء فيهما:

جناب وزير هولندا المفوض بالقاهرة:

اعتداء هولندا البربري على الشعب الإندونيسي عمل عدائي ضد العالم العربي والإسلامي، خاصة والإنسانية –عامة- و الإخوان المسلمون -باسم العروبة والإسلام- يحملون دولتكم المعتدية مسئولية إزهاق أرواح إخوانهم المسلمين في الوطن الإندونيسي المستقل.

جناب السير تريجيفى لي سكرتير هيئة الأمم المتحدة:

الإخوان المسلمون بوادي النيل يحتجون على اعتداء هولندا الوحشي على الشعب الإندونيسي الآمن في وطنه المستقل، ويتقدمون إلى هيئة الأمم المتحدة -باسم العالم العربي والإسلامي- للتدخل في الأمر لوقف هذا العدوان وإقرار الحق.

وعندما حاول مسلمي إندونيسيا التبرع للمسلمين بفلسطين ورفضت السلطات الهولندية كتب عدد من كبار وعظماء مسلمي إندونيسيا خطابًا، نشر بجريدة الإخوان المسلمين جاء فيه:

نحمد الله المؤيد عباده المؤمنين المخلصين والصلاة والسلام على الإمام الأعظم سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم واقتدى بهم إلى يوم الدين، وسلامنا الجزيل الأتم نهديه لحضرة الشهم الهمام المقدام المجاهد بنفسه ونفسه في خدمة ملته وأمته الأستاذ الدكتور عبد الحميد سعيد وكافة من أعانه من جماعة المسلمين حفظهم الله آمين.

وبعد.. فنفيدكم سيدي أن الرابطة العلوية، وهي الجمعية الممثلة للسادة العلويين وأنصارهم بجزر الهند الشرقية، قد ساءها ما أصيب به إخواننا بفلسطين وما نزل بهم من نكبات خفف رزءها ما رأيناه من إجماع الأمة الإسلامية بمشارق الأرض ومغاربها على مؤازرتها ومشاركتها أولئك المنكوبين المضطهدين.

سيدي إننا حينما ابتدأت حوادث فلسطين الأخيرة تحركت هممنا للقيام بواجبنا الديني نحو إخواننا الشهداء لمساعدة أراملهم وأيتامهم بجمع إعانات واكتتابات من جميع أنحاء إندونيسيا بواسطة لجان منظمة، لتكون النتيجة مثمرة حسب المطلوب غير أن قانون هذه البلاد يوجب استصدار إذن خاص من الحكومة لمثل هذا الاكتتاب، فأرسلت إحدى الهيئات بإندونيسيا وفدًا منها لمقابلة محافظ باتافيا (رسيدنت) فطلب منه أن يعود الوفد إليه مرة ثانية فعادوا إليه فأخبرهم أن الحكومة تود الإذن غير أنه نظرًا لما بينها وبين حكومة الإنجليزي من علاقات ودية فالحكومة ترى وجوب التريث ورفع هذا الطلب إلى الدوائر العليا، فشرح له الوفد أن القصد من جمع هذه الاكتتابات هو مساعدة المنكوبين من أرامل وأيتام وإن الإعانات كلها سترسل إلى جمعية الشبان المسلمين بمصر، وذكر له هذا الوفد أن لجانًا قد تألفت في بقية بلدان المسلمين وجمعت الاكتتابات من بلاد إسلامية ومنها بلدان تحت حكم بريطانيا، فأجاب نائب المحافظ بأن هذا كله معروف ولكن الحكومة الهولاندية حريصة على أن لا يشوب علاقاتها مع بريطانيا شيء مكدر، مرت الأيام بعد هذه المقابلة والمسلمون على جمر الغضاء من الانتظار، وبعد نصف شهر ذهب وفد آخر لمقابلة محافظ باتافيا للاستعجال في استصدار الإذن لقبول الطلب فكان الجواب كأجوبته السابقة أي الأمر بالانتظار وأخيرًا في 30 من سبتمبر سنة 1936م أبلغ المحافظ هذه الهيئات بأن الحكومة قبلت الطلب على شرط أن يذكر اسم كل متبرع وأن تجمع التبرعات كلها وتسلم لدائرة الشئون الوطنية لترسلها بواسطة قنصل هولندا بمصر وحيث أن الشعب الإندونيسي لا يرتاح إلى هذا الحل فلم يسع الهيئات المذكورة إلا العدول عن جمع التبرعات، وختامًا تفضلوا بقبول عاطر سلامنا وفائق تحياتنا والسلام.

وظل الإخوان بجانب الشعب الإندونيسي حتى نال استقلاله عام 1945م وقد زارت وفود اندونيسيا المركز العام للإخوان المسلمين مما وطد الصلة بينهم كما كان لطلبة إندونيسيا الذين يدرسون بالأزهر الفضل في حمل فكر الإخوان والعودة به لبلادهم ونشره هناك.

وقد حرص الإخوان على فضح حكومة إندونيسيا بنشر هذا والتعليق عليه فقالوا:

"ومن هذا يتضح للعالم الإسلامي مقدار ما يلاقيه إخوانهم المسلمون هناك من الشدة والقسوة في المعاملة، وقد أظهر هذا الحادث على الخصوص أن حريتهم مسلوبة حتى في القيام بالعمل الإنساني المحض، وهو دليل آخر على صدق ما ضحت به أهل تلك البلاد من الشكوى المتكررة فانظروا معاشر المسلمين كيف يتساند المبطلون على تأييد الباطل والتمكين له في بلاد الإسلام، فهل يريد أصحاب الحق أن يكون على تخاذلهم.

 
الإخوان في إندونيسيا الآن

يعتبر حزب العدالة والرفاهية الإسلامي هو الامتداد الفكري والتنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين، وهو حزب إسلامي إمتدادا لحزب العدالة الذي تأسس في 20يونيو 1998م، وفي 20 أبريل 2002م تغيير للاسم الجديد حزب العدالة والرفاهية الإسلامي وهو الحزب الوحيد الذي يدعو إلى تطبيق الشريعة ويرأسه الآن الدكتور محمد هدايت نور واحد رئيس مجلس الشورى الشعبي الإندونيسي وهو من مواليد 8 إبريل 1960م.

ويعتبر حزب العدالة والرفاهية أكثر الأحزاب الإسلامية محافظة، والمعروف محليا، وحتى في مقالات ودراسات الباحثين الغربيين بأنه (الحزب النظيف)، في بلد يعج بالفساد، فهو الحزب الوحيد الذي لم توجه تهمة فساد إداري ومالي لأي من أعضائه، والذي يضع محاربة الفساد على رأس برنامجه، كما أن الحزب لا يعترف بإسرائيل.

تقول النائبة يسرا عبدالصمد: البرلمان لا يعترف إطلاقا بهذا الكيان الغير شرعي , ومكتوب بجواز السفر الخاص بكل إندونيسي لا يجوز زيارة إسرائيل , ولا توجد سفارة للكيان الصهيوني في بلادنا، أما بخصوص الهيمنة الأمريكية فنحن كأعضاءبرلمان لا نقبلها ونعمل على مواجهتها بشتى الطرق , فنقوم بالمظاهرات أمام السفارة الأمريكية في حضور الآلاف من أفراد الشعب الإندونيسي، ولا نقبل المعونات من البنك المركزي الأمريكي" iaf ", صحيح أننا من الممكن أن نقوم بالتعاون مع الشعب الأمريكي لكننا لا نتعاون مع الحكومة نفسها, لأننا لا نقبل بسياسة هذه الحكومة وخاصة سياستها الخارجية".

 
من أعلام الحزب

    تيفاتول سيمبيرنغ وزير الاتصالات والاعلام الإندونيسي.
    سوس وونو وزير الزراعة .
    سوهرنا سوفرنتا وزير التكنولوجي .
    سالم الجفري وزير الشئون الاجتماعية .
    يسرا عبد الصمد عضو البرلمان الإندونيسي .
    المزمل يوسف بلماني وأحد مؤسسي الحزب .
    محمد أنيس ماتا .

وقد رأس الحزب كلا من:

    لطفي حسن إسحاق عضو البرلمان الإندونيسي .
    تيفاتول سيمبيرنغ وزير الاتصالات والاعلام الإندونيسي .
    وأخيرا الدكتور. محمد هدايت نور واحد واحد رئيس مجلس الشوري الشعبي الإندونيسي.

المراجع

    محمد محمود الصواف: صفحات من تاريخ الدعوة الإسلامية فى العراق، دار الاعتصام.
    الحركات الإسلامية في أسيا- مركز الدراسات الأسيوية – جامعة القاهرة 1998 صــ390.
    محمد شوقي زكي: الإخوان المسلمون والمجتمع المصري.
    جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (380)، السنة الثانية، 10 رمضان 1366ه- 28 يوليو 1947م