مقدمة

تختلف علاقة الإخوان بفلسطين عن علاقتها بباقي الدول، حيث كانت فلسطين محور اهتمام كل الدول بسبب ما كان يحاك لها من مؤامرات سواء بريطانية أو صهيونية، فبعد ظهور أفكار معاداة السامية في أوروبا عام 1896م قام تيودور هرتزل باقتراح حل للمشكلة في كتابه – دولة اليهود – حيث اقترح تأسيس وطن قومي لليهود في الأرجنتين أو فلسطين، وفي عام 1897م عقد أول مؤتمر للحركة الصهيونية في سويسرا حيث أصدر برنامج بال في استعمار فلسطين، وتأسيس الحركة الصهيونية العالمية، وفي عام 1902م اقترح هرتزل على السلطان إنشاء جامعة يهودية في القدس، فرفض ذلك، فأرسل له هرتزل رسالة يعرض عليه قرضًا من يهود يبلغ 20مليون جنيه إسترليني، مقابل تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومنح اليهود قطعة أرض يقيمون عليها حكمًا ذاتيًا، ورفض السلطان عبد الحميد ذلك بشدة.

وبعد انتصار القوات البريطانية على الدولة العثمانية، اتفقت فرنسا وبريطانيا على تقسيم المنطقة العربية إلى مناطق سيطرة فيما عرف عام 1916م باتفاقية سايكس بيكو، فوضعت لبنان وسوريا تحت السيطرة الفرنسية، والأردن والعراق ومصر تحت سيطرة بريطانيا، على أن تبقى فلسطين دولية، إلا أن بريطانيا احتلت فلسطين في أكتوبر 1917م، وأعطى بلفور لليهود وعده بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين في 2/11/1917م، وكان عدد اليهود في ذلك الحين لم يتجاوز 56ألفًا مقابل 644 ألف فلسطيني، أي بنسبة 8% إلى 92% ولم تتعد نسبة الأراضي التي يملكها اليهود 2% من أرض فلسطين.

وصدقت عصبة الأمم على مشروع الانتداب البريطاني على فلسطين بتاريخ 27/7/1922م، ووضع موضع التنفيذ في 29/9/1922م، مما أدى إلى ثورات واضطرابات في فلسطين.

كل ذلك كان يتم في غفلة الشعوب العربية والإسلامية والتي انشغلت بقضاياها فلم تهتم بما يحاك لباقي الدول الإسلامية وعلى رأسهم فلسطين.

لكن بعدما نشأت جماعة الإخوان المسلمين عام 1928م كان على رأس أهدافها القضية الفلسطينية، فقد عبر الإمام البنا عن ذلك بقوله: "فلسطين تحتل من نفوسنا موضعًا روحيًّا وقدسيًّا فوق المعنى الوطني المجرد؛ إذ تهب علينا منها نسمات بيت المقدس المباركة، وبركات النبيين والصديقين، ومهد السيد المسيح عليه السلام، وفى كل ذلك ما ينعش النفوس ويغذى الأرواح"، وإن كانت قضية فلسطين قد ملكت على الإمام البنا كل جوانحه منذ أن كان طالبا.


جغرافية فلسطين

فلسطين منطقة تاريخية في قلب الشرق الأوسط، وجزء طبيعي من الهلال الخصيب حيث تشكل الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام، وفلسطين محاطة بسوريا ولبنان والأردن وسيناء، حيث تمتد منطقة فلسطين عبر حدود لبنان والأردن لتشمل المنطقة جنوبي نهر الليطاني والمنطقة المجاورة لنهر الأردن من الشرق.

وتتكون فلسطين جغرافيا من أربعة مناطق طبيعية واضحة هي:

    السهل الساحلي
    المرتفعات (جبال الجليل مثل جبل القفزة ونابلس والقدس والخليل)
    غور الأردن
    صحراء النقب


موقف الإخوان من قضية فلسطين

لقد اعتنى الإمام البنا بقضية فلسطين اهتماما ماديا وإعلاميا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا، فلقد قضى الإمام البنا جزءًا كبيرًا من حياته مدافعا عن فلسطين بقلمه ولسانه وماله ونفسه حتى قضى شهيدًا، فهو -بحق- شهيد فلسطين وإن لم يمت على أرضها.

كما لم تتوقف جهود الإخوان على التنبيه للخطر الصهيوني، بل أيقظوا الأمة جمعاء، وحشدوا الجهود لمقاومة ذلك الخطر، وقدموا ولا زالوا يقدمون التضحيات تلو التضحيات للذود عن فلسطين، نبهوا الغافلين، وأيقظوا النائمين، وبذلوا المال، وقدموا الشهداء فداء لفلسطين؛ حتى يتم تحريرها من الصهاينة الغاصبين وتعود إلى أحضان الأمة الإسلامية.

لقد بدأ الإمام البنا اهتمامه بالقضية منذ عام 1931م عندما أرسل برسالة إلى مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني يثني على جهوده ومواقفه العظيمة تجاه القضية الفلسطينية، كما حث أعضاء المؤتمر الإسلامي الأول على العمل بجد لقضية فلسطين.

ولم يكتف بتقديم النصح بل قدم الإمام البنا حلولا عملية نحو القضية فقال: « لقد علمنا أن الخطب والاحتجاجات لا تجدي ولا تسمع، وترى الجمعية أن من واجب المؤتمرين أن يعالجوا:

1-مسألة شراء الأرض بفلسطين: إن اليهود يحاربون الفكرة الإسلامية بذهبهم، وإذا تمكنوا من شراء أرض فلسطين صار لهم حق الملكية فقوى مركزهم وزاد عددهم، وبتوالي الأيام تأخذ المسألة شكلاً آخر، وقد نظم اليهود هذه الحركة وجعلوا لها صندوقًا خاصًا يجمعون فيه الاكتتابات لهذه الغاية.

فحبذا لو وفق المؤتمر إلى إيجاد نواة لصندوق مالي إسلامي، أو شركة لشراء أرض فلسطين المستغنى عنها، وتنظيم رأس المال وطريق جمع الاكتتابات وسهوم هذه الشركة..إلخ.

والجمعية تكتتب مبدئيًّا فى هذه الفكرة بخمسة جنيهات مصرية ترسلها إذا قرر المؤتمر ذلك على أن تتوالى بعدها الاكتتابات، ولا يضحك حضراتكم هذا التبرع الضئيل فالجمعية تقدر الفكرة، وتعلم أنها تحتاج إلى الآلاف من الجنيهات، ولكنها جرأت على ذلك إظهارًا لشدة الرغبة فى إبراز الفكرة من حيز القول إلى حيز العمل.

2-تأليف اللجان فى كل البلاد الإسلامية للدفاع عن المقدسات: كذلك تقترح الجمعية أن يعالج المؤتمر موضوع تأسيس لجان فرعية لجمعية رئيسية مركزها القدس أو مكة، وغايتها الدفاع عن المقدسات الإسلامية فى كل أنحاء الأرض، وتكون هذه اللجان الفرعية كلها مرتبطة تمام الارتباط بالمركز العام.

3- إنشاء جامعة فلسطين: على نحو كلية عليكرة بالهند تجمع بين العلوم العصرية، والعلوم الدينية.

4- نداء علماء المسلمين: أن يؤلفوا لجانًا فنية لتهذيب الكتب الإسلامية القديمة، وتصنيف كتب جديدة تفي بحالة العصر الجديد مع التفكير فى مناهج التعليم بأنواعه.

5-نداء أغنياء المسلمين للاكتتاب.

6- دعوة زعماء الشعوب الشرقية إلى طرح المطامع، وتقدير الموقف الدقيق الذي يحيط بهم فى هذه الأيام. ثم ختم قائلا: « ولتثقوا أيها السادة بأن العالم الإسلامي من ورائكم يجود بالنفس والمال فى سبيل إعادة مجد الإسلام، ووصول الأمم الإسلامية إلى حقوقها المنقوصة».

ولم يكتف الأمر عند ذلك فحسب بل وجه مكتب إرشاد الإخوان المسلمين نداء إلى شعب الجماعة بالقطر المصري وإلى الشعوب الإسلامية عامة وإلى مواطنينا المسيحيين الأعزاء جاء فيه: « أيها الإخوان: هذا يوم من أيام الله يختبر الله به العزائم، ويبتلى به الهمم، ويمحص به الصادقين، ويظهر فيه قول الله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾[آل عمران: 142].

هؤلاء إخوانكم الفلسطينيون البواسل وقفوا صفًا واحدًا، وقلبًا واحدًا، وكلمة واحدة، وكتلة صامدة يعاهدون الله وإخوانهم ووطنهم ألا يضعوا راية الجهاد إلا مكللة بالنصر محفوفة بالفوز، أو يموتوا دون الغاية، وفداء للوطن ومقدساته.

أيها الإخوان: ثمانمائة ألف عربي ما بين مسلم ومسيحي وقفوا يذودون عن المقدسات العزيزة والتراث الخالد، وينوبون عن مسلمي الأرض ومسيحيي الأرض فى حفظ المسجد المقدس والدفاع عن فلسطين بلد الذكريات والأنبياء، ويدفعون عنها حيف اليهود وظلم الإنجليز، ويقاومون يد الاستعمار الباطشة الفاتكة، وهم فى هذا يقومون بالواجب عنكم، ويحتملون آلام الجهاد دونكم، وأنتم جميعًا آمنون وادعون.

أيها الإخوان: إن وطنكم لا تنتهى حدوده بحدود مصر، بل تمتد إلى كل شبر أرض فيه مسلم يقول: لا إله إلا الله، وإن قلوبكم التى تخفق لمصر وتحنو عليها وتعمل لها بحكم البر بالوطن يجب أن تخفق لفلسطين، وتحنو عليها، وتعمل لها بحكم الدين والجوار والإنسانية والوطن أيضًا.

لقد وقفتم بالأمس إلى جانب الحبشة موقفًا كريمًا، فقفوا اليوم بجانب فلسطين مثل ذلك الموقف أو أسمى، فإن فلسطين ألصق بكم جميعًا وأقرب إليكم جميعًا، وقد وقع عليها من الظلم ما لا يعلم مداه إلا الله.

أيها الإخوان: إخوانكم الفلسطينيون الآن فى الميدان يجوعون ويجهدون ويخرجون ويقتلون ويسجنون فى سبيل الله وفى سبيل البلد المقدس، وهم إلى الآن فى أشرف المواقف يقومون بأمجد الأعمال، ويبدون من ضروب البسالة ما هو فوق الاحتمال والطاقة، فهم قد أعذروا إلى الله وإلى التاريخ، فإذا ضعفت هذه الحركة أو وهنت فأنتم المسئولون عن هذا الضعف وهذا الوهن، وهى جريرة يؤاخذ بها الله أشد المؤاخذة، ويحصيها التاريخ فى أسود صحائفه، فانتهزوا الفرصة وقوموا بواجبكم إلى جانب إخوانكم، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

وإن مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين، وقد أقضت هذه الحوادث مضجعه فى الوقت الذي يهيب فيه بالشعوب العربية مسلمها ومسيحيها أن يمدوا يد المعونة لفلسطين المجاهدة الباسلة يقرر ما يأتى:

    أولاً: تأليف لجنة مركزية من أعضائه لتلقى تبرعات الإخوان وإرسالها إلى اللجنة العربية العليا.
    ثانيًا: تأليف لجان فى شعب الإخوان لتلقى التبرعات وإرسالها إلى اللجنة المركزية.
    ثالثًا: شكر الشعب الفلسطيني الباسل على موقفه المشرف وتأييده فيه كل التأييد.
    رابعًا: إرسال برقية احتجاج إلى المندوب السامي بفلسطين ووزير خارجية إنجلترا وسكرتارية عصبة الأمم.
    خامسًا: دعوة سمو الأمير عمر طوسون والهيئات العاملة بمصر إلى العمل على مساعدة فلسطين.
    سادسًا: رجاء لجنة مساعدة الحبشة فى أن تحول وجهها شطر فلسطين، وأن تمدها بما بقى عندها من أموال.
    سابعًا: موالاة الكتابة تذكيرًا بالواجب نحو فلسطين، وحث التجار الذين يساعدون اليهود على التضامن مع العرب في مقاطعة المعتدين الغاصبين».

ولقد أرسل الإمام البنا برسالة إلى سعادة علوبة باشا جاء فيها: « الإخوان المسلمون يؤيدون قرارات اللجنة البرلمانية لإنقاذ فلسطين، وينتظرون عملا جديا وموقفا حازما قويا، ويضعون دماءهم وأموالهم وأوقاتهم تحت تصرف اللجنة فى سبيل فلسطين العربية المجاهدة».
الإمام البنا فى فلسطين ومعه الأستاذ سعد الدين الوليلى والدكتور مصطفي السباعي

لقد رفض الإمام البنا المحاولات التي طرحت "للتفاوض" أو "للتقسيم" بدءًا من عام 1936 – 1937م حتى عام 1947 – 1948م، ولذا فما أن اندلعت ثورة القسام عام 1936م حتى أيدها الإخوان وقاموا بدعمها مادا وإعلاميا، بل قام الإخوان بنشر كتاب (الدمار والنار في فلسطين) كشفوا فيه كل المذابح التي قام بها الإنجليز والصهاينة ضد شعب فلسطين الأعزل، وقاموا بجمع المعونات للشعب الفلسطيني تحت مسمى قرش فلسطين، ونشر القضية في كل مكان وعرفوا العالم بما يحاك لفلسطين، حتى كانت حرب فلسطين عام 1948م والتي اشترك فيها الإخوان بعدد كبير من المجاهدين والذين شهد لهم قادة الجيش المصري ومفتي فلسطين، بل الصهاينة أنفسهم شهدوا بذلك وليس أدل على ذلك من مقال كتبته فتاة صهيونية تدعى «روث كاريف» ونشرته لها جريدة« الصنداى ميرور» في مطلع عام 1948م ونقلته جريدة« المصري» لقرائها في حينه، ونحن ننقل بدورنا أهم ما جاء به من التهم ليرى القارئ مدى النجاح الذي أحرزته الدعاية اليهودية حين أقنعت حكومات أوروبا بخطورة حركة الإخوان، ودفعتها لمحاربتها بشده، قالت الكاتبة في مقالها :إن الإخوان المسلمين يحاولون إقناع العرب بأنهم أسمى الشعوب على وجه البسيطة، وأن الإسلام هو خير الأديان جميعًا، وأفضل قانون تحيا عليه الأرض كلها» ثم استطردت تصف خطورة حركة الإخوان إلى أن قالت: والآن وقد أصبح الإخوان المسلمون ينادون بالاستعداد للمعركة الفاصلة التي توجه ضد التدخل المادي للولايات المتحدة في شئون الشرق الأوسط، وأصبحوا يطلبون من كل مسلم ألا يتعاون مع هيئة الأمم المتحدة، فقد حان الوقت للشعب الأمريكي أن يعرف أي حركة هذه، وأي رجال يتسترون وراء هذا الاسم الرومانتيكي الجذاب اسم «الإخوان المسلمين».

إن اليهود في فلسطين الآن هم أعنف خصوم الإخوان المسلمين، ولذلك كان اليهود الهدف الأساسي لعدوان الإخوان، وقد قام أتباعهم بهدم أملاك اليهود ونهب أموالهم في كثير من مدن الشرق الأوسط، ويعدون الآن العدة للاعتداء الدموي على اليهود في عدن والبحرين، وقد هاجموا دور المفوضيات والقنصليات الأمريكية، وطالبوا علنًا بانسحاب الدول العربية من هيئة الأمم المتحدة.

وبعد هجوم عنيف على سماحة المفتى الأكبر وعلى فضيلة الإمام الشهيد حسن البنا ختمت مقالها قائلة:

«وإذا كان المدافعون عن فلسطين –أي: اليهود- يطالبون الآن مجلس الأمن بإرسال قوة دولية لتنفيذ مشروع التقسيم الذي أقرته هيئة الأمم المتحدة، فإنهم لا يطالبون بذلك؛ لأن الدولة اليهودية في حاجة إلى الدفاع عن نفسها، ولكنهم يريدون إرسال هذه القوة الدولية إلى فلسطين لتواجه رجال الإخوان المسلمين وجهًا لوجه، وبذلك يدرك العالم كله الخطر الحقيقي الذي تمثله هذه الحركة، وإذا لم يدرك العالم هذه الحقيقة في وقت قريب فإن أوروبا ستشهد ما شهدته في العقد الماضي من القرن الحالي إذ واجهتها حركة فاشية نازية فقد تواجهها في العقد الحالي إمبراطورية إسلامية فاشية تمتد من شمالي إفريقيا إلى الباكستان، ومن تركيا إلى المحيط الهندي».

حتى أن الهيئة التأسيسية للإخوان اجتمعت في مايو عام 1948م لدراسة حالة فلسطين ووضعها، ففي يوم الخميس 27 من جمادى الآخر 1367هـ الموافق 6 من مايو سنة 1948م، وامتد اجتماعها إلى الساعة العاشرة من مساء هذا اليوم ثم رفعت الجلسة واعتبرت مستمرة من صباح يوم الجمعة إلى قبل الصلاة.

وقد استعرضت الهيئة الموقف في فلسطين وفي مصر وناقشت التعديلات التي تقدم بها مكتب الإرشاد العام في النظام الأساسي للهيئة، واتخذت بعد ذلك قرارات منها ما يتعلق بالشأن الفلسطيني والتي كان منها:-

1-اعتبار الجامعة العربية والحكومات الممثلة فيها مسئولة عما يحدث في فلسطين ومطالبتها بالعمل السريع لإنقاذ فلسطين والاعتراف بها.

2-فتح معسكرات التدريب للمتطوعين والحصول على الأسلحة والذخيرة.

كما صدرت غير هذه من القرارات ومنها ما يتعلق بالقضية الوطنية المصرية ومنها ما يتعلق بالشعوب العربية، ونظرًا لأن هذه القرارات لصيقة بالجانب السياسي تمامًا فسنعالجها في كتابنا "الإخوان المسلمون والمجتمع المصري والدولي 1945 – 1949م" ونركز فقط على قرار الهيئة الخاص بالجماعة، حيث أقرت في البند الثامن: إقرار القراءة الأولى لمشروع تعديل النظام الأساسي للإخوان المسلمين الذي تقدم به مكتب الإرشاد العام على أن تكون القراءة الثانية بعدما أبدى من رغبات وأدخل من تعديلات في اجتماع الهيئة القادم الذي حدد له يوم الجمعة 12 من شهر رجب 1367هـ الموافق 21 مايو 1948م.

وفي البند التاسع: تكليف مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين بتنفيذ هذه القرارات وإبلاغها إلى البلاد العربية وتوحيد الجهود مع الهيئات الشعبية لتحقيق هذه الأغراض.

ولقد أظهرت الأخوات مواقف مضيئة في طريق الدعوة, ففي حرب فلسطين 1948م فقدت إحدى الأخوات ولديها في ميدان المعركة بفلسطين, فذهبت إحدى الأخوات لمواساتها، فقالت لها: "لقد شرفنا الله بشهادتهما ونحن مستعدون لإرسال أخيهم الثالث ليلحق بهما وينال ما نال من كرامة".

ومع ذلك لم يهمل الإخوان أمر اليهود الموجودين في مصر فكانوا دائما ما يطلبون منهم تحديد موقفهم من قضية فلسطين، فأرسل الإمام البنا برسالة إلى حاخام اليهود بالإسكندرية طالبه بتحديد موقف اليهود المصريين من الحركة الصهيونية، لكن كثيرا من اليهود المصريين كانوا متعاطفين مع الحركة الصهيونية، بل دعموها ماديا وجمعوا لها التبرعات، وكانت كثير من الشركات اليهودية تقوم بدعم هذه الحركة ماديا، فما كان من الإخوان إلا بالنصح لهم وتحديد موقفهم من قضية فلسطين وحينما ظلوا على نهجهم في دعم الصهاينة قام النظام الخاص بإرسال أكثر من رسالة لهم في شركة شكوريل وعدس وبنزيون وغيرها.


دعوة الإخوان في فلسطين

كل هذه الجهود التي قام بها الإخوان كانت سببا في انجذاب شعب فلسطين إلى دعوة الإخوان، وعلى رأسهم الأستاذ عبداللطيف أبو قورة بالأردن، وغيره حتى أنه اختير بعد ذلك في الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين والتي نشأت عام 1945م.

كانت ثورة القسام ودعم الإخوان لها عاملا قويا في انجذاب بعض الفلسطينيين لهذه الدعوة، ولذا افتتحت بعض الشعب فيها، ومما حصلنا عليه تبين وجود شعب للإخوان في القدس ودير الزور وحيفا قبل عام 1937م، مما يدل أن دعوة الإخوان دخلت فلسطين قبل تعرف الأستاذ عبداللطيف أبو قورة على دعوة الإخوان.

كان وضع فلسطين غير مستقر ومن ثم كان دعاة الإخوان هناك يتطبعون بالطابع الجهادي ضد محاولات المغتصب الصهيوني، فكانوا دائما في جهاد، ولقد اشترك كثير من الإخوان في جماعات الفتوة المجاهدة، وأيضا ظلت الشعب تفتح فيها، ففي أبريل من عام 1945م قام الشيخ خليل حافظ أبو غضيب بمشاركة بعض إخوانه بافتتاح شعبة في بيسان بنابلس، وفي ذلك يقول: "كانت نشأتي في البداية على الغناء وإقامة الحفلات في المقاهي؛ بسبب موهبة الصوت التي كنت أمتلكها، وكنت أتزعم الأفراح في بيسان، وأتقن تقليد "محمد عبد الوهاب".

أما في حقيقة نفسي فقد كنت أميل إلى الدين، وبداخلي شيء ما دائمًا ما يُحركني ويدفعني إلى التفكير بالابتعاد عن هذه المعاصي، وفي عام 1945م بينما كنت أسيرُ في أحد شوارع بيسان سمعت عبر الراديو عن افتتاح شعبة الإخوان في القدس، مما دفعني للتعرف على ماهية الإخوان، وتولدت لديَّ الحماسة لكي أعرف المزيد عن هذه الحركة بعد أن أصبحت شُعَب الإخوان تفتتح واحدة تلو الأخرى.

ومن خلال قراءتي للصحف وسماعي باستمرار للمذياع عرفتُ الكثيرَ عن هذه الحركة، وأصبحتُ ممن يحثُّون الناس في المسجد على افتتاح شعبة الإخوان في بيسان، وأذكر ممن كان معي في هذه الفترة من منطقة نابلس زكي المصري وعامر المصري وناظم باكير.

وبعد أن تجمَّع حولنا الكثيرُ من الناس قررنا أن نفتتح شعبة للإخوان في بيسان، وكان هذا في أواخر عام 1945م، فقمنا بالاتصال مع أحد المؤسسين النشيطين للإخوان في نابلس وهو عبد العزيز الخياط، وبناءً على ذلك أصبح الخياط يتردد على بيسان بين الفينة والأخرى، وينظم الأفراد ويشكِّل الأُسَر ويعمل على ترتيب البناء الداخلي للإخوان في بيسان، بعد ذلك قمنا باستئجار دار وأصبحت مقرًّا للإخوان، وتمَّ تعيين الشيخ محمد فخر الدين- وهو الآخر من نابلس- رئيس شعبة الإخوان في بيسان.

في هذه الأثناء كان الإخوان في مصر دائمًا ما يترددون على فلسطين ويلقون المحاضرات في الشُّعَب، وقررنا أن يتم افتتاح شعبة الإخوان رسميًّا في بيسان؛ حيث قدِم الشيخ أحمد عبد العزيز من مصر ليقود الجوَّالة الذي يطلق عليهم في هذه الأيام (الكشافة)، في استعراضٍ مهيب من يافا إلى بيسان، وكان هذا أجمل منظر في حياتي؛ حيث كانت المصاحف تتقدم الكشافة، والناس في حالة ابتهاج من روعة هذا الاستعراض.

وفي نفس العام بدأ السلاح يصلنا من الدول المجاورة، وخاصةً مصر، وأصبح أفراد الإخوان يتدربون عليه، وقامت بعضُ المجموعات بمهاجمة المستعمرات والقيام بالعمليات ضد اليهود والاستعمار، واستشهد في هذه العمليات العديد من الشبان، وكان هذا حتى عام الهجرة في سنة 1948م.

وفي عام 1947م افتتحت شعبة رفح واختير الإخوان: رشاد الشريف (نائبًا للشعبة) ومحمد حمودة صبرة (سكرتيرًا) وأحمد السنوسي علي عبد الله (مراقبًا) وعلى التليكي (أمينًا للصندوق).

كما زار الإخوان وشارك في أحفالهم الرياضية بطل فلسطين أديب دسوقي، وكان من إخوان فلسطين، وقد أقام الإمام البنا حفل تكريم له ولأبطال العرب في الملاكمة.

إستقبال الإمام حسن البنا في غزة

لقد حرص الإمام البنا على زيارة الأراضي الفلسطينية حيث سجل هذه الزيارة التي استغرقت عدة أيام الأستاذ سعد الدين الوليلي، وقد بدأ هذه الرحلة بمدينة رفح حيث فيقول سعد الدين الوليلي: في سلامة الله ورعايته أدركنا رفح بالسيارات قبيل صلاة الجمعة فإذا بها تموج بالمستقبلين وكان في النية أداء الصلاة في رفح بناء على دعوة الإخوان الكرام رشاد الشريف نائب الإخوان وعلي أحمد الكيكي أمين الصندوق.

وكمال الطيراوني المدرس بمدرسة الإخوان. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان. فلقد وصل نبأ مقدم المرشد العام إلى أهالي خانيونس. فلحقوا لاستقباله، ودعوته لتأدية فريضة الجمعة بمسجدها الكبير.

ولقد كان وفد المستقبلين مكونًا من السادة أحمد مصطفى الأغا وعيد حسين الأغا وحلمي الأغا والشيخ فهمي الأغا إمام المسجد وسكرتير الإخوان والحاج علي عليان المصري سكرتير اللجنة القومية والحاج محمد المصري وعثمان العبادلة وراغب شراب وكامل شراب والأخ صالح مصلح زعرب مساعد قائد جوالة الإخوان والحاج محمد الشاعر ونصر الله البيوك وعثمان شعت وكلهم من الإخوان وأعضاء في اللجنة القومية كما حضر الحاج حسين أبو سنة عن قضاء بئر السبع. والحق كانوا خير مستقبلين لخير قادم.

لم يرد فضيلته دعوتهم. كما لم يفته حفظه الله أن يشكر لإخوان رفح تنازلهم عن حقهم في زيارة فضيلته لدارهم ومدرستهم ومسجدهم فأصدر أمره الكريم بالتحرك إلى خانيونس. وتقدمنا المستقبلون في رتل من السيارات.

وعلى بعد بضعة كيلومترات من خانيونس استقبله العرب البواسل في سياراتهم الكبيرة بعاصفة من طلقات رصاص أسلحتهم التي أخذت تتزايد من كل جانب. وكلما اقتربنا رد عليها من تقدمنا من المستقبلين بالمثل. وكانت أشبه بمظاهرة من صنف جديد اختفى منها التصفيق والتهريج واحتبست الحناجر عن الهتافات وأخلى السبيل لنبضات القلوب المؤمنة وقد اختلطت بطلقات البنادق والثومى والرشاشة لتعبر عن عظيم فرحهم وكامل سرورهم بمقدم المرشد العام وصحبه.

وما كدنا نقترب من مدخل المدينة حتى هرعت جحافل من الشعب واحتشدت على جانبي الطريق تتقدمها طوابير نظامية من المسلمين كان فرحنا عظيمًا حينما تبينا أن معظم أفرادها من فرقة جوالة الإخوان بخانيونس التي تزيد على مائة وخمسين جوالاً وضعوا أنفسهم وأسلحتهم تحت أمر اللجنة القومية.

وأخذت هذه الكتل المتراصة والتشكيلات النظامية تحيط بالقافلة والكل يتزاحمون، كل يريد اجتلاء طلعة فضيلته. وكلما أرادوا الإعلان عن طربهم انطلقت بالأناشيد القومية حناجرهم على نغمات من موسيقى طلقات الرصاص التي تقذفها أسلحتهم بين زغاريد النساء وصياح الأطفال.

والحق يقال أن هذا الاستقبال المروع قد بعث فينا هممًا. وأثار حمية وألهب مشاعر لم نستطع التعبير عنها إلا بسيل من طلقات أسلحتنا ردًا على جميل حفاوتهم ولطيف ترحابهم.

وفي صعوبة وبطء شديدين قطعت سياراتنا الطريق إلى المسجد لازدحام الطريق بالمجاهدين الذين أبوا إلا أن يتقدموها سيرًا على الأقدام.

وبعد أداء الصلاة في جماعة، زخر المسجد بالأهالي حتى لم يبق فيه موضع لقدم ولقد كنت ترى الناس يتزاحمون على أبوابه ونوافذه بصورة أعجز عن وصفها حتى إذا غشيت الناس سكينة الخاشعين. وعلاهم وقار المؤمنين تليت آيات الذكر الحكيم.

وعلى الأثر وقف الشيخ فهمي الأغا خطيبًا فقال بعد تحية رقيقة.

أيها العرب، أيها المسلمون، نحن اليوم في رحاب الله العلي العظيم ونلتف حول رجل عظيم، وعلم من أعلام العروبة الخفاقة وزعيم من أكبر الزعماء المجاهدين. هو الأستاذ حسن البنا (الرئيس العام) لجمعيات الإخوان المسلمين في العالم. قدم إلينا. وحل ضيفًا عزيزًا علينا يقود فرقة مسلحة أعدها الإخوان المسلمون بوادي النيل فكانت أول فرقة منظمة تصل إلينا. لتدرأ عنا خطر الصهيونية. وتحمي ديارنا من الهجمات اليهودية.

فاسمحوا لي أن أقول لفضيلته باسمكم أن البلاد بلاده، ونحن أهله، وهذه الأوطان أوطانه فليتفضل مشكورًا ليخطب فينا ويتحدث إلينا ويفيض علينا من سحر بيانه وحكيم منطقه ما يقوي عزائمنا ويشق هممنا ويأخذ بناصرنا ...


كلمة الأستاذ البنا

ونهض فضيلته بين التكبير والتهليل داخل المسجد ورصاص البنادق يدوي في خارجه. فحيًاهم بتحية الإسلام وحمل إليهم سلام إخوانهم في وادي النيل الذين يحبونهم ويشاركونهم الفرح لفرحهم. والألم لألمهم ويحملون أعباء الجهاد معهم وتربطهم عاطفة الأخوة في الإسلام والعروبة.

تلك العاطفة التي لا تحجبها حدود ولا تمنعها مسافات ثم قال:

في عام 1936م عزمت على السفر إلى فلسطين واستخرجت جواز السفر. ولكن قيل لي أنه لا بد لي من تأشيرة القنصلية الإنجليزية، فثارت نفسي. واستكبرت أن أدخل وطنًا من أوطان الإسلام بتصريح بريطاني وعزمت على ألا أدخلها ما دام الأمر كذلك.

وإذا بالظروف تتغير والحوادث تتحول وشاء الله أن ندخل فلسطين بدعوة من الله تبارك وتعالى ثم استطرد فقال: ما جئت اليوم زائرًا ولكن للتشاور والتفاهم في الخطوات العملية لتنظيم القوى وتكتيل الجهود حتى نتحرر وننتصر ونفوز وإن النصر لقريب.

وبعد أن أسهب فضيلته في الحديث عن الإيمان وأوصاف المؤمنين وحذر من عواقب التفاؤل لما طرأ على القضية في مجلس الأمن. وأكد في الأذهان أنه لا حل إلا بالسيف والدم. وأهاب بمواصلة الإعداد والحرص على استكمال معدات القتال: قال:

اتركوا النتيجة لله بعد ذلك. وثقوا أن اليهود وأسلحتهم وحصونهم سوف لا تغني عنهم أبدًا ما دام الله تكفل نصر المؤمنين ثم ختم كلمته قائلاً:

ما كنت أظن أن زيارة عابرة هي للمداولة والمدارسة يكون لها هذا الأثر الكريم في نفوسكم والروعة المتجلية في استقبالكم. ولكن يظهر أن العربي لا ينسى كرمه حتى في اشد حالات المحنة. شكر الله لكم وكتب النصر لكم. وحفظ لكم بلادكم والله اكبر ولله الحمد.

وفي ميدان الجامع الكبير ، وقرب قلعة السلطان برقوق انتظم المسلحون جميعًا في طابور طويل على هيئة فصائل. وعندما توسط فضيلته الميدان. تقدم فاستعرضهم وألقى فيهم كلمة قوية أرهفت لها أسماعهم وغلى الدم الحار في عروقهم حنقًا على الاستعمار وسخطًا على الصهيونية. ثم صافح قائدهم مودعًا وشاكرًا.

ويضيف : وتوجهنا بعد ذلك إلى مقر اللجنة الذي غص بالمستقبلين من أعضائها يتقدمهم الأستاذ عبد الرحمن الفرا، وقاسم الفرا، والمختار الحاج محمد المصري، والمختار مصطفى الفرا، والمختار عيد حسن الأغا والمختار مصطفى عبد الله، وحلمي الأغا وعلي عليان المصري السكرتير الدائم للجنة حيث قدمت المرطبات.

وفي جلسة هادئة اجتمع فضيلته برؤساء لجنة حفظ الأمن، وفروع اللجنة القومية الإدارية والمالية العسكرية.

وكم كان جميلاً ومسعدًا أن تعلم أن قيادة جوالة الإخوان قد تنازلت عن دارها هذه للجنة القومية لتتخذه مقرًا لها. وهكذا الإخوان دورهم في كل مكان في خدمة فلسطين والعاملين لها.

وتناول فضيلته ومن معه طعام الغداء في دار آل المصري استجابة لدعوة الحاج محمد المصري مختارالبلدة. والأخ المجاهد علي عليان المصري.

أما طليعة الكتيبة، فقد رأي قائدها من الأنسب أن تتناول غداءها مما يعده طهاتها من طعام في مقر اللجنة.

وفي صبيحة يوم السبت من جمادي الأولى 1367هـ الموافق 20 مارس 1948م قدم إلينا مندوب من اللجنة القومية بغزة وأخبر فضيلة المرشد العام بوصول القائد العام للجبهة الجنوبية فجأة، وبرغبته في أن يتفضل فضيلته بزيارته في مقر القيادة العامة وأن يضع عربته الخاصة بسائقها في خدمة فضيلته لهذا الغرض.

وفي مكان خاص بغزة اجتمع المرشد العام بالقائد العام مهنئًا بهذا الاختيار الذي صادف أهله. وقص عليه ما شاهد وسمع ورأى من أحوال الجبهة الجنوبية، ودله على رأيه في ذلك وطلب إليه الإسراع في طلب المعدات الحربية، واستدعاء الفوج الأول من متطوعي مصر، الذي تم إعداده ليعاون كتيبة الإخوان التي تنتظر الأمر باللحاق بالطليعة التي تسلمت معسكر النصيرات. وتنظيم الجهود الشعبية حتى تثبت القيادة وجودها. وتبدأ عملها في أقرب وقت بإذن ربها.

وما إن انتهى فضيلته من هذه المقابلة حتى استعجلنا في الانتقال إلى دار الإخوان المسلمين بغزة برًا بوعده، ووفاء بعهده " إن العهد كان عنه مسئولا" وكانت مفاجأة ومنحة إلهية منحها الله إخوان غزة، فخففت لواعج شوقهم وحققت جميل حلمهم. وما أن فاح شذى خير مقدمه العاطر وتناقل الناس نبأ وصوله المفاجئ حتى خف الإخوان، وأتوا إلى الدار مسرعين في إشراق، وكان في مقدمتهم الإخوان الأساتذة فضيلة الشيخ عمر صوان رئيس الإخوان والسيد ظافر الشوا سكرتير الجماعة بغزة والسادة حسن الخضري وأحمد فوزي بسيسو وعيسى سيسالم وهجود أحمد دبابش والحاج صادق الأمزيتي، ويحيى عيسى سيسالم ونهاد الغلابيني والشيخ عثمان الطباع إمام جامع العمري الكبير وشعبان سيد الحلو والحاج صالح مرتجي خليل هاشم، وغيرهم.

كما خف لمقابلة فضيلة المرشد العام السيد علي الحلبي وكيل الصحف العربية ومراسل جريدتي الدفاع وفلسطين وهما أهم الجرائد الفلسطينية رواجًا وانتشارًا فوجه إلى فضيلته عدة أسئلة طلب إليه الإجابة عليها .

كما استقبل فضيلته السيد رشدي الشوا بك رئيس البلدية، وحاكم لوائها، والذي ما أن زف إليه نبأ وصول فضيلته حتى أقبل على الفور يعلن باسم البلدية والشعب الغزاوي عظيم أنسهم وبالغ هناءهم فعد فضيلته هذا تفضلاً منه يكل إلى الله شكره عليه.
الإمام حسن البنا و الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين

ثم يضيف: أخذ الإخوان المسلمون في غزة يهنئون الشعب الغزاوي لاغتنام لحظة وجود الإمام والاستماع فيها إلى الكلمة الجامعة التي سيلقيها فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين بعد صلاة العصر في الجامع العمري الكبير، أعتق المساجد وأخلدها ذكرًا، وأوسعها حجمًا، فقد حرصت لجنة الإخوان الإدارية حينذاك – رغم ضيق الوقت – أن تصل الدعوة إلى كافة الطبقات والبيئات والهيئات والجماعات. فطبعوا لذلك المقادير الكثيرة من الإعلانات ورقاع الدعوة. وطاف أعضاء الإخوان في مواكب صغيرة يوزعونها على الناس وجماعات أخرى قامت بدعوة الشخصيات الكبيرة وذوي المقامات الرفيعة، مخافة أن تفلت منهم فرصة الإصغاء إلى هذا القبول الجامع، والعظة البالغة، والتوجيه السديد، والخطبة الخالدة، التي سيهتز لها منبر العمري، وتتفتح لها قلوب الشعب الغزاوي.

وبعد صلاة العصر نهض الشيخ الفاضل عمر صوان رئيس الإخوان في غزة، في وقار وتقى، فحمد الله وأثنى عليه ورحب بفضيلة المرشد العام دلت على فهم الدعوة، وإيمان بالفكرة، وتقدير للقيادة، وشكر للحاضرين تلبيتهم، وحيّا فيهم إقبالهم وإنصاتهم ثم قال:

"نحن اليوم مع رجل من أولي العزم ، ذلكم هو صاحب الفضيلة الأستاذ الإمام الشيخ حسن البنا الذي قوي الله عزائمه للقيام بهذه المهمة الدينية الاجتماعية. فقد دعا وأمر ونهى فاستجيبت دعوته ولله الحمد وكان لها الأعوان والأنصار في كل الأقطار والأمصار ولا غرو فإنه يدعو إلى الله – وينهى عما نهى الله عنه – ويأمر بما أمر به الله".

وبعد أن استطرد في هذا المعنى قال " لقد تحمل فضيلته مشاق السفر في هذه الظروف العصيبة، وشرف هذا القطر العربي وقد حفت طرقه بالمخاطر والمخاوف. وعرج على هذه المدينة – مدينة هاشم بن عبد مناف مركز الحيوية في اللواء الجنوبي – ليتفقد أحوال المسلمين ويحيى المقاتلين، ويستثير همم القاعدين، ويواسي الحزانى والمكلومين من أسر القتلى المستشهدين. والجرحى المستبسلين ويقرر مشروعية الجهاد في سبيل إنقاذ فلسطين من أيدي الماكرين الخاسئين".

ثم تحدث الأستاذ البنا قائلا: "أحمل إليكم تحية إخوانكم في وادي النيل الذين أحبوكم وإن لم يروكم واشتاقوا إليكم وإن لم يلقوكم. وفي نفس الوقت يغبطونكم على أن أتاح الله لكم قبلهم فرصة العمل والجهاد، وهم جميعًا في وادي النيل يودون أن لو استطاعوا أن يكونوا معكم جنبًا إلى جنب حتى ننتصر ونفوز إن شاء الله".

"ما كان في عزمي أن أشرف بهذه الزيارة، رغم أنها أمنية ظللنا نتمناها دهرًا طويلاً وبيننا وبينكم رابطة هي أقدس الروابط ولقد كنت أحب أن أجئ جنديًا مجاهدًا ثم يكون هذا الاجتماع في مواكب النصر ولكن رب صدفة خيرٌ من ألف ميعاد".

"نحن نريد والله يريد فنفذت إرادة الله، وسعدنا بأن رأيناكم في هذه الفرصة المباركة، ونحن نشكر لإخوان غزة هذه الفرصة الطيبة التي أتاحوها لنا"

وأخذ فضيلته يبين كيف أن الإسلام نعمة؟ وكيف تعود علينا هذه النعمة؟ وكيف أن الأجانب خدعونا عنها؟ وكيف تعود إلينا هذه النعمة؟ فشبه الحقيقة الإسلامية بالحجرة تتكون من جدران أربعة، وسقف وباب:

أما الجدار الأول:

فالعقيدة السليمة وأساسها معرفة الله تبارك وتعالى وحسن الإيمان به والاعتماد عليه والإنابة إليه ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: 79].

الجدار الثاني:

العبادة الصحيحة، والوسيلة إلى ذلك مراقبة الله في القول والعمل والتزام حدوده... واحترام عهوده. ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة : 5].

والجدار الثالث:

الإخوة الكاملة، فالإسلام رباط يربط الفلسطيني بالمصري بالسوري بالعراقي ويتسامى بالألفة، ولا يقر الفرقة ويندد بالعنصرية ولا يعترف بالجنسية، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات: 10].

والجدار الرابع:

الأحكام العادلة، فالإسلام جاء للدين والدنيا معًا فكما كفل للناس النجاة في الآخرة، كفل لهم السعادة والنعيم في الدنيا.

والسقف:

الجهاد في سبيل الله، وأعلا ما في الإسلام هو الذي تشد به أركانه، فوجب إعداد جيش مستعد في البر والبحريصون أحكامه، ويحمي دولته.

﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: 11].

والباب:

الحكومة الصالحة، تحكم بما أنزل الله ، وتحفظ لكل ذي حق حقه، والحكم الصالح يحفظ أركان الإسلام وقديمًا قيل: نزلت بلد وليس فيه سلطان فارحل عنه.

﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [ المائدة : 48].

وبعد أن استطرد فضيلته الحديث عن هذه الأركان قارن بين حال المسلمين في الصدر الأول من الإسلام وبين ما هم عليه الآن فقال:

"أين نحن الآن من هذه الأركان؟ لقد فتنتنا الدنيا، ودخلت علينا بشرورها من كل جانب، فلوثت العقيدة، وعطلت العبادات، وبدلت الأحكام، وأغلق باب الجهاد، وفسد نظام الحكم، فلا عبادات ولا عقائد، ولا أحكام ولا إخوة، ولا جهاد ولا جندية، ولا حكومة إسلامية، وظللنا على هذه الحال حتى جاءت قضية فلسطين – فلسطين التي هي قطعة في صميم قلب كل مؤمن – تهوي إليها الأفئدة، وتحن القلوب وتهفو الأرواح فهي مهد المسيح وفيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، والمسلم والمسيحي يعتقدان أنها مكان مقدس يفتدى بكل شيء"

"فكانت فلسطين بما أحاط بها من ظلم هي المفتاح الذي فتح قلوب العرب فتألفت وتوحدت وتوجهت إلى الوجهة الصحيحة والغاية السليمة".

وختم بقوله: "ووصيتي في هذه الظروف الحرجة أن تخلص النيات وتتضامن وتتوحد، وتتوب وتتطهر ثم نسير إلى العمل والجهاد والقوة بقدر ما نستطيع ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139]".

وكان فضيلة الشيخ عثمان الطباع الخطيب والمدرس بالجامع العمري وناظر المكتبة ممن شهد هذا الاجتماع بوصفه نائبًا لرئيس جمعية الهداية الإسلامية فدعا فضيلته الأستاذ المرشد لزيارة المكتبة، فأجاب الدعوة، وطاف بأرجائها.

ثم يضيف الأستاذ سعد الدين الوليلي بقوله: الحق أن يوم السبت صادف التاسع من جماد الأولى سنة 1367هـ الموافق العشرين من مارس 1948م وهو اليوم الثالث لهذه الرحلة المباركة، كان حافلاً عامرًا، بارك الله في وقته فاحتشد بالمقابلات والاجتماعات وقد غصت بالناس من كل الطبقات.

فما أن انتهى فضيلة المرشد العام من إلقاء كلمته في الجامع العمري الكبير وزيارة مكتبته الخالدة حتى توجه في مجموعة من الإخوان إلى قصر الترزي، فلقد كان حريصًا أن يدعو فضيلته لتناول الشاي في داره العامرة مع نخبة من المواطنين الكرام أبناء الطائفة القبطية.

ولقد كان الأستاذ شفيق الترزي رئيس كلية غزة وأخوه وديع مديرها، مصيبين كل الإصابة حينما وجها الدعوة إلى هذه الشخصيات التي لم تكن قد تعرفت على الداعي ودعوته، والمرشد وفكرته، فانهالت عليه بالأسئلة وفضيلته كعادته يرحب بذلك ويرد عليها في صدق وصراحة وحق ومهارة، فبدد شكوكًا طالما روجها دعاة السموم. وصحح وقائع كان لها أكبر الأثر في الكشف عن سمو الدعوة ونصاعة صفحتها وطهر مقصدها ونقاء جوهرها.

وما كادت الشمس تغرب حتى كان فضيلته في طريقه إلى دار الإخوان بغزة.

وما أن استقر المقام بفضيلته حتى أدى فريضة المغرب جماعة ثم رحب بمن زخرت بهم الدار من كرام المدعوين من الأقباط والمسلمين، وخيرة أبناء الدعوة من الدعاة الهداة والمجاهدين المقاتلين الذين قاموا بمهمة الجوالة في تنظيم الحفل والاستقبال.

وكان في مقدمة هؤلاء سيادة سُليمان الرشماوي خوري رئيس طائفة الروم الأرثوذكس، والسيد رشدي الشوا بك رئيس البلدية، والسيد عبد الرءوف الخبال عميد حزب الكتلة الوطنية، والسيد موسى الصوراني بك رئيس اللجنة القومية بها مع وفد من كبار رجالاتها، والسيد وصفي عبد المجيد مراقب السلوك والخدمات الاجتماعية، والسيد عبد الكريم الشوا.

أما ضيف الشرف، فكان القائد المقدام سعادة اللواء سليمان عبد الواحد سبل الذي قدم من مصر متطوعًا لقيادة جبهة الجنوب.

وبعد قليل تولى حضرات الإخوة الشيخ عمر صوان رئيس الإخوان، والسيد ظافر الشوا سكرتيرهم، والسيد حسين الشوا والسيد يحيى سيسالم توجيه الدعوة للحاضرين لتناول الشاي فأخذ الجميع أماكنهم حول الموائد التي مدت في نظام ينم عن عقل مرتب وذوق سليم، وفن جميل.

وبعد تناول الشاي ألقى الشيخ خلوصي بسيسو سكرتير المحكمة الشرعية الكلمة الآتية في قوة بالغة وحماسة عالية: " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله والصلاة والسلام على رسول الله خير الأنبياء، وتحية وتكريمًا لأسلافنا من صحابة رسول الله والذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"

" أما بعد، فلقد أشرق في سماء الإسلام والعروبة هاد إلى الرشد وتألق من جديد داع إلى الله يجدد سنة محمد ودين الله في هذه الأرض، ليحقق فيها السلام محل ذلك الجشع والطمع والاستعمار الذي تملك قلوب هذه الدول التي ما زالت تتخبط في ظلام المادة.

ولا يمكن أن يستقر في الأرض السلام وتلك القوة الغريزية الحيوانية ما زالت تأخذ بأمتنا فلا تترك الإنسان حقه اليسير من الحرية، والقليل من المساواة".

"وإن العرب في أدوار تاريخهم وإن المسلمين في صفاتهم المشرقة لا يعرفون إلا العدل والحق والمساواة ... ومن ينكر أن الفتوح الإسلامية كانت تحمل العدل والرحمة للضعيف والمحارب؟".

يا أيها المرشد العام يا أيها الإخوان:

"إن هذا البلد العربي ليرحب بكم وفي اجتماعنا حول هذه الكلمة بما يرجا هذه الأمم على تباين أماكنها لأنها أمة واحدة ولأن مواطنيها أهل دين واحد وجنس واحد وقومية واحدة، ونحن وأنتم في هذا البلد سواء، والدفاع عنه واجب عليكم وعلينا، وأن بذل الدماء في هذه التربة التي سطر عليها تاريخنا العظيم، وضمت رفات أجدادنا الغر الميامين لأمر لازم لا نكوص عنه وكلنا معكم لهذا الفداء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثم تكلم الأستاذ البنا فقال: "أحمد إليكم الله تبارك وتعالى وأصلي وأسلم على نبي الرحمة لخير أمة، وعلى آله وصحبه، والداعين بدعوته والمهتدين بهديه، وأحييكم بتحية من عند الله مباركة طيبة".

كان من حسن حظنا، ومن سعادة غزة، ومن شرف دار الإخوان المسلمين أن نشرف جميعًا بالرجل المجاهد الغيور المؤمن سعادة القائد سُليمان عبد الواحد سيل الذي قضى حياته العسكرية رغم قواعد الضبط والرضا ورغم ما عرف عنه من شدة في هذه القواعد كأحسن ما يقضيها المؤمن المسلم لما أشربت روحه منذ نشأ بمعاني الإيمان ومعاني حسن الصلة، ومعاني تقدير الاستقامة، فكان مثالاً لها، وكانت تشع روحه بعاطفة الإيمان، فلم يعرف أنه كان قائدًا عسكريًا فقط ولكن كان كذلك مربيًا روحيًا، ومناصبه التي تولاها لم تمنعه من أن يمارس هذه الناحية فلقد كان في بيته درس أسبوعي لتفسير القرآن الكريم.

ونحن في ظرفنا هذا أحوج ما نكون إلى رجال من هذا النوع إذ لا حاجة لنا بالخطب والقول، بقدر ما نحتاج إلى الجهاد وإلى الكفاح وإلى العمل ... ولأنه لا يمكن أن يثمر كفاحنا إلا إذا كان مبنيًا على نية صحيحة، فإذا صحت نية القائد صحت نية جنده، وإذا سلمت نفس القائد سلمت نفوس جنده. ونسأل الله أن يبارك جهود سُليمان عبد الواحد سيل حتى نصل إلى الهدف المنشود إن شاء الله..."

"ومن حق أهل غزة جميعًا، أن نتقدم إليهم شاكرين لأنهم أعطونا فرصة طيبة كهذه في هذه الساعة التي نشرف فيها برؤيتكم فجاءت في خير المناسبات ولا مناسبة أشرف من مناسبة التعاون على الجهاد وتنظيم وسائله.

في الواقع إن علينا نحن العرب وعلى كواهلنا مسئوليات عظمى وأعباء كثيرة وقضايا عدة:

أما القضية الأولى: فهي قضية الكفاح في سبيل الحرية والاستقلال الصحيح فمن حظنا أننا فتحنا أعيننا في الوقت المناسب والله تبارك وتعالى ميز هذه الأوقات بما لم يميز به الأوقات الأخرى كما فضل الوطن العربي كبد الأرض بأطيب أرض وأعذب ماء وأصفى جو"

فمن الناحية المادية لا يعدله وطن، أما من الناحية الروحية، فهو مهبط الرسالات ومنبع الفلسفات ومرقد البركات من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين... ولقد ساد أهله يوم عرف العرب قيمة ذلك، ومن واجبنا أن نعمل على إرجاع هذه السيادة، وهذا الاستقلال"

"وقضية الحرية هي الآن تقتضينا الكفاح لفلسطين ولوادي النيل والعراق وشمال أفريقيا، لأن هذا الوطن جميعه يريد الحرية وإن كانت فلسطين هي قضية الساعة، ولا يمكن أن نحيا الحياة الكريمة إلا في ظل الحرية"

أما القضية الثانية:

فهي الأصل، تلكم هي قضية المبادئ والرسالات في وسط هذه الضلالات الحائرة من شيوعية لا يمكن أن تستقر وتعمر، ومن ديمقراطية لا تقدم إلى على مجرد شهوات ومجرد رد فعل بين الطبقات ومصادمات بين الأمم والشعوب. هذه الحيرة ... هذه الشيوعية... هذه الديمقراطية لا معنى لها ولا خير فيها، فإن عندنا نحن ميراث السموات وعندنا هداية الله..."

ونحن ورثنا هذا الميراث جميعًا ومن حسن الحظ أنها تهدف إلى هدف واحد لأنها تدعو إلى معرفة الله وعلى فعل الخير. ولقد جاءت هذه الأديان لتطبعنا على الخير وتدلنا إلى هذه المعرفة.

ونحن بعون الله – لا أحد غيرنا – سترد هذه الدنيا الحائرة إلى طريق المعرفة. وسندلها على الخير والمرحمة ليستقر على الأرض السلام وتقوم فيها العدالة، فنسعد أنفسنا ونسعد الدنيا معنا. ففي أيدينا قارورة الدواء، ولو وضع عِلم الغرب وفلسفته إلى جانب ما عندنا من هدى ونور لكنا عالمًا سعيدًا، يعيش في ظل الحرية والأمان.

وها هي قضية فلسطين قد جاءت، والأمل أن نشطب من حسابات التصريحات والبيانات فقد انتهى عهد المؤتمرات والاجتماعات والمداولات، ولنستفتح عهد العمل بعد أن عرفنا الطريق إليه.

ثم وجه فضيلته النصيحة الآتية: فليسمعها العرب جميعًا الملوك والرؤساء والزعماء قبل الرعايا والأفراد فالوقت وقتها وحذار أن تمر كسابقاتها دون اغتنامها فلا ينفع الندم.

"وأود من كل عربي ألا يصغي أبدًا إلى حديث الهدنة، التي يثبطون بها همم الأمة ويخدرون بها أبناءها ويفرقون بها وحدتها، بل أحب أن تتضاعف الجهود وتتكاثر القوى حتى يحق الله الحق، ويبطل الباطل، ويأبى الله إلا أن يتم نوره".

ويضيف الوليلي بقوله: وأدركنا خانيونس، واسترحنا في إدارة شركة النقل والتجارة لصاحبها الوجيه يوسف بك بامية وغادرناها إلى معسكر الإخوان قرب العريش.

واستدعى فضيلته مساعد القائد الأخ الأستاذ عبد الرحمن عبد الخالق الذي أكرمه الله بالشهادة على أسوار مستعمرة "ديروم" وأصدر إليه الأوامر بالاستعداد للتحرك بالكتيبة بعد ساعة من وصولنا العريش حيث تصل السيارات اللازمة لنقلها، فطار المجاهدون فرحًا وغادرناهم وهم يتسابقون إلى إعداد أمتعتهم وطي خيامهم استعدادًا للرحيل.

وصلنا العريش قرابة عصر اليوم، واسترحنا في دار الإخوان وفيها رتب فضيلته أمر انتقال الكتيبة، فدبر لها السيارات لركوب الأفراد واللوريات لحمل الأمتعة والأسلحة والذخائر، ووكل إلى فضيلة الأستاذ الشيخ محمد فرغلي أمر الإشراف على تحرك الكتيبة إلى ثكناتها بمعسكر النصيرات، وأوصاه بالإخوان خيرًا، ودعا الله لهم بالنصر والتأييد، ثم عادوا إلى القاهرة.


ما بعد حرب فلسطين

لقد ضيع الحكام فلسطين بعد أن تركوها فريسة للصهاينة، ولم يكتفوا بذلك بل عمدت الحكومة المصرية إلى اعتقال كل المجاهدين في أرض فلسطين والزج بهم في معتقلات الهايكستب والطور، ولم يكتفوا بذلك بل عمدت إلى اغتيال المرشد العام حسن البنا أثناء الحرب في محاولة لزعزعة قوات الإخوان في فلسطين، وكانت المحصلة ضياع فلسطين وتشريد أهلها، ومارس الصهاينة كل أنواع الاضطهاد والعنف تحت الشعب الفلسطيني الأعزل، حتى أن منظماتهم الإرهابية قامت بأكثر من عملية عنف ضد شعب فلسطين مثل مذبحة دير ياسين التي تقع غربي القدس في 9 أبريل عام 1948 على يد الجماعتين الصهيونيتين: أرجون وشتيرن.

كما قامت هذه المنظمات الإرهابية بعمل مذبحة في قرية قبية في 14/10/1953م حيث قامت وحدات من الجيش النظامي الإسرائيلي بتطويق قرية قبية (كان عدد سكانها يوم المذبحة حولي 200 شخص) بقوة قوامها حوالي 600 جندي، بعد قصف مدفعي مكثف استهدف مساكنها.

هذا غير مذبحة قلقيلية والتي وقعت في 10/10/1956م ومذبحة خان يونس والتي 3/11/1956م وغيرها من المذابح حتى يومنا هذا، وذلك بسبب الخيانة والضعف والغرور والكبرياء الذي اعترى الحكام العرب وقت الحرب عام 1948م.

ظل الإخوان في فلسطين ثابتين على مبادئهم متحديين العقبات التي واجهتهم بعد سقوط بلادهم وتشريد شعبها، يقول الشيخ محمود خليل محسن: في العام 1951 كان هناك فراغ فكري حيث كانت الشيوعية تسيطر في ذلك الوقت وعند دخول الجيش المصري إلى غزة دخل دعاة الإخوان المسلمين متسللين إلى قطاع غزة وبداوا بتشكيل خلايا للإخوان في القطاع وبالرغم من الأمر كان محذورا جدا إلا أنهم استطاعوا أن يكونوا أسرا وخلايا سرية ومع بداية دعوة الإخوان المسلمين في فلسطين انضممت إلى الجماعة تقريبا في العام 1952 على يد الشيخ إسماعيل المصري من مدينة الإسماعيلية، وقد كانت البداية بشكل سري وباسم الإسلام والدعوة إليه وليس باسم جماعة منظمة هي جماعة الإخوان المسلمين.

ثم يضيف: في بداية الدعوة كان من الصعوبة على أي شخص أن ينضم إلى جماعة الإخوان المسلمين فتتم عملية التنظيم بعد تمحيص وجلسات كثيرة ووقت طويل حتى يتم اختياره ضمن صفوف الجماعة وهذا هو سبب سريتها وقوة تنظيمها .

ويضيف: كنت أنا والشيخ أحمد ياسين والشيخ عبد الفتاح دخان والشيخ إبراهيم اليازوري والشيخ محمد النجار والشيخ حماد الحسنات وغيرهم نتدارس أمور الجماعة بشكل سري جدا في منزل الشيخ الكبير حسين المصري فكنا نتشاور ونتدارس أمورنا كأصدقاء وكأناس عاديين في الظاهر – للتمويه على أنفسنا – وليس كتنظيم للإخوان المسلمين فادا جاء احد الغرباء لزيارة الشيخ كنا لا نذكر أي موضوع يخص الإخوان أمامه فننتظر حتى مغادرته وقد كان الشيخ حسين مرجع ديني وفقهي كبير في ذلك الوقت.

ويضيف : في البداية كانت الخطب والدروس هي الأداة الغالبة للتواصل تنظيميا وللتربية وللتثقيف الديني لدى الإخوان وبعد ذلك كان إخواننا يعطوننا بعض الكتيبات الصغيرة الملخصة (20 أو 30 صفحة فقط ) حتى يسهل على الجميع قراءتها وفهمها ثم تطورت شيئا فشيئا حتى انتشرت الكتب وأصبحت متوافرة للجميع.

ويكمل حديثه عن تطور الدعوة بعد محنة الإخوان في مصر عام 1954م فيقول: انكمش الإخوان بشكل واضح وتوقف غالبية العمل التنظيمي لدى الإخوان بعد الضربات الموجعة والمؤلمة التي تعرضوا لها فكان العمل حينها سريا للغاية فلم يصمد في هذه المحنة إلا الذي كان إيمانه قوي وعقيدته راسخة واحمد الله أني صمدت ونجحت – بعون الله – في هذا الاختبار فجميع الأنشطة كانت تتم باسم الإسلام وباسم شيوخ مسلمين دون التطرق للإخوان واستمر الإخوان على هذا الحال حتى ما بعد هزيمة 1967 حيث بداوا بـلم الشمل وتجمع بعضهم وعقد اللقاءات من جديد وكان هناك ممثلين للإخوان في كل منطقة في قطاع غزة وكنت أنا ممثل للإخوان عن مدينة رفح في البداية ثم تم اختيار الشيخ عيسى النشار لأنه أكثر مني علما وأكثر قدرة على هذا العمل.

انضم الشيخ أحمد ياسين لجماعة الإخوان المسلمين وكان خطيبا مفوها مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة إبان حملة الاعتقالات التي طالت الإخوان ف مصر، وفي العام 1968م اختير الشيخ أحمد ياسين لقيادة الحركة في فلسطين فبدأ ببناء جسم الحركة، فأسس الجمعية الإسلامية ثم المجمع الإسلامي، وكان له الدور البارز في تأسيس الجامعة الإسلامية، وبدأ التفكير للعمل العسكري.


حركة حماس والإخوان

حركة حماس هي امتداد طبيعي لجماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في مصر، غير أن لها سياستها المستقلة وشئونها الخاصة داخل بلادها.

ففي عام 1983م اعتقل الشيخ أحمد ياسين بتهمة حيازة أسلحة، وتشكيل تنظيم عسكري، والتحريض على إزالة الدولة العبرية من الوجود، وقد حوكم الشيخ أمام محكمة عسكرية صهيونية أصدرت عليه حكماً بالسجن لمدة 13 عاماً ، ولكن وأفرج عنه عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

أسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من النشطاء الإسلاميين الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين تنظيماً إسلامياً أطلق عليه أسم "حركة المقاومة الإسلامية حماس" في قطاع غزة في العام 1987 وكان له دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك، والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد.

وحركة المقاومة الإسلامية (اختصار حماس) هي حركة إسلامية وطنية تنادي بتحرير فلسطين من النهر إلي البحر، وتهدف الحركة إلى استرداد أرض فلسطين التي تعتبرها الوطن التاريخي القومي للفلسطينيين بعاصمته القدس.

فمن المعروف أن الشيخ أحمد ياسين أعلن عن تأسيسها بعد حادث الشاحنة الصهيونية في 6 ديسمبر 1987م حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة جماعة الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية وهم أحمد ياسين وإبراهيم اليازوري ومحمد شمعة (ممثلو مدينة غزة)، وعبد الفتاح دخان (ممثل المنطقة الوسطى)، عبد العزيز الرنتيسي (ممثل خان يونس)، عيسى النشار (ممثل مدينة رفح)، صلاح شحادة (ممثل منطقة الشمال)، وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري ضد الاحتلال الذي أخذ مراحل متطورة.

يقول المهندس إسماعيل الأشقر:" إن حركة حماس انطلقت في بداية الانتفاضة وسميت الحركة ,باسم حركة المقاومة الإسلامية واختصرت حماس ولأنها تدرك أن أرض فلسطين أرض مغتصبة وأن أرض فلسطين وقف إسلامي وأن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير مقدساتها من الاحتلال الصهيوني الغاصب …. ويضيف قائلاً : إن الحركة هي امتداد للإخوان المسلمين وأنها الذراع العسكري للإخوان في فلسطين".

أصدرت حماس بيانها الأول عام 1987 إبان الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في الفترة من 1987 وحتى 1994، ثم صدر ميثاق الحركة في أغسطس 1988، لكن وجود التيار الإسلامي في فلسطين له مسميات أخرى ترجع إلى ما قبل عام 1948 حيث تعتبر حماس نفسها امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928. وقبلا إعلان الحركة عن نفسها عام 1987 كانت تعمل على الساحة الفلسطينية تحت اسم "المرابطون على أرض الإسراء".

وقامت حماس بالعديد من العمليات العسكرية عن طريق جناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام" وأثارت عملياتها التي تصفها بالاستشهادية جدلاً دولياً انعكس على الداخل الفلسطيني. وتقوم حماس بدور أساسي في انتفاضة الأقصى التي بدأت في سبتمبر 2000م كما كانت مشاركة في الانتفاضة الأولى في عام 1987م.

وكما جاء في بحث تحت عنوان "حركة حماس النشأة والتطور": ومن خلال قراءتنا عن الهيكل التنظيمي لحركة حماس فيتضح للباحث أن الهيكل التنظيمي لحركة حماس يتشابه مع البناء التنظيمي للإخوان المسلمين في فلسطين , فحركة حماس ورثت الهيكل التنظيمي عن الإخوان المسلمين , خاصة ذلك الشكل المتوارث في مصر والأردن إذ يقوم بالأساس علي تربية الفرد والأسرة , ومن ثم بناء الشُعب الإخوانيه وكما اعتمدت الحركة علي أسلوب التعبئة الجماهيرية لحشد الناس علي فكرة الإخوان ومفاهيمهم , وعلي تحريك الجماهير ضد الاحتلال الصهيوني.

وتعتمد حركة حماس على نظام الشورى , و كحركة إسلامية تتبع المنهج الإسلامي , وذلك من خلال مجلس الشورى الذي يتكون من 50-70 شخصاً في كافة أماكن تواجد الحركة، يقول إسماعيل الأشقر: " إن حماس هي اكبر حركة شوريه بالمفهوم العصري , ديمقراطية تؤمن بالانتخابات في مؤسساتها بشكل مطلق , لدينا مبدأ انتخابي من القاعدة إلى القمة رأس الهرم داخلياً وخارجياً وكذلك يخرج الجسم ليخرج شورى عام لهذه الحركة , ونحن نرى انه حتى هذه اللحظة تبقى العملية سرية لان الاحتلال مازال موجوداً وان هناك خطراً على مؤسسات الحركة وعلى قياداتها".

ويوجد جهاز الدعوة داخل حركة حماس ويعتبر هذا الجهاز من أهم أجهزة الحركة العامة, فجهاز الدعوة كان قبل تأسيس حركة حماس من خلال مرحلة الدعوة التي كان يقوم بها نشطاء المجمع الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين لترشيح العناصر في العمل الإخواني وقد تطور الجهاز الإعلامي مع بدايات الانتفاضة الأولي ,1987م, فهو جهاز يناط به تجنيد العناصر للحركة من خلال نشاطات الجهاز الذي يمارسها في المسجد من جلسات دينية وتثقيفية وندوات سياسية ,إضافة إلي ذلك إصدار المنشورات والمطويات والملصقات والمجلات وغيرها من أعمال إعلانية , وكانت تعقد الجلسات داخل المسجد أو خارجة , ومن خلال هذه الجلسات يتم فرز العناصر علي العمل التنظيمي كان عسكري أو أمني أو دعوة أو …الخ , والجهاز الدعوي ليس مركز للعناصر الشابة فقط ولكنه لجميع فئات المجتمع أطفال أو شباب أو شيوخ أو نساء.
قادة الحركة

ومن أشهر قادتها السياسيين:

    الشيخ أحمد ياسين
    إسماعيل أبو شنب
    خليل القوقا
    عبد العزيز الرنتيسي
    محمود الزهار
    خالد مشعل
    إسماعيل هنية
    سعيد صيام
    إبراهيم المقادمة
    حسين أحمد أبو عجوة
    حسن يوسف خليل
    موسى أبو مرزوق
    جمال منصور
    جمال سليم
    نزار ريان
    أبو أسامة عبد المعطي
    خالد أبو طوس

ومن أشهر قادة كتائب القسام:

    صلاح شحادة
    محمد ضيف
    أحمد الجعبري
    عدنان الغول
    يحيى عياش الشهير بلقب "المهندس"
    محمود أبو هنود
    عماد عقل
    ياسر الحسنات
    عبد الرحمن حماد "محمد سعيد"
    الشيخ د. نزار ريان

وحينما استشهد الشيخ أحمد ياسين أصدر الإخوان في فلسطين بيانا اكدوا فيه على هوية الإخوانية حيث جاء في البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب:23).

بيان صادر عن جماعة (الإخوان المسلمون) في فلسطين

إنا نقدم قبل الجند قادتنا ::: إلى الجنان سباقًا نحو مولانا

يا جماهير أمتنا العربية والإسلامية الكبيرة: تزف جماعة (الإخوان المسلمون) في فلسطين إلى العالم أجمع وإلى علماء الأمة وقادتها ومجاهديها فضيلة الأستاذ الشيخ "أحمد إسماعيل ياسين" رئيس مكتب الإرشاد لـ(جماعة الإخوان المسلمون) في فلسطين.

إن الإخوان المسلمين إذ يفتقدون اليوم شيخًا ربانيًا جليلاً، بلغ رسالة الدعوة وأدى أمانة الجهاد والتربية، نقف اليوم من هول الفاجعة الأليمة وعزاؤنا أن شيخنا "أبا محمد" قد نال الشهادة التي تمناها دومًا، فشيخنا "أبا محمد" الذي لم يمنعه شلل الأطراف الأربعة عن القيام بواجب الدعوة والجهاد، وعزاؤنا كذلك أن شيخنا "أبا محمد" قد ربى جيلاً من الرجال الربانيين الذين يحملون فكر و منهج الجماعة.

إن جماعة (الإخوان المسلمون) في فلسطين إذ تزف اليوم مرشدها الجليل لتؤكد على التالي:

أولاً: إن دماء الشيخ "أحمد ياسين" تؤكد أن هذا العدو المجرم لا يقيم وزنًا إلا للقوة، وإن أقدامه على قصف شيخ قعيد على كرسيه المتحرك بطائرات حربية وصواريخ أمريكية يؤكد عجزه وفشله عن مواجهة هؤلاء الرجال الربانيين.

ثانيًا: إن العدو المجرم لابد أن يعاقب على جريمته النكراء بقوة عظم الجريمة، وعليه فإن (الإخوان المسلمون) في فلسطين يسألون الله- عز وجل- أن يمكن للشعب الفلسطيني وفصائله المجاهدة من سرعة الرد على هذه الجريمة.

ثالثًا: نتقدم بخالص العزاء لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأبطال كتائب الشهيد "عز الدين القسام" المغاوير وأبناء الشعب الفلسطيني وأبناء أمتنا العربية والإسلامية وعلماء ومشايخ الأمة في هذا المصاب الجلل.. و﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.

جماعة (الإخوان المسلمون)- فلسطين
الأول من صفر 1425هـ =الموافق 22-3-2004م
-------------------------------------------------------------------------------------

المراجع

1-رسالة ماجستير بعنوان: التطورات الداخلية و أثرها علي حركة المقاومة الإسلامية، إعداد معتز سمير الدبس، كلیة الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة الأزهر- غزة -عام 2010م.

2-محسن صالح، الطريق إلى القدس، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ص184.

3-جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية.

4-مجلة الرابطة: العدد الأول -شوال 1427 هـ - نوفمبر 2006م.

5- جريدة الإخوان المسلمين اليومية العدد 719 سنة 3/ 2ذوالقعدة 1367هـ, 5/9/1948م.