نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن التأثيرات السلبية التي تنجر عن قضاء الأطفال لوقت طويل في ممارسة ألعاب الفيديو.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن الآباء يخوضون كل ليلة معركة لإجبار أطفالهم على الابتعاد عن لوحات ألعابهم إما لدفعهم لإنجاز واجباتهم المنزلية أو تناول العشاء أو الخلود إلى النوم. ولكن في معظم الحالات، يصيح الأطفال ويدخلون نوبات غضب معبّرين بذلك عن رفضهم التخلي عن وسيلة التسلية التي تشغل حيزا هاما من وقتهم.
ووفقا لمختصين في طب الأعصاب، فإن الأطفال والمراهقين لا يستطيعون التوقف عن ممارسة نشاط مثمر للقيام بأمر آخر أقل إمتاعا بالنسبة لهم. ولكن هذا لا يعني أن الطفل أضحى مدمنا على ألعاب الفيديو. وعلى الرغم من أن الخبراء أكّدوا أن الأطفال المصابين بالاكتئاب والقلق هم أكثر عرضة للانغماس في الألعاب باعتبارها آلية للتأقلم، إلا أنه من الصعب على معظم الأطفال التوقف عن اللعب بشكل عام.
وأكدت الصحيفة أنه من المهم بالنسبة للآباء فهم ما يجري في عقول أبنائهم حتى يتمكنوا من التعامل مع هذه المشكلة. وقد بيّنت نورا فولكو، الأخصائية النفسية ومديرة "المعهد الوطني لتعاطي المخدرات"، أن "ما يحدث في أدمغتنا يتمثل في وجود أنظمة تطورت للحفاظ على اهتماماتنا".
وقد أجرت فولكو أبحاثا تتعلق بأوجه الشبه بين الآثار الناجمة عن الألعاب وتعاطي المخدرات. وفي الواقع، إن إجبار طفل على التوقف عن اللعب قبل أن تتاح له الفرصة للشعور بالرضا الناتج عن إنهاء مستوى أو مهمة في اللعبة، يشبه إلى حد كبير افتكاك وجبته المفضلة من بين يده قبل إنهائها.
وأضافت الصحيفة أن الترقب المرتبط بممارسة ألعاب الفيديو يؤدي إلى زيادة مستويات الدوبامين في الدماغ بنسبة 75 بالمئة، وهو الهرمون المسؤول عن الإحساس بالمتعة والسعادة والإدمان، حسب ما ذكره كريس فيرغسون، أستاذ علم النفس بجامعة ستيتسون في ديلاند في ولاية فلوريدا. وتعتبر هذه النسبة أقل بكثير من التحفيز المرتبط بتناول المخدرات، وفقًا للبيانات التي قدّمها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات، وليس العكس.
والجدير بالذكر أن صانعي ألعاب الفيديو يعتمدون على مجموعة من المكافآت المتفرقة لضمان مواصلة الأشخاص اللعب. فعلى سبيل المثال، لا تحتوي بعض الألعاب على نهاية حقيقية، أو قد يستغرق الأمر ساعات طويلة لبلوغها.
وذكرت الصحيفة أنه في حين أن البالغين لديهم القدرة على التفكير لتجاوز اندفاع الدوبامين والانتقال للقيام بمهام أخرى أكثر أهمية، فإن الأطفال غير قادرين على ذلك، حيث أن القشرة الأمام الجبهية في الدماغ المسؤولة عن اتخاذ القرار والتحكم في الدوافع، لا تتطور بشكل كامل حتى بلوغ سن 25.
وأفادت الصحيفة بأن الخبراء يقولون إن معظم الأطفال الذين يمارسون ألعاب الفيديو لا يتعرضون لخطر الإصابة بمشكلة خطيرة مثل "اضطراب الألعاب الإلكترونية"، الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه سلوك يتسم "بصعوبة في التحكم في وقت لعب ألعاب الفيديو، وإعطاء أولوية لقضاء الوقت لممارسة هذا النشاط على حساب أنشطة أخرى ... والاستمرار أو زيادة حدة اللعب على الرغم من ظهور آثار سلبية".
كما أكد الخبراء أن وتيرة اللعب أو المدة التي يقضيها الطفل لا تعني بالضرورة إصابته بهذا الاضطراب، إذ أن أقل من نسبة 1 بالمئة فحسب من اللاعبين معرضين للإصابة بهذا الاضطراب.
ونوّهت الصحيفة بأنه بدلا من الشعور بالقلق حول ما إذا كان الطفل أو المراهق قد أصبح مدمنا على ألعاب الفيديو أم لا، يدعو الأخصائيون النفسيون الآباء إلى ضرورة معرفة ما إذا كان أطفالهم يستخدمون هذه الألعاب للتغلب على الاكتئاب أو القلق أو التوتر.
وحسب دراسة أجريت سنة 2017، تبين أن المراهقين الذين يمارسون ألعاب الفيديو بمعدل يتجاوز أربع ساعات يوميا لمدة ستة أو سبعة أيام في الأسبوع، أظهروا إصابتهم بأعراض الاكتئاب مقارنة بأولئك الذين لم يقضوا وقتا طويلا في اللعب. وفي حال تطورت المشكلة، ينبغي حينها استشارة أخصائيين نفسيين للبحث عن الأسباب الكامنة وراء هذه الحالة وعلاجها.